لا يوجد أي منطق لتحريم سماع الموسيقى التي يرقص لها طربا حتى الخيول والناس الذين حرموا علينا الموسيقى والغناء والنحت والرسم والتصوير ؛ هدفهم كما يبدو ؛ الظهور بمظهر المتدينين أمام الناس وهم في حقيقة الأمر لا يكترثون إلا بالأمور السطحية التي تظهر أمام الناس والتي ليس لها علاقة حقيقية وطيدة بالدين !! وإذا كانت الموسيقى وكان الغناء والرسم والنحت والتصوير حراما ؛ لماذا إذا لا توجد آيات لله صريحة تحرمهم ؟! الله هو المشرع ولا يمكن تحريم شيئا على خلق الله إلا بنص قرآني قطعي الثبوت وليس روايات وأحاديث حتى الصحيح منها ظني الثبوت ويقول الله تعالى في وصف كتابه : " لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ۖ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ " ثم إذا كانت هناك بعض أحاديث صحيحة تحرم الغناء ؛ فماذا عن الروايات والأحاديث الصحيحة التي تروي لنا غناء أهل المدينة في استقبال الرسول صلى الله عليه وسلم ؟! ؛ فما إن وصل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وعرف أهل المدينة بقدومه ، حتى امتلأت الشوارع بالنساء والرجال والأطفال وحملوا الدفوف وسعف النخيل وخرجوا ينشدون بين يديه نشيد طلع البدر !! وماذا عن حديث السيدة عائشة المنسوب إليها في كتاب البخاري : دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وآله وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث ، ودخل أبو بكر فانتهرني وقال : مزماره الشيطان عند النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فقال الرسول صلى الله عليه وسلم دعهما ؟! أين نهي النبي صلى الله عليه وسلم هنا عن الغناء في هذه الرواية ؟! ثم ألم يكن حسان بن ثابت الأنصاري شاعر الرسول بعد الهجرة ؟! ومن يكتب كلمات الأغاني ؛ اليسوا الشعراء ؟! ولكن مما لا شك به أن هناك تدني في مستوى الفن ؛ فعلى سبيل المثال الكليب الذي يعتمد على العري حرام ولكن الحرام بالعري وليس بالأغنية ؛ فإذا استمعت إليها في الكاسيت ؛ ما المشكلة إذا ؟! يقولون لك أن كلمات الأغاني تدعو إلى الفحشاء !! وإذا قلت لهم : أي فحشاء ؟! يقولون كلام الحب والهيام !! وأتساءل لماذا لا يؤخذ كلام الحب من الزوجة للزوج والعكس ؟! وإذا افترضنا أن بعض كلمات الأغاني تدعو إلى الفحشاء ؛ إذا يظل الحرام يخص كلمات بعض الأغاني ولا يخص الغناء والموسيقى بشكل عام !! التحريم يكون للمستوى المتدني من الفن وليس للفن نفسه !! الاستماع إلى قطعة موسيقية جميلة أو لصوت جميل ولكلمات راقية ؛ يرتقي بالذوق ويجعل الأحاسيس أكثر رقة وأقل قسوة ويجعل النفس أكثر سعادة وأقل ضجرا ومللا إما عن تحريم بعض الأحاديث والروايات المنسوبة كما يدعون للرسول صلى الله عليه وسلم للرسم والنحت والتصوير ، فمن الواضح لكل متعقل أن ذلك كان في إطار إن هذه الصور والمنحوتات والرسومات في ذلك الزمان يتم عبادتها وهذا يتنافى مع وضع المسلمين الحالي وإلا لأصبحت صورتك بالبطاقة الشخصية والمؤتمرات والحفلات حراما !! يدعي بعض الشيوخ إن المحرم من اللوحات الفنية هو ما اشتمل على رسم وتشكيل ذوات الأرواح وإن ذلك يعد كبيرة من الكبائر لأن فيه مضاهاة لخلق الله وذريعة للشرك ولذا لا تدخل الملائكة هذا البيت !!!! أرى أن الملائكة قد تمتنع من بيتٍ توجد به صورة أو تمثالا إذا كان وجود هذه الصورة أو التمثال يمثل معصية فاحشة شركيه وهذا لا يتحقق إلا بعبادة هذه الصورة أو التمثال ؛ وإلا أين المعصية ؟! وأين الفاحشة ؟! وأين الشرك ؟! وأين الكبيرة من الكبائر ؟! ثم هل من يشرك بالله ينقصه وجود تمثالا ؟! وإذا لم يعبد شخص ما تمثالا ولكنه يعتقد اعتقادا شركيا ؛ هل أصبح غير مشرك في هذه الحالة ؟! ولا أرى على الأطلاق إمكانية وجود أي مضاهاة لخلق الله كما يدعي الشيوخ الذين يحرمون الرسم والنحت والتصوير وهو ما يتضح في قول الله تعالى : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ ۚ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ ۖ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ۚ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ " [email protected] لمزيد من مقالات نهى الشرنوبي;