يوم 11 نوفمبر الماضى صدر فى وقت متزامن تقريران دوليان عن الاقتصاد المصرى ... التقرير الأول هو تقرير وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتمانى والتى قالت فيه أنها عدلت التصنيف الائتمانى لمصر من نظرة مستقبلية مستقرة إلى ايجابية رغم أنها أبقت على التصنيف الائتمانى السيادى عند مستوى (B) إلا إنها فى ذات التقرير أكدت أن تعديل النظرة المستقبلية إلى ايجابية يعكس احتمال رفع التصنيف الائتمانى لمصر خلال 2018 حال الاستمرار فى تنفيذ الإصلاحات الهيكلية وإحداث تقدم فى الإدارة الفعلية للسياسة النقدية... وفى نفس اليوم صدر تقرير من البنك الدولى يحمل عنوان «المرصد الاقتصادى لمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا» وذلك على هامش اجتماعات الخريف السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين وفيما يخص مصر توقع التقرير أن يسجل معدل النمو للعام الجارى 4.5% وهو اعلى معدل نمو وصلنا اليه خلال السبع سنوات الماضية ليرتفع فى عام 2019 إلي5.3% كما توقع التقرير أن يتراجع معدل التضخم إلى 22.1% بعد ان كان قد ارتفع الى 35% فى شهر يوليو الماضى وصولاً إلى 14% فى عام 2019. أما على مستوى التقارير المحلية فقد كشف البنك المركزى المصرى عن زيادة تحويلات المصريين العاملين بالخارج خلال شهر أغسطس 2017 لتسجل نحو 1.7 مليار دولار، وارتفاع ايرادات السياحة لتبلغ 3.5 مليار دولار خلال الشهور السبعة الأولى من عام 2017.. وفى نفس الاتجاه أعلنت وزارة المالية عن تراجع عجز الموازنة إلى 9.5% خلال الفترة من يناير إلى أكتوبر 2017 مع توقعات بمزيد من الانخفاض. بعد هذا الاستعراض للمؤشرات الدولية والمحلية والتى تتسم كلها بالايجابية والإشادة بنتائج برنامج الإصلاح الاقتصادى فإن ذلك يجعلنا نشدد على عدة عناصر يجب الأخذ بها خلال الفترة القادمة لضمان استمرار تحسن الاداء الاقتصادى وهى تتضمن العمل على عدة محاور. الأول : التفاؤل فهذه البيانات يجب التوعية بها ونشرها على أوسع نطاق لإشاعة روح التفاؤل بين المستثمرين والمستهلكين على السواء .. الثاني: الاستمرارية بمعنى التمسك باستكمال تنفيذ كافة عناصر البرنامج الاقتصادى المصرى بحيث لا يكون التفاؤل مصدرا للكسل أو الرجوع خطوة للخلف أو حتى التوقف بقصد التمهل فوفقاً للتجارب السابقة فى الثمانينيات والتسعينيات أدى تحقيق بعض النتائج الايجابية إلى توقف غير مقصود لعمليات الإصلاح انتهت إلى فشلها فشلاً ذريعاً وهو ما يعتبر من أسباب تفاقم الأزمة الراهنة واللجوء إلى هذه الإجراءات المريرة ضمن البرنامج الإصلاحى الراهن... الثالث: الحماية الاجتماعية من خلال تسريع وتيرة برامج الحماية الاجتماعية بكافة أشكالها بحيث يصبح المجتمع شريكاً فى جنى الثمار من ناحية ويصبح للعوائد الاقتصادية دور فى رفع العبء عن الطبقات الكادحة ومحدودى الدخل وخاصة القوانين ذات الشعبية الواسعة مثل قوانين التأمين الصحى الشامل والحد الأدنى للأجور وبرامج الدعم والمساندة للأسر الأكثر احتياجاً وبرامج الإسكان الاجتماعى وغيرها من البرامج التى يجب زيادة وتيرة العمل فيها بالتزامن مع تسريع وتيرة الإجراءات الإصلاحية... الرابع: التوازن بالابتعاد عن منطق المراهنة غير المحسوبة من خلال تفعيل مبدأ التوازن الفعال وأقصد هنا التوازن بين التمسك باستكمال إجراءات البرنامج من ناحية وحماية محدودى الدخل من ناحية ثانية والحرص على توزيع عوائد النمو بحيث تستفيد بها كافة الشرائح الاجتماعية من ناحية ثالثة... ورغم احترامى وتقديرى لأدوار كافة الأطراف فإنى مازلت مصراً على أن البطل الحقيقى فى تحقيق هذا النجاح هوالمواطن المصرى الذى استطاع بصبره وقوة تحمله طوال الفترةالماضية أن يكون ظهيراً قوياً لما يجرى من إصلاحات وتحمل أعبائها من ارتفاعات فى أسعار السلع والمنتجات وظروف معيشية قاسية وكذلك فإنه يحتاج إلى تقدير هذا المجهود والى جنى ثمار هذا الصبر من خلال المشاركة فى عوائد النمو ونتائج الإصلاح وفى التعامل معه بما يستحقه من احترام وثقة من خلال انتهاج مبدأ المصارحة والمكاشفة لحقيقة الأوضاع بمرها قبل حلوها وبصعابها قبل حسناتها بما يحافظ على السند الاجتماعى والظهير الجماهيرى الذى يضمن الوصول لاستقرار اقتصادى مستدام على المدى الطويل..