بهذه الآية الكريمة وصف رب العالمين محمدا صلى الله عليه وسلم والذى ولد فى فجر يوم الاثنين الموافق الثانى عشر من ربيع الأول، والثانى والعشرين من شهر أبريل عام 570 ميلادية فى عام الفيل, وهو العام الذى حاول أبرهة الأشرم غزو مكة وهدم الكعبة، ويقول صلى الله عليه وسلم عن نسبه إلى سيدنا إبراهيم عليه السلام: «إن الله عز وجل اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل، واصطفى من ولد إسماعيل كنانة، واصطفى من بني كنانة قريشًا، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم». كان صلى الله عليه وسلم قبل الإسلام يرفض عبادة الأوثان والممارسات الوثنية التي كانت منتشرة في مكة فلقد صانه الله وحماه منذ صغره، وطهره من دنس الجاهلية ومن كل عيب، ومنحه كل خُلقٍ جميل، حتى لم يكن يعرف بين قومه إلا بالصادق الأمين. كُلّف صلى الله عليه وسلم بالرسالة وهو ذو أربعين سنة، أمر بالدعوة سرًا لثلاث سنوات، قضى بعدهنّ عشرا أُخَرى في مكة مجاهرًا بدعوة أهلها، وقد أدى أمانة ربه أفضل ما يكون الأداء فعندما قال له عمه أبو طالب «اكفف عن قومك ما يكرهون من قولك» طالبا منه بأن يوقف دعوته لأهل مكة،. فقال محمد كلمته المشهورة «يا عمّ، لو وُضعت الشمس في يميني، والقمر في يساري، ما تركتُ هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك في طلبه». ثم حاولت قريش مرات كثيرة بعرض المال عليه والزعامة، لكن محمدًا كان يرفض في كل مرة. وفى السنة العاشرة للبعثة، حزن النبي محمد صلى الله عليه وسلم على فقدان عمه ابى طالب وزوجته خديجه وأوذى إيذاء شديدا فى الطائف حتى سمّى ذلك العام ب «عام الحزن» و بعد رحلة الطائف حدثت للنبي محمد رحلة الإسراء والمعراج فقيل إنها كانت ليلة 27 رجب بعد البعثة بعشر سنين,فنزل في المسجد الأقصى، وصلّى بجميع الأنبياء إمامًا، ثم عُرج به إلى فوق سبع سماوات وانتهى إلى سدرة المنتهى ورأى الجنة والنار. وفُرضت عليه الصلوات الخمس. ثم هاجر الى المدينة فدخلها يوم الجمعة 12 ربيع الأول، سنة 1 هجرية، وعمره يومئذ 53 سنة وعندما دخل المدينة مهاجرا من مكة قال فى أول خطبة له ايا «أيّها الناس، أفشوا السّلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلّوا والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام». داعيا الناس الى نشر الرحمة بينهم، ونظّم محمد صلى الله عليه وسلم العلاقات بين سكان المدينةالمنورة، وكتب في ذلك كتابًا اصطلح عليه باسم دستور المدينة أو الصحيفة، واستهدف هذا الكتاب توضيح التزامات جميع الأطراف داخل المدينة من مهاجرين وأنصار ويهود، وتحديد الحقوق والواجبات، كما نص على تحالف القبائل المختلفة في حال حدوث هجوم على المدينة. وعاهد فيها اليهود وأقرّهم على دينهم وأموالهم. وقد احتوت الوثيقة 52 بندًا، 25 منها خاصة بأمور المسلمين و27 مرتبطة بالعلاقة بين المسلمين وأصحاب الأديان الأخرى، ولا سيما اليهود وعبدة الأوثان. فعاش فيها عشر سنين أُخرى داعيًا إلى الإسلام والمعجزة التى تحدّى بها الناس هي القرآن. أسس صلى الله عليه وسلم بالجزيرة العربية نواة الحضارة الإسلامية، ووحَّد العرب لأول مرة على ديانة توحيدية ودولة موحدة، ودعا لنبذ العنصرية والعصبية القبلية ولنشر الرحمة بين الناس.. وكان صلى الله عليه وسلم أشجع الناس وأعف الناس وأكثرهم تواضعاً يقبل الهدية ويكافئ عليها، ولا يقبل الصدقة ولا يأكلها، ولا يغضب لنفسه، وإنما يغضب لربه، يجالس الفقراء والمساكين ويعود المرضى, ويمشي في الجنائز، وغزا وقاتل هو وأصحابه، فكان عدد مغازيه التي خرج فيها بنفسه 27 غزوة، قاتل في 9 منها بنفسه، وفي تلك الغزوات كلّها لم يقتل محمدٌ بيده قطّ أحدًا , وعند فتح مكة خاطب قريشًا فقال «يا معشر قريش ما ترون أني فاعل بكم؟» قالوا اخيرًا، أخ كريم وابن أخ كريم«، فقال افإني أقول كما قال أخي يوسف: لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين، اذهبوا فأنتم الطُلَقَاءب وكان صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وأصدقهم لهجة، وألينهم طبعاً، وأكرمهم عشرة، قال تعالى: وَإنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظيمٍ [القلم:4]. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أنا أول الناس يشفع يوم القيامة، وأنا أكثر الأنبياء تبعاً يوم القيامة، وأنا أول من يقرع باب الجنة». وكان محمدٌ يقول اأنا دعوة إبراهيم، وكان آخر من بشّر بي عيسى ابن مريم». ، قال ايضا «أنا رسولُ من أدركتُ حيًا، ومن يولد بعدي»، اى بُعث للناس كافة.تُوفي صلى الله عليه وسلم وهو يقول ابل الرفيق الأعلى من الجنة»، وكان ذلك ضحى يوم الإثنين ربيع الأول سنة 11 ه، وقد تّم له 63... هذه مقتطفات قليلة من سيرة سيد الخلق وخاتم المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. لمزيد من مقالات د. محمد رضا عوض