الدولار يحافظ على استقراره أمام الجنيه في البنوك المصرية خلال تعاملات اليوم الجمعة    وزير المالية: ندعو الشركات الكورية لزيادة وتنويع أنشطتها الاستثمارية في مصر    مزاد علني لبيع محال تجارية ووحدات إدارية بحدائق أكتوبر    وزير العمل يصدر قرارًا بشأن تحديد الأعمال المتقطعة بطبيعتها التي يجوز فيها تواجد العامل أكثر من 10 ساعات ولا يتجاوز 12 ساعة يوميًا    مروحيات الاحتلال تفتح نيران رشاشاتها تجاه بلدة قباطية جنوب جنين بالضفة    مصر ضد جنوب أفريقيا.. ليفربول يوجه رسالة ل محمد صلاح بعد تأهل الفراعنة    مصر ضد جنوب أفريقيا.. ماذا قال محمد الشناوي بعد الفوز بجائزة أفضل لاعب    إصابة شخص إثر سقوطه من الطابق الثالث أثناء تركيب ستارة بلكونة بالغربية    بالصور.. كواليس مسلسل «مناعة» بطولة هند صبري | رمضان 2026    تصعيد جوي إسرائيلي متواصل.. غارات تمتد من جنوب لبنان إلى الهرمل    وزير التعليم العالي يفتتح استوديو جامعة بورسعيد بتكلفة 21 مليون جنيه    اللجنة الطبية العليا والاستغاثات تؤمّن ماراثون زايد الخيري بمنظومة متكاملة واستجابة فورية للطوارئ    مؤتمر جوارديولا: انتصرنا في 7 مباريات متتالية لكننا لسنا في وضع جيد    انطلاق الامتحانات العملية لطلاب برنامج الصيدلة الاكلينيكية بجامعة القاهرة الأهلية    15 ألف جنيه مخالفة تلويث الطريق العام.. العقوبات والغرامات في قانون المرور الجديد    الحكم على رمضان صبحي ومها الصغير والمتهمين بسرقة أسورة أثرية.. أبرز محاكمات الأسبوع المقبل    وزير التعليم العالي يفتتح استوديو جامعة بورسعيد بتكلفة 21 مليون جنيه.. صور    بالصور.. كواليس مسلسل «تحت الحصار» بطولة منة شلبي | رمضان 2026    وزارة العدل الأمريكية تكشف عن أكثر من مليون وثيقة مرتبطة بقضية جيفري إبستين وتأجيل الإفراج الكامل يثير جدلاً    ياسر ثابت: تحييد أوكرانيا والعلاقة مع الناتو أبرز عقد التسوية المحتملة للحرب    الداخلية تنفي ادعاءات مرشحة بالجيزة    أوقاف الفيوم تفتتح مسجد الرحمة ضمن خطة وزارة الأوقاف لإعمار بيوت الله    ضبط مناديَي سيارات لارتكابهما أعمال بلطجة بساحة انتظار بالجيزة    الداخلية تكشف ملابسات فيديو ظهور خيول داخل فناء مدرسة بالجيزة    قطع الكهرباء والمياه 5 ساعات في مطاي بسبب الصيانة    محافظة سوهاج: جاهزية 550 مقر انتخابي و586 لجنة فرعية لإجراء انتخابات الإعادة لمجلس النواب ديسمبر 2025    الصحة تطلق قافلة طبية بدمياط الجديدة وتقدم خدمات مجانية لأكثر من 1400 مواطن    وزيرا التعليم العالي والأوقاف يفتتحان مستشفى جامعة بورسعيد بتكلفة مليار جنيه    رسميا.. أحمد سامي مديرا فنيا لمودرن سبورت    محافظ الجيزة: انطلاق 36 قافلة طبية علاجية بالمراكز والمدن بدءًا من 2 يناير    عميدة طب بنات الأزهر في حفل تخرج الوافدين: كونوا نبراسًا للرحمة ببلادكم    إصابة مواطنين إثر انقلاب سيارة ربع نقل على صحراوى جنوب الأقصر    مراسل القاهرة الإخبارية: تفجير مسجد الإمام سبب ذعر المصلين أثناء صلاة الجمعة    «تكنولوجيا وقيادة وإدارة».. «الري» تؤسس جيلا جديدا لإدارة منظومة المياه    كوريا الشمالية تعلن خطة لتوسيع إنتاج الصواريخ وتعزيز قدراتها العسكرية في 2026    رئيس وزراء السودان: اللقاءات مع الجانبين المصري والتركي كانت مثمرة    الصورة الأولى للفنان محمود حميدة بعد مغادرته المستشفى    بعد 25 عاما.. إنعام محمد علي تكشف أسرار اختصار مسلسل أم كلثوم في 4 سهرات    خشوع وسكينه..... ابرز أذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    اتحاد السلاح يستعين بخبير بولندي لتبادل الخبرات الفنية في سلاح السيف    النقل تناشد المواطنين المشاركة لمنع ظاهرة رشق الأطفال للقطارات بالحجارة    ضبط 5 طن دقيق مجهول المصدر وتحرير 214 محضر تمويني بالمنوفية    خطوات هامة لسلامة المرضى وحقوق الأطباء.. تفاصيل اجتماع اللجنة العليا للمسئولية الطبية    دعاء أول جمعة في شهر رجب.. فرصة لفتح أبواب الرحمة والمغفرة    خناقة في استوديو "خط أحمر" بسبب كتابة الذهب في قائمة المنقولات الزوجية    القاهرة الإخبارية: غارات مفاجئة على لبنان.. إسرائيل تبرر وتصعيد بلا إنذار    هيئة الدواء: هذه الأخطاء الشائعة في استخدام الأدوية تهدد صحتك    «شيمي»: التكامل بين مؤسسات الدولة يُسهم في بناء شراكات استراتيجية فعّالة    وزارة الخارجية ووزارة الاتصالات تطلقان خدمة التصديق علي المستندات والوثائق عبر البريد    باكستر: جنوب إفريقيا فرصتها أكبر في الفوز على مصر.. ونجحت في إيقاف صلاح بهذه الطريقة    موعد مباراة المغرب ومالي في أمم أفريقيا 2025.. والقنوات الناقلة    قوات الاحتلال تعتقل فلسطينيين وتغلق بوابات لعرقلة المرور    تحذير رسمي من وزارة الزراعة بشأن اللحوم المتداولة على مواقع التواصل    مدير دار نشر: معرض القاهرة للكتاب لا يزال ظاهرة ثقافية عالمية    مجلس جامعة القاهرة يعتمد ترشيحاته لجائزة النيل.. فاروق حسني للفنون ومحمد صبحي للتقديرية    الكومي: صلاح أنقذ مصر أمام زيمبابوي.. وهدفنا صدارة المجموعة    الإفتاء تحسم الجدل: الاحتفال برأس السنة جائزة شرعًا ولا حرمة فيه    وفاة الزوج أثناء الطلاق الرجعي.. هل للزوجة نصيب في الميراث؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حتى نستأصل شجرة الإرهاب من جذورها
نشر في الأهرام اليومي يوم 29 - 11 - 2017

الإرهاب شجرة قديمة عتيقة تترعرع حين تجد التربة الملائمة لنموها وازدهارها وتذبل وتخبو حين ينقطع عنها المدد لكنها تعود مرة أخرى حين تجد من يرويها, شجرة الإرهاب أضحت تنمو فى كل بقاع العالم دون استثناء فى شرقه وغربه وسرطان يتغلل فى جسد البشرية.
فالموجة الحالية من الإرهاب والتى شهدها العقد الأخير أشد فتكا وشراسة عما سبقها من موجات, فالقاسم المشترك لكل التنظيمات الإرهابية هو القتل وبأكبر عدد من البشر, عبر الأهداف الرخوة وهو استهداف المدنيين العزل وبأسلحة بسيطة, ما بين استخدام الشاحنات لدهس وقتل العشرات أو عملية انتحارية يقوم بها فرد لتوقع المئات أو قتل مدنيين عزل كما حدث فى مسجد الروضة ببئر العبد. كما أن القاسم المشترك فى غالبية ردود الأفعال عقب كل عملية إرهابية أنها تصب فى اتجاه واحد وهو تقليم أوراق الشجرة دون استئصال جذورها لتعود من جديد.
تنمو شجرة الإرهاب في تربة تغذيها لعبة المصالح والتوظيف السياسى من جانب دول كبرى استخدمت تلك التنظيمات لخدمة أجنداتها وتحقيقها أهدافها فى تفتيت الدول وتقسيمها, تحت مظلة التغيير والثورات والديمقراطية كما حدث فى سوريا والعراق وليبيا واليمن واستغلت بيئة الاستبداد فيها ليكون البديل هو الخراب والدمار عبر إزكاء الصراع العرقى والطائفى والدينى. فرضية التغيير عبر العنف لا يمكن أن تنجح, فالتغيير السلمى دائما هو الأنجح والأقل تكلفة. وما كان يمكن لشجرة داعش وأخواتها من عشرات التنظيمات الإرهابية أن تنمو وتصعد لولا وجود من يتبناها ويرعاها ويمدها بالذرائع الوهمية تحت فكرة التغيير وتزويدها بالتمويل وأحدث الأسلحة الفتاكة ذات التكلفة المنخفضة فهى لا تحتاج طائرات أو مدرعات أو صواريخ لكى تمارس الإرهاب يكفى سلاح آلى لقتل العشرات فى لحظات. وعندما أصبحت الدول الكبرى, التى دعمت وتغاضت عن هذه التنظيمات, فى مرمى إرهابها انقلبت عليها مما أدى لذبول شجرة داعش فى العراق وسوريا.
شجرة الإرهاب يغذيها تطويع الدين لتحقيق أهداف ومآرب سياسية, فهذه التنظيمات تدرك جيدا مكانة الدين والتدين لدى الإنسان العربى, فترفع شعارات إقامة الشريعة وتطبيق أحكامها لتستقطب آلاف الشباب البائس اجتماعيا والمحروم اقتصاديا, وتحولهم لأدوات للقتل والدمار. وقد نزع حادث قتل المصلين الآمنين فى مسجد الروضة بالعريش الغطاء الوهمى عن تلك الجماعات وأكد فرضية أن الدين براء منها, وأنها وظفته لتحقيق مآرب سياسية وخدمة أجندات غربية ووسيلة للاستيلاء على السلطة, بل أن الدين الإسلامى يعيش فى محنة حقيقية بسبب هذه التنظيمات الجهادية, التى شوهت صورته كدين حنيف جاء رحمة للعالمين وساد وانتشر بقيمه السمحة الوسطية, لتجعله فى أعين الكثيرين رمزا للقتل والذبح والإرهاب.
شجرة الإرهاب لن تذبل وتموت وتستأصل جذورها إلا فى تربة الديمقراطية والحرية والمواطنة الحقيقية التى تستوعب التعددية الطائفية والدينية واللغوية والعرقية وتحولها لعامل ثراء وتكامل وليس للتطاحن والصراع, وإحلال ثقافة التسامح والتعايش بدلا من ثقافة الكراهية والانتقام. تربة يلعب فيها الدين دوره الصحيح كما أراده الله عز وجل فى نشر الفضيلة والخير وإعمار الأرض والتعايش بين كل البشر باعتبارهم كلهم أولاد أدم وإخوة فى الإنسانية, كذلك فك إشكاليات التعارض بين الدين والعلم وتأكيد التكامل بينهما. تربة تكون فيها الدولة الوطنية ومؤسساتها الأمنية والاقتصادية والإدارية قوية, ويسود فيها الانتماء الوطنى الجامع لكل الأطياف وتتراجع فيها الانتماءات الفرعية الدينية والجهوية والعرقية. شجرة الإرهاب لن تذبل إلا بتسوية حقيقية سلمية للمشكلات والصراعات فى المنطقة خاصة فى سوريا وليبيا واليمن والعراق وترتكز على حلول سياسية شاملة تستوعب الجميع وعدالة انتقالية تحاسب كل من تلوثت أيديهم بالدماء, ومصالحة وطنية تعيد اللحمة مرة أخرى إلى النسيج المجتمعى, ووقف كل أشكال التدخلات الخارجية التى أزكت نار الصراع والاستقطاب فيها وأن تنفض الدول الكبرى والإقليمية كإيران وغيرها يدها عن التدخل فى شئون الدول العربية. شجرة الإرهاب لن تذبل إلا بتوافر النوايا المخلصة من جانب الدول الكبرى برفع يدها عن رعاية التنظيمات الإرهابية, أن يكون هناك تعاون مخلص وجاد بين كل الدول ورغبة صادقة فى القضاء على الإرهاب وتجفيف منابعه ومصادر تمويله وعدم احتضان عناصره. شجرة الإرهاب لن تذبل إلا بتنمية حقيقية وعدالة اقتصادية لملايين الشباب الباحث عن العيش الكريم حتى لا تتلقفه التنظيمات الإرهابية بوعود براقة وزائفة. شجرة الإرهاب لن تذبل إلا بمواجهة شاملة عسكرية وفكرية واقتصادية وثقافية, وتطوير آليات المواجهة الأمنية لتعتمد أكثر على الجانب الاستخباراتى والمعلوماتى ومعرفة هذه العناصر وتكوينها وشبكاتها العنكبوتية ومصادر تمويلها وتوجيه الضربات الاستباقية الحازمة لها قبل أن تقوم بعملياتها, وأهمية المواجهة المجتمعية بعد أن أصبح المجتمع كله هدفا لها.
مهما توحشت شجرة الإرهاب فإن مصيرها لزوال ولن ينجح بضع عشرات الآلاف من الإرهابيين فى الانتصار على الدولة ولا على مليارات البشر المسالمين الذين يبتغون الحياة فى مواجهة ثقافة الموت والخراب, لكن هذا لن يتحقق إلا باستئصال الشجرة من جذورها وليس مجرد تقليم أوراقها.
لمزيد من مقالات د.أحمد سيد أحمد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.