ساعات ويختتم مهرجان القاهرة السينمائى الدولى فعاليات دورته ال 39 ليبدأ الاستعداد لاستقبال عامه ال 40 بعد معاناته طوال عامين من ضعف الإدارة و سوء التسويق له على المستوى الدولى مما أنعكس على مستوى أفلام المسابقة الرسمية، التى اتسمت بضعف الرؤية الفنية فى بعض الأفلام، وعدم تمكن المخرجين من أدواتهم فى بعض الأفلام الأخري، مما كشف سوء اختيار لجنة المشاهدة للأعمال المشاركة، أو أنهم كانوا أمام الأختيار بين أفضل الأسوأ. وتأكد ذلك فى خروج الكثيرين من مشاهدى أفلام المسابقة الرسمية أثناء عروض الأفلام فى حفلتى الثالثة عصرا، السادسة مساء، وامتعاض لجنة التحكيم أثناء المشاهدة، بل وخروج غالبية أعضائها من الفيلم الأذرى «بستان الرمان».. الذى اعتمد مخرجه على الإيقاع الشديد الهادئ لحد الملل ليعبر عن الحالة النفسية للأب مالك البستان، ابنه، زوجة الابن، الحفيد، وإن كانت لغته السينمائية مزيجا بين الواقعية الشديدة، والتشكيلية التى استخدم بها المناظر الطبيعية الموجودة بأذربيجان. تشابه معه الفيلم الهندى « راديو « الذى اعتمد مخرجه على إبراز المناظر الطبيعية فى تناوله للعائلة الريفية التى سرق منها الراديو وتبحث عنه بضراوة حتى تجده، لنكتشف أن الراديو هو أهم شئ لديها. وكان هذا الفيلم محط اندهاش وتساؤل لماذا لم يأتى القائمون على المهرجان بأفلام هندية قوية أسوة بالمهرجانات الدولية الأخري؟ أما الفيلم الفرنسى « قلبى المخدوع » فكشف معاناة لارنست بعد وفاة زوجته التى كانت تمثل له الحياة فقد احبها حبا كبيرا وبوفاتها فى حادث أمر مساوى بالنسبة له فقد انتهت الحياة بنهايتها لكن زيارة والدها له اصابته بدهشة فيكتشف فى لحظة أنه لا يعرف أى شئ عن ماضيها الأمر الذى دفعه إلى البحث عن سبب وفاتها ليكتشف فى النهاية أن احمر شفاه هو الذى أودى بحياتها من خلال صورة رائعة استطاع مخرجو الفيلم إظهار الإبعاد النفسية لجوانب الشخصيات فقد أدى شخصية بول كما كانت تحب أن تناديه الزوجة ببراعة شديدة حيث الصراع الداخلى الذى أصبح يرافقة بعد وفاة زوجته وبين رحلة البحث عن ماض لا يعرف عنه شئ فقد تقبل بعدالصدمة ببراعة تمثيلية شديدة حيث إنها الحياة والحياة هنا قد انتهت. وبين مقاومته للصمود والبحث عن انتهاء تلك الحياة. العنف على مستوى الندوات شهدت الفعاليات ندوة مناهضة العنف ضد المرأة، وأدارتها الناقدة ماجدة موريس، بحضور يسرا الرئيس الشرفى للمهرجان، الفنانة إلهام شاهين، تيل هوكيينز السفير الأسترالى بالقاهرة: د. مدحت العدل، عاطف بشاى ومريم نعوم، ودكتورة رانيا يحيى مندوبة عن رئيس المجلس القومى للمرأة، الفة السلامى مندوبة عن د. غادة والى وزيرة التضامن الاجتماعى وعزة كامل رئيسة إحدى المؤسسات المناهضة للعنف ضد المرأة وعلاء عابد رئيس لجنة حقوق الإنسان فى مجلس الشعب بالاضافة إلى يوسف شريف رزق الله المدير الفنى لمهرجان القاهرة السينمائي، وبدأتها يسرا قائلة :«ما يقدم على الشاشة سواء فى السينما أو التليفزيون من عنف ضد المرأة لا يمثل إلا نسبة ضئيلة مقارنة بما يحدث على أرض الواقع» . من ناحيته هاجم السيناريست مدحت العدل المجتمع بأسره قائلاً: «لا يمكن فصل ما يحدث للمرأة من عنف وغيره عن الطريقة التى يفكر بها المجتمع نفسه، فالشباب الذى يتحرش بالفتيات هو نفسه الذى يصلى ويصوم، مما يعكس حالة الازدواج التى تعترى الشخصية والمجتمع بأكمله، وهى الحالة التى ينبغى علينا أن نضعها أمام أعيننا؛ أما السيناريست مريم نعوم فهاجمت السيدات أنفسهن بسبب تنشئتهن الخاطئة لأولادهن ما يربى لديهن نزعة التمييز ضد المرأة، وتبنى العنف الموجه ضدها، من خلال القول إن الولد أعلى مقاماً من البنت، واستهل علاء عابد رئيس لجنة حقوق الإنسان بإعلان قيامه بتبنى مشروع قانون يهدف إلى تغليظ عقوبة العنف ضد المرأة، واستطرد قائلا ..»العنف ضد النساء ليس التحرش فقط، وإنما تندرج تحته أفعال كثيرة أهمها التمييز فى الوظائف وزواج القاصرات والحرمان من الميراث فى بعض قرى الصعيد والوجه البحري». من ناحيته بدأ نيل هوكينز السفير الأسترالى بالقاهرة كلمته بالتنديد بالحادث الارهابى الأخير، وقدم العزاء للشعب المصرى ثم انتقل إلى شجب جميع أشكال العنف ضد المرأة، وقال .. «مع الأسف فإن العنف ضد المرأة موجود فى العالم كله، ففى أستراليا تقتل امرأة أسبوعياً على يد رجل، وهناك خطة قومية فى أستراليا للقضاء على جميع أشكال العنف ضد المرأة»، وانتقل لمصر وقال «مفتى الجمهورية دكتور شوقى علام جرم بشدة ختان الإناث وقال إنه حرام شرعاً». أما الفنانة إلهام شاهين فقد حرصت على توجيه العزاء فى شهداء الحادث، وقدمت التعازى للسيدات اللائى فقدن رجالهن فى الحادث، ثم انتقلت لموضوع الندوة قائلة ..»على مدار سنوات طويلة تناولت قضايا مختلفة للكثير من أشكال العنف ضد المرأة، مثلما فعلت فى فيلم «لحم رخيص»، الذى رصد قضية على جانب كبير من الخطورة، هى ظاهرة تزويج الفتيات القصر للكهول ، ووجهت اللوم للقانون والإعلام اللذين يسهمان بشكل غير مباشر فى ترسيخ الفكر الغريب الذى يصب فى صالح العنف الموجه للمرأة. أما د. رانيا يحيى ممثلة المجلس القومى للمرأة أوضحت أن ظاهرة تفاقم حالات العنف ضد المرأة تزيد بشكل مطرد، مؤكدة أن هناك ما يقرب من 7 ملايين و800 ألف سيدة يتعرضن للعنف، و300 ألف طفل يعانون من الكوابيس بسبب العنف داخل الأسرة، و16 ألف فتاة تتعرض للتحرش الجنسى فى أماكن مختلفة، و113 ألف طفل يتغيبون عن المدارس بسبب العنف الموجه ضدهم فى المنزل، واختتمت حديثها قائلة..»نعمل فى المجلس على مخاطبة اللجنة التشريعية بمجلس النواب لإصدار تشريع يناهض العنف ضد المرأة، خصوصاً فى قضايا الإرث، بعدما أصبح العرف فى بعض قرى الصعيد أن يتم حرمان النساء من حقهن فى الميراث» . فيما أوضحت ألفة السلامى ممثلة وزارة التضامن الاجتماعى عن سعى الوزارة إلى وضع سياسات تحد من العنفد ضد المرأة، كما حدث فى الخطوة الناجحة المتمثلة فى إصدار برنامج «تكافل وكرامة»، الذى لا يرصد مبلغاً مالياً كبيراً لكنه يكفى للمعيشة. بخلاف تدشين صندوق تأمين الأسرة ليخدم النساء المطلقات. هموم ومن الندوات المهمة التى اقيمت على هامش المهرجان ندوة “تحديات السينما المصرية” التى ناقشت حاضر ومستقبل صناعة السينما المصرية، والمستجدات التى طرأت على الساحة، تداعياتها السلبية على الصناعة؛ كالاحتكار، والقرصنة، والضرائب، والمشاكل المتعلقة بالانتاج والتوزيع فى الداخل والخارج ، وتناولت طرق تذليل معوقات الإنتاج المشترك مع دول العالم، وتطوير أداء الرقابة على المصنفات الفنية. وخرجت الندوة بعدة توصيات أهمها: 1- زيادة الدعم غير المسترد المقدم من وزارة المالية الى المركز القومى للسينما ليصبح 50 مليونا على الاقل سنويا. وتدارس آلية الدعم حتى يستطيع المركز استلام المبلغ سنويا من دون انقطاع. 2- تشجيع بناء دور عرض سينمائى عبر أوجه عدة من بينها : أ) التنسيق مع جميع المحافظين لتسهيل بناء دور العرض السينمائية وإيجاد التسهيلات لتشجيع القطاع الخاص. ب) زيادة عدد أماكن عرض الفيلم الأجنبى لتشجيع الاستثمار فى دور العرض و زيادة ايراد الفيلم المصري. 3- ضرورة مكافحة القرصنة و تغليظ العقوبات 4- تخفيض رسوم التصوير فى جميع الأماكن العامة و الاثرية 5-التنسيق مع القنوات المصرية لشراء الأفلام المصرية الغضب حالة من الغضب سيطرت على النقاد والصحفيين المتابعين للفعاليات لما وصل إليه مستوى المهرجان من فقدان مسئولين يمتلكون الحضور القوي، وحرفية الإدارة، والرؤية وبعد النظر فى اختيار أفلام المسابقة الرسمية الرئيسية، لذلك وجب إعادة تصحيح مسار هذا الكيان الذى يمثل مصر على المستوى السينمائى الدولى بعين تحمل الاهتمام، لأن فى النهاية ما يظهر أمام العالم صورة الدولة وأسمها. لابد من الابتكار، ولمن لا يعلم ينظر حوله وليعلم ماذا يحدث ليبتكر لا ينقل، ونحن المصريين لدينا مبدعون ومبتكرون، يجب أن يكون القائمون على المهرجان شخصيات تتسم باللباقة، والكياسة، وليس شباب فى موقع قيادة يتعامل بعجرفة والاهانة كما فعل أحدهم مع أحد الحاضرين فى الندوات. تفاصيل كثيرة، تبدو للبعض صغيرة لكنها تحمل بين طياتها عناصر النجاح القوى ، لأنها ببساطة تندرج تحت دقة التنظيم الذى نتمنى أن نراه مع بلوغ المهرجان سن ال 40 .