هل يمكن لدولة تمتلك أكبر احتياطى نفطى فى العالم 300.8مليار برميل أن تعلن إفلاسها ؟! فنزويلا هذه الدولة التى كانت تعد إحدى أغنى دول أمريكا الجنوبية واحتلت عام 2014 المركز الثالث بين الدول صاحبة أكبر نسبة ذهب فى احتياطيات العملة حيث كانت تمتلك 367طن ذهب،تدخل حاليا مرحلة الإفلاس!. وكانت وكالة فيتش قد أعلنت قبل أيام خفض التصنيف الائتماني لفنزويلا وأنها فى حالة تخلف جزئى عن السداد بعد فشلها فى تسديد دفعات مستحقة عن سنداتها السيادية التى تستحق فى 13 أكتوبر 2019 و13 أكتوبر 2024 عند انتهاء فترة السماح البالغة مدتها 30 يوما فى 13 نوفمبر 2017، وأعلنت وكالة التصنيف الائتماني ستاندارد اند بورز أن فنزويلا فى حالة «تخلف انتقائي» لعدم تسديد دينها بعد إخفاقها فى دفع مائتى مليون دولار لسنداتها.. كما قرر الاتحاد الأوروبي حظر بيع الأسلحة إلى فنزويلا وذكرت شبكة «إيه بى سى» الأمريكية أن وزراء خارجية الاتحاد اتخذوا قرارهم حتى لا يتم استخدامها لقمع ومراقبة المواطنين،كما قرروا وضع نظام يمهد لتجميد الممتلكات وفرض حظر السفر على عدد من مسئولي البلاد ،وإنه سيتم تطبيق تلك الإجراءات بشكل تدريجى ومرن. ويعتمد رفع تلك العقوبات على كيفية تفاعل الرئيس نيكولاس مادورو مع المطالب المستمرة فى بلاده بتحقيق المزيد من الديمقراطية وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين. وفى ذات الإطار فرضت الولاياتالمتحدةالأمريكية عقوبات مالية على 10 مسئولين فنزوليين حاليين وسابقين بسبب الفساد وسوء استغلال السلطة وبموجب هذه العقوبات سيتم تجميد كل أصول هؤلاء الأشخاص وسيحرم على المواطنين الأمريكيين التعامل التجارى معهم فى الوقت الذى لا تزال فيه الولاياتالمتحدة أكبر مستورد للنفط الفنزويلي. فى محاولة لحفظ ماء الوجه والتأكيد على حرصه على إنقاذ بلاده قال الرئيس مادورو »إن بلاده التى تعانى أزمة اقتصادية حادة لن تعلن «أبدا» توقفها عن سداد ديونها«، وأشار الى المفاوضات المستمرة مع حليفتيه الصين وروسيا اللتين تدين لهما فنزويلا معا ب36 مليار دولار، وقال ان المفاوضات مع الصين «تسير بشكل مثالي»، كما تم التوصل مع موسكو إلى اتفاق لاعادة هيكلة ثلاثة مليارات دولار من الديون. كما اتهم مادورو وكالات التصنيف المالية التى خفضت تصنيف ديون فنزويلا بأنها جزء من «الحرب المالية» التى تشنها الولاياتالمتحدة على بلاده. وبالرغم من قرار الحكومة برفع الحد الأدنى للأجور من 33.636 بوليفار(العملة المحلية لفنزويلا) إلى 65.056، (ما يوازي 105 دولارات أمريكية)، الإ أن التضخم انعكس على السلع والمواد الاستهلاكية فلا يتوافر للمواطن إلا الحد الأدنى منها ويحصل عليها بعد مشقة لدرجة وقوفه بالطوابير امام محال المواد الغذائية بالساعات وقوات الجيش تنظم دخولهم وتأمن المحال، وأشار مسح لأحوال الأسر المعيشية في فنزويلا إلى أن قرابة 82 في المائة من الأسر الفنزويلية يعيشون في فقرمنذ 2016، وإن نحو 4.5 مليون فنزويلى لايأكلون بشكل يومى، ووصل الأمرإلى الدواء، فقد أعلن اتحاد الصيادلة الفنزويليين أن البلد تفتقر إلى 70% من حاجاتها الدوائية، وقالت صحيفة «إيه بى سى» الإسبانية إن مؤسسة كاريتاس الدولية، أكدت أن هناك 300 طفل على وشك الموت بسبب سوء التغذية والمجاعة التى تعانى منها البلاد. وصرح المفوض السامى للأمم المتحدة لحقوق الإنسان أن أكثر من 600 ألف فنزويلى عبروا الحدود هذه السنة وحدها بسبب تخوفهم من الجريمة والقمع ونقص الغذاء. وكان تراجع أسعار النفط ونقص المواد الغذائية والأدوية قد أدى إلى أزمة سياسية ومظاهرات شعبيه أسفرت عن سقوط 125 قتيلا. وتكافح حكومة الرئيس الفنزويلي لتفادي الوصول إلى مرحلة عدم سداد الديون المستحقة، ويتباهى مادورو بأنه يحرص على تسديد الديون، وبأنه دفع 60 مليارا لدائنيه الدوليين منذ 2015، رغم «الحرب الاقتصادية» التي تشنها الولاياتالمتحدة واليمين الفنزويلي ، وقام بتشكيل لجنة تقوم بإعادة هيكلة الدين السيادى لفنزويلا ودين شركة النفط الحكومية، كما اعلن عن إصدار ورقة نقدية فئة 100 ألف بوليفار، وكانت أكبر ورقة نقدية في فنزويلا قبل عام من فئة 100 بوليفار، وتبلغ قيمة الورقة النقدية الجديدة نحو 2 يورو أو 2.3 دولار . وتعد اهم أسباب أزمة فنزويلا تراجع أسعار النفط، حيث كانت تستخرج 2.5 مليون برميل يوميا ، مما جعلها أغنى دول أمريكا الجنوبية وكانت 95% من صادراتها تعتمد على النفط ، ولكن مع تدنى سعره إلى أقل من 30 دولارا فقدت فنزولا ميزة توافر العملة الأجنبية، وبحسب متحدث باسم الصندوق الدولى فإنه لم يجر أي نقاش مع السلطات حول برنامج للصندوق من أجل فنزويلا و لم تجر اتصالات مهمة مع السلطات منذ عشر سنوات على الأقل، وان فرص إعادة هيكلة الديون صعبة ، فلقد تراجع إجمالي الناتج المحلي بنسبة 36 %، ووفقا لبعض التقديرات فسوف يصل العجز الخارجي لفنزويلا إلى 12 مليار دولار عام 2018، والتضخم يقدره صندوق النقد الدولي ب 2349% ، وهى أعلى نسب على مستوى دول العالم. وإلى جانب الأزمة الاقتصادية هناك مشاكل سياسية ودستورية بعد أن قرر الرئيس نيكولاس مادورو، إجراء انتخابات للجمعية التأسيسية التى ستعدل الدستور، الأمر الذى رفضته المعارضة معتبرة الإجراء غير دستورى. وكانت «مجموعة ليما» التى تضمّ كلاً من الأرجنتين والبرازيل وكندا وتشيلى وكولومبيا وكوستاريكا وجواتيمالا وهندوراس والمكسيك وبنما وباراجواى وبيرو قد تقدمت بطلب إلى «الأمين العام، وإلى الأممالمتحدة، للمساهمة فى إدارة أزمة فنزويلا ونددت بما حدث فى انتخابات حكام الولايات فى 15 أكتوبر،عندما حققت الحكومة الاشتراكية فوزا كبيرا حيث يسيطر الحزب الاشتراكي الحاكم حاليا على 242 بلدية من اصل 337 ، ويعد المطلب الرئيسي للمعارضة هو تهيئة الأوضاع قبل انتخابات الرئاسة فى 2018 ، ولقد أعلنت أحزاب المعارضة الفنزويلية الثلاثة «طاولة الوحدة الديمقراطية» أنها قررت عدم المشاركة فى الانتخابات البلدية المقبلة، حيث يعتبر قادة المعارضة أن الظروف لإجراء انتخابات حرة وشفافة غير متوافرة. وهو ما يعنى أن الأزمة السياسية ستؤثر على برامج إعادة هيكلة الديون، هو ما سيؤدى حتما إلى إحدى أكبر حالات إفلاس الدول في أمريكا الجنوبية.