الحصر العددي لدائرة كوم حمادة الملغاة بانتخابات النواب بالبحيرة    جامعة بنها تحصد المركز الأول في مسابقة بحثية حول مناهضة العنف ضد المرأة    تعرف على مناطق قطع الكهرباء في مركز دشنا بقنا غدا    أسبوع حافل باللقاءات والمشروعات، حصاد نشاط وزارة الإسكان خلال 7 أيام (فيديوجراف)    الوحدات المحلية بالإسماعيلية تواصل أعمالها في رفع 6287 طن مخلفات خلال أسبوع    الحكومة تنفي اعتزامها بيع المطارات المصرية ضمن برنامج الطروحات    رئيس شعبة الكيماويات: صناعة البلاستيك تواجه تحديات عالمية    الكرملين: انسحاب أوكرانيا من الدونباس جزء أساسي من عملية السلام    الدفاع التركية: أي خيار آخر ل"قسد" غير الاندماج بالجيش السوري لن يؤتي ثماره    تحذير من تسونامي في شمال وشمال شرقي اليابان بعد زلزال بقوة 6.7 درجات    الغارات الإسرائيلية على لبنان لم تُسجل خسائر بشرية    تعرف على أسماء قيادات الدعم السريع المفروض عليهم عقوبات بريطانية    هؤلاء يحبهم ترامب ويرحب ب"ناسهم الطيبين".. اعرف القصة    الاحتلال الإسرائيلي يصادق على 19 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية    محمد صلاح يحصد جائزة لاعب الشهر "إلكترونيا" في الدوري الإنجليزي    مهدي سليمان يحرس مرمى الزمالك في لقاء حرس الحدود    الأمن يكشف تفاصيل فيديو الاعتداء على شاب وأسرته بالشرقية    الأرصاد: أجواء شتوية على شمال البلاد وتكاثر السحب وأمطار تمتد للقاهرة الكبرى    الأمن يضبط مجموعة اعتدت على عامل بمطعم بالغربية بعد خلاف على الفاتورة    مصرع شخص صدمته سيارة أثناء عبور الطريق الصحراوي بالنوبارية    تحضيرات مكثفة لشيبة والليثي ورضا البحراوي لأغاني مسلسلات رمضان    نجوم العالم في ختام مهرجان البحر الأحمر السينمائي 2025    في الجمعة المباركة.. تعرف على الأدعية المستحبة وساعات الاستجابة    السبكي: التغطية الصحية الشاملة حققت 105 ملايين خدمة طبية للمواطنين في 6 سنوات    الرعاية الصحية: تقديم 105 ملايين خدمة طبية وعلاجية بمحافظات المرحلة الأولى للتأمين الشامل    طريقة عمل المكرونة بالسجق في خطوات سريعة ومذاق لا يقاوم    سلوت: أرغب في بقاء محمد صلاح مع ليفربول.. وأنا صاحب تشكيل المباريات    سلوت يكشف تطورات أزمة محمد صلاح    «جينا الفقي»: معرض مخرجات البحوث منصة حيوية لربط العلم بالصناعة    لأسباب صحية.. الخطيب يعتذر عن المشاركة في المؤتمر العربي لجامعة هارفارد الأمريكية    عزاء الناشر محمد هاشم فى مسجد عمر مكرم بالتحرير.. الإثنين    ياسمين عبد العزيز عن فترة مرضها: شوفت الموت ورجعت    بحضور نائب المحافظ.. افتتاح مسجد "السلام" بمدينة سوهاج الجديدة    ضبط أكثر من 900 كيلو جرام مخدرات وتنفيذ 82 ألف حكم قضائي بحملة أمنية واسعة    إصابة طفلة بحالة إعياء بعد تناولها قطعة حشيش في الجيزة    تعزيز إدماج ذوي الإعاقة في مصر.. من الالتزامات العالمية إلى العمل الوطني    تقارير إعلامية: 3 أندية أوروبية تهدد حلم برشلونة فى ضم جوهرة الأهلي    بالصور.. أحدث ظهور للفنان تامر حسني بعد وعكته الصحية الأخيرة    "قصة حقيقية عشتها بالكامل".. رامي عياش يكشف كواليس أغنية "وبترحل"    خبير ضخ الفيدرالي الأميركي 40 مليار دولار شهريًا خطوة استباقية لضمان السيولة وتجنب اضطرابات السوق    أحمد كريمة: «اللي عنده برد يصلي الجمعة في البيت»    28 لاعبًا في قائمة نيجيريا استعدادًا لأمم إفريقيا 2025    مقتل تاجر مواشي وإصابة نجله على يد مزارع وأبنائه في خصومة ثأرية بالبحيرة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : أنت صوفى ?!    وزير الثقافة يعلن موعد انطلاق فعاليات المؤتمر العام لأدباء مصر ال37 بالعريش    «الصحة»: H1N1 وRhinovirus أكثر الفيروسات التنفسية إصابة للمصريين    «المجلس الأعلى لمراجعة البحوث الطبية» ينظم ندوة لدعم أولويات الصحة العامة في مصر    أيمن الجميل: أدعو رجال الأعمال للاستثمار في التصنيع الزراعي والاستفادة من النجاحات التنموية الكبرى وزيادة فرص التصدير    انطلاق القافلة الدعوية بين الأزهر والأوقاف ودار الإفتاء إلى مساجد شمال سيناء    وزيرة التنمية المحلية تناقش مع محافظ القاهرة مقترح تطوير المرحلة الثانية من سوق العتبة    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 12 ديسمبر 2025 والقنوات الناقلة    كيف أصلي الجمعة إذا فاتتني الجماعة؟.. دار الإفتاء تجيب    القطري عبد الرحمن الجاسم حكما لمباراة بيراميدز وفلامنجو    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 12-12-2025 في محافظة قنا    نتيجة الحصر العددي للدائرة ال 5 بحوش عيسى بانتخابات النواب بالبحيرة    أبرزهم قرشي ونظير وعيد والجاحر، الأعلى أصواتا في الحصر العددي بدائرة القوصية بأسيوط    رد مفاجئ من منى زكي على انتقادات دورها في فيلم الست    رئيس الطائفة الإنجيلية: التحول الرقمي فرصة لتجديد رسالة النشر المسيحي وتعزيز تأثيره في وعي الإنسان المعاصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الارتجال فى فنون الفرجة الشعبية
نشر في الأهرام اليومي يوم 17 - 11 - 2017

تعتبر الفرجة الشعبية وسيطا «ثقافيا متكاملا» يقدمه أفراد قلائل عاديون ينتمون فى الأغلب إلى الفئات الدنيا فى المجتمع قد يكون بعيدا عن المنظمات والمؤسسات الرسمية.
وتعبر الفرجة الشعبية عن واقع الحياة الاجتماعية فى المجتمع المصرى وتنتقد بشكل مباشر أو غير مباشر تلك الأوضاع وتكشف عن المثل العليا للسلوك الثقافى والاجتماعى المرغوب اجتماعيا.
وفنون الفرجة شاملة تتضافر فى أدائها أشكال مختلفة من فنون الأداء من موسيقى ورقص وغناء وإنشاد أو سرد وحكى، وبهذا تجذب إليها أكبر عدد من المتفرجين وتشبع حاجاتهم المختلفة كما تفرج عن همومهم ومتاعبهم ومشاغلهم الذهنية. وربما كانت الموسيقى هى العامل المشترك فى معظم هذه الفنون.
...................................................................
فالوظيفة الظاهرة أو المباشرة لفنون الفرجة الشعبية هى تسلية الجماهير العريضة باستعراضات وألعاب وحكايات تشد انتباههم وتصرفاتهم ولو مؤقتاً عن هموم الحياة ومتاعب العيش التى تعانى منها الطبقات الفقيرة فى المجتمع دون أن يتحملوا كثيرا من التكاليف التى لا يقدرون عليها فى الأغلب، وإن كان لا يمنع بقية الشرائح الاجتماعية من المشاركة فى الفرجة.
أما الوظيفة الكامنة فهى تتمثل فى آخر الأمر فى تقوية الأواصر بين أفراد المجتمع وتوفير نوع من الثقافة التلقائية المشتركة بينهم جميعاً التى لا توفرها لهم دائما وسائل الترفيه الفردى أو الفنون الراقية التى تقتصر فى الأغلب على طبقات وشرائح أكثر تميزا من الناحية الاقتصادية أو التعليمية، فالفوارق الطبقية بالمعنى الواسع للكلمة تزول أمام فنون الفرجة الشعبية التى تحقق كلتا الوظيفتين بدرجات متفاوتة، فهى كلها فنون وأدوات ووسائل للمتعة والفرجة والتسلية والترفيه، ولكنها بجانب ذلك تؤدى وظائف اجتماعية تتعلق بالقيم أو النظم الاجتماعية أو أنماط السلوك وما إلى ذلك.
ومن أشهر فنون الفرجة الشعبية التى عرفها الشعب المصرى واكتسب كثيرا من ثقافاته عن طريقها (من خلالها) الأشكال المرتبطة بالدراما عامة والعرائس خاصة، مثل الدراما (المحبظين والمقلداتي)، والعرائس (الأراجوز وخيال الظل وصندوق الدنيا). أما السامر فهو مكان للعرض فقط....
والمحبظون أو (المحبظيين) أو جماعات المحبظين: جماعات فنية شعبية انتشر وجودهم فى المدن المصرية فى القرن الثامن عشر.
وتقدم جماعة المحبظين عروضها فى حفلات الزواج والختان فى بيوت العظماء كما أنهم يجذبون إليهم حلقات من المتفرجين حين يلعبون فى الأماكن العامة ويعتمدون فى عروضهم على النكات والحركات الخارجة، وأما الذكور (ما بين رجال وصبية) فيقدمون الأدوار جميعا الرجالية والنسائية ويستمتع بهذه العروض الكبار والصغار معاً.
والمقلداتى هو المؤلف والمخرج المؤدى، فهو إذن ممثل تلقائى مدرب من خلال الممارسة الطويلة بالاعتماد على موهبته التى اختبرها من خلال تفاعله الطويل مع الجمهور. وهو يقدم للجمهور ما هو فى حاجة إليه، وهو يعرف نفسية جمهوره ويعرف الأنماط التى يسخر منها والأنماط التى يتعاطف معها فإذا كانوا كباراً اختار لهم موضوعات مناسبة وإذا كانوا صغارا اختار لهم ما يمتعهم ويثير فيهم البهجة والضحك.
المقلداتى إذن هو ضمير جمهوره ومرآته.
والمقلداتى يقدم فنا يعتمد على مؤد واحد وعلى موقف بسيط فى تكوينه أو على حدث بسيط وقصير، وهو يقدم شكلا من أشكال الفرجة الشعبية المسرحية، إذ إن الصلة القائمة فى العرض تعتمد على الممثل كوسيط مسرحى.
وقد عرفت مصر الممثل الجوال الفرد الذى يقدم عروضه فى النوادى والشوارع والأفراح والاحتفالات الشعبية فى القرى، وكان العرض يبدأ بالموسيقى، والرقص ثم يليه مشهد تمثيلى له قصة كاملة تنتقد الواقع الاجتماعى بشكل ساخر.
أما صندوق الدنيا أحد مظاهر الفرجة الشعبية التى يمكن أن تتضمن بعض العناصر الدرامية لأن دراميته تنحصر فقط فى اللاعب الوحيد أو الراوى الذى يقوم بتحريك صور الصندوق، شارحا ومعلقا على ما بها بأداء منغم ثابت الطبقة، وبصور تكاد تكون آلية ونمطية.
ويكون مع صاحب صندوق الدنيا (زمارة) ينفخ فيها داخل الحوارى والأزقة، ليلتف حوله الأطفال، ثم يلعب بالعروسة أو العروستين الموضوعتين على سطح الصندوق ليشد انتباه الأطفال ويجذبهم، وهو يضع الصندوق على حامل يمكن طيه وحمله على الظهر، ويطلق عليه فى لغة أصحاب الصنعة (بينكا).
ويجىء صندوق الدنيا ضمن مظاهر الفرجة الشعبية ذات الجذور الدرامية لكنه لحد كبير لا يعتمد موضوعا يربط بين الصور، ولا حبكة ولا صراعا، حتى عناصر الدراما الشعبية من تقليد وارتجال ومحاكاة وغناء.... الخ. جميعها مفتقدة فى أداء لاعب الصندوق، فهو يعكس ما لدى راوى السيرة الشعبية أو «الحكواتى» والذى يكاد يكون ممثلا فردا يستعين بالتنوع الصوتى والحركة والإيماءة فى تجسيد شخصيات السيرة أو الحكاية التى يرويها.
وقد يكون للصندوق محل «صغير» لا يحتوى إلا على الصندوق ذاته ودكة صغيرة واحدة يجلس فوقها المتفرجون ويضع اللاعب ستارة سميكة فوق رؤوسهم لتحجب النور الخارجى ويبدأ اللاعب فى إدارة عمود الصور، ويستعان بإنارة داخلية عن طريق مصباح غازى صغير لينير ما بداخل الصندوق، وعلى فتحة الصندوق من الخارج توجد عروستان أو ثلاث من البلاستيك بملابس شعبية يقوم اللاعب بتحريكها بواسطة سلك يتصل بها لجذب الجماهير وهو يضرب على البروجى قبل بدء العرض.
أما الصور بداخل الصندوق فهى عادة لشخصيات شعبية من أبطال السير الشعبية خاصة أبطال السيرة الهلالية، أو الأماكن أو المبانى المقدسة، وفى بعض الأحيان تكون صورا حديثة من مجلات أو جرائد يومية.
وقصص صندوق الدنيا كلها بسيطة التركيب تقوم على السرد المصور الذى يبدو من خلال شريط الصور المعروضة، ويعد الراوى عنصرا مهما فى العرض المقدم، فهو يروى ويشرح ويعلق ويدفع بالأحداث إلى ذروتها، وهو فوق كل هذا يمنح الشخصيات الحياة المؤقتة عن طريق صوته فهو يؤدى هنا دور «أبو زيد الهلالى» وهناك دور الجازية، ومن خلال التلوين الصوتى الأدائى وغيرها.. يبعث الحياة فى الشخصيات لإقناع متفرجيه بما يحدث.
ومن أهم وظائف الراوى، غير السرد والشرح قيامه بدور الرابط بين الأحداث والشخصيات فهو يقدم ما قد تعجز الصورة عن تقديمه.
وكان جمهور صندوق الدنيا فى الريف يدفع ملاليم أو يقدم رغيف خبز، مقابل أن يتفرج على (أبو زيد الهلالى وعنترة والزير سالم وعلى صبايا الحمام أيضا).
ويعرض صندوق الدنيا كل شيء، فهو صندوق الدنيا أو صندوق العجائب كما يسمى فى بعض البلاد العربية، فهو يتناول قصص الأنبياء وقصة الخلق وطرد آدم وحواء من الجنة وقصص الصديقين والأولياء والسير الشعبية وقصص الفرسان والأبطال وأبرز القصص التى صورها صندوق الدنيا سيرة «أبو زيد الهلالى».
أما السامر فهو مظهر من مظاهر الفرجة الشعبية البشرية، فالسامر ليس فنا أو تقنية، بقدر ما هو مكان عرض شعبى تقدم فيه مجموعة من الفصول المتنوعة الشعبية المنبع، فهو أشبه بمسرح المنوعات المعروف الآن.
ولكن يبدو أن السامر نبع من الاحتفالات الشعبية المصرية القديمة التى كانت تقام فى المناسبات المختلفة.
ومصر التى قال عنها هيرودوت إنها هبة النيل هى أيضا هبة كفاح شعبها، ولقد كانت مصر منذ خلقها الله بلداً زراعياً، نشأت فيها الاحتفالات الشعبية ابتهاجا بحلول السنة الزراعية منذ أن عرفت المجتمعات المنظمة الأولى.
وشكل السامر وعناصره المختلفة، مصرية تماما وتخلو من أى عناصر أجنبية أو وافدة. والبيئة المصرية هى التى حددت شكله ومضمونه، أى أن السامر شكل منسجم ومتلائم تماما مع الواقع الزراعى للبيئة المصرية.
ولم تقف الفرجة الشعبية على عتبة المعبد، بل خرجت إلى الشعب. وكان يقوم بالتمثيل فرق متجولة تقوم ببعض الرقص والغناء ثم قضى على هذا المسرح وانمحت بعض معالمه فى مصر اليونانية والرومانية، ولا سيما بعد ظهور المسيحية لاتصاله الوثيق بالوثنية.
لذا يمكن القول إن تاريخ السامر هو تاريخ الفلاح المصرى وإن السامر، هو الجنس الأصيل للمسرح الشعبى المصرى ..
والسمر والمسامرة فى اللغة العربية هو «حديث الليل». والسمّار هم الذين يسمرون ويسهرون للاستماع إلى هذه الحكايات.
وهو فنيا حفل شعبى يقام فى المناسبات الخاصة مثل الأفراح والموالد وحفلات الختان وليالى الحصاد وليالى السمر فى الصيف، والسامر عبارة عن فرقة تضم مغنيا وراقصة وفرقة موسيقية ثم فرقة التمثيل التى يطلق عليها (المشخصاتية) ويتوفر فى عرض السامر كل عناصر الفرجة الشعبية المكان (جرن أو ساحة) إضاءة (كليات أو مشاعل) إكسسوارات وملابس، مكياج (الدقيق وهباب الحلل) والتمثيلية تقوم من الناحية الأساسية على الارتجال فلا يكون لديهم سوى الخطوط العامة للمسرحية ومعرفة بالعقدة ونوع الشخصيات التى تكون معروفة لديهم مقدما ثم يقوم بعد ذلك الممثلون بالارتجال التام لحوارهم وعلى هذا السامر المصرى فرجة شعبية تعتمد على الحضور الحى للمثل، ويستعين بكل عناصر العرض جماعى متوارث من الأجداد إلى الأحفاد عن طريق المشافهة، وليس عن طريق التدوين وهو يملك خصوصية مصرية شأن كل الظواهر الثقافية.
ولكى تتحقق الفرجة يستخدم المبدع عناصر متشابهة فى الفنون جميعها، ولكنها بالطبع لا تستخدم مجتمعة فى عمل فنى واحد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.