سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
«الأهرام» تنشر النص الكامل لوثيقة جامعة القاهرة للتنوير التنوير ممارسة عقلانية تقترن بالجرأة على استخدام التفكير النقدى
تأسيس تيار عقلانى عربى مقاوم للإرهاب والتطرف والرجعية
بناء إنسان مصرى جديد لتحقيق التنمية وتأسيس دولة حديثة هو التحدى القومى أعلنت جامعة القاهرة عن إطلاق «وثيقة التنوير»، والتى أقرها مجلس الجامعة أخيرا، برئاسة الدكتور محمد عثمان الخشت، بعد أن أعدها مجلس الثقافة والتنوير، الذى يضم شخصيات عامة وثقافية وفكرية مرموقة، سعيا لتحويل جامعة القاهرة إلى جامعة من الجيل الثالث، تجمع بين التعليم والبحث العلمى واستغلال وتوظيف المعرفة فى التنمية الشاملة للدولة الوطنية بوصفها تنمية ثقافية وعلمية واقتصادية واجتماعية، مع استعادة فكر المؤسسين للجامعة فى التنوير والعقلانية والتعددية. وفيما يلى نص الوثيقة: إن النّظرة العقلانية المستقبليّة هي الحاكمة لمسيرة جامعة القاهرة، فالتحدي القومي أصبح هو بناء إنسان مصري جديد لتحقيق التنوير والتنمية وتأسيس دولة حديثة، بواسطة استحداث مناهج جديدة تعمل على تغيير طريقة التفكير عند الطلاب والباحثين، وتأخذ بهم نحو التفكير العقلاني النقدي والإبداعي، وبناء شخصية مسئولة واعية؛ من أجل نهضة حقيقية. والغاية الملحة في هذه المرحلة من تطور جامعتنا هي تحويل جامعة القاهرة إلى جامعة من جامعات الجيل الثالث، مع استعادة فكر الآباء المؤسسين في التنوير والعقلانية والمدنية والتعددية والمواطنة، مع فتح مسارات جديدة للتقدم والانتقال إلى آفاق جديدة في حركة التاريخ العالمي، فالجامعة إذا كانت عند إنشائها في »عصر جامعة الجيل الأول«، تقوم على التعليم ونقل المعلومات والمعارف، وجامعة الجيل الثاني تقوم على الجمع بين التعليم والبحث العلمي، فإن هدفها الآن هو الدخول في عصر »جامعة الجيل الثالث« التي تجمع بين التعليم والبحث العلمي واستغلال وتوظيف المعرفة في التنمية الشاملة للدولة الوطنية بوصفها تنمية ثقافية وعلمية واقتصادية واجتماعية، تنمية للعقول والموارد والدولة والمجتمع والفرد؛ وتسعى إلى إنتاج قيمة مُضافة للاقتصاد، والتوسع في التخصصات البينية، وتنمية فكر ريادة الأعمال وإدارة المشروعات والبرامج التدريبية للإعداد لسوق العمل، والتدريب على المشروعات الصغيرة، وعدم الاكتفاء بإنتاج موظفين وعلماء بل العمل على تخريج رواد أعمال، والتوجه نحو العالمية والتوأمة مع جامعات الجيل الثالث، والتحول نحو وضع المراكز البحثية والخدمية أعلى قائمة الأولويات، والتحول نحو الإدارة اللامركزية وحوكمة الإدارة الأكاديمية والأخلاق العالمية وأخلاقيات الأعمال، وغيرها من متطلبات عصر الحداثة والتنوير والتقدم. وفي هذا السياق لابد من التأكيد على مجموعة من المبادئ التي تحكم هوية الجامعة وتحدد مسارات عملها، وهى: جامعة القاهرة مدنية، عقلانية، والحرية مكون أصيل من مكوناتها، وتأكيد حق الاختلاف، وتنوع الفكر الخلاق فى إطار الدولة الوطنية. ومن ثم عدم التعصب لتيار ضد تيار، فالجامعة بيت للمصريين جميعا. تأكيد هوية مصر المستنيرة القائمة على قيم التعايش وتقبل الآخر؛ خصوصا أن الجامعة شريك في صياغة هذه الهوية. تحديد مفهوم التنوير بوصفه ممارسة عقلانية تقترن بالجرأة على استخدام التفكير العقلاني النقدي بالمعنى الحداثي؛ فالتنوير هو التفكير العقلي بشجاعة. تكوين خطاب ثقافي وديني جديد يعتمد على التأويلات العقلانية المتعددة والقراءة العلمية للنصوص الدينية بوصفها البديل عن التفسير الواحد المغلق ووهم امتلاك الحقيقة المطلقة. تأسيس تيار عقلاني عربي مقاوم للإرهاب والتطرف والرجعية والأصوليات الجامدة التى تدعو إلى إبطال إعمال العقل فى فهم الواقع أو في فهم النصوص الدينية. الانفتاح على تجارب التنوير الأخرى والتيارات العالمية وتاريخ الأفكار والفنون وتنوع مصادر المعلومات والتمكين التكنولوجي لكل عناصر الجامعة من منظور المصلحة القومية . بناء نسق فكرى مفتوح ومتحرر ومتطور في مواجهة النسق الفكري المغلق والمحافظ والجامد، يقوم على التفكير الإبداعي الخلاق والوعي النقدي بعيدا عن القوالب الجاهزة التي تعيق الإبداع والتطور، وضد العقل السلبي القائم على الحفظ والتلقين والتسليم بالحقيقة الواحدة التى لا تقبل التغيير. تكوين الشخصية القادرة على العمل الفكري والسياسي والإداري، وهذا هو مهمة العملية التعليمية والأنشطة الإبداعية؛ لأن التعليم هو العامل الأكثر تأثيراً في معادلة بناء الشخصية الإنسانية متوازنة الأركان: روحاً وجسداً ووجداناً ونفساً تحت قيادة عقل واع يقود ويوجه. بناء بيئة تعليمية تحفز روح الاكتشاف والإبداع والحرية الأكاديمية، وتعمل على القضاء على التعليم المولد للإرهاب، ومناهج الحفظ والتلقين التي تصنع عقولا جامدة، وتطوير المحتوي التعليمي الذي يتواكب مع دفع الباحثين والطلاب إلى مستويات جديدة من التعلم والخروج بهم من حدود المقرر إلى سعة البحث العلمي الخلاق. اتباع طرق التعليم القائمة على المناهج العقلية والأساليب التجريبية والفكر التحليلي والحل العلمي والعملي للمشكلات، والتأكيد على »فن الحوار المولد للحقيقة«؛ مما ينشأ عنه تكوين عقول منهجية مفتوحة، والنمو في تكوين المواقف والآراء الجديدة، وتخريج شخصية حرة واعية قادرة على أن تفكر وتوازن وتنقد وتختار وتبتكر. إعادة تطوير أساليب التقويم والامتحانات لتختبر المهارات، وطرق التفكير، ومخرجات التعليم على أساس »النتائج«، بدلا من التركيز فقط على عملية التعليم والحفظ التي تعد الأساس الخصب لتكوين عقول مغلقة لا تفكر، ويستطيع أن يوظفها بسهولة صانعو الإرهاب الذين يلعبون لعبة »السمع والطاعة« من أجل حياة بعينها يفرضونها على الجميع!. العمل على تغيير نمط الحياة نحو التحضر بمعناه الشامل، وترسيخ أخلاق التقدم، وتغيير منظومة القيم الحاكمة للسلوك، وتغيير الشخصية السلبية إلى الشخصية الخلاقة فرديا واجتماعيا وعلميا. عدم التمييز على أساس ديني أو عرقي أو اجتماعي أو سياسي أو غيره من أسس التمييز التي تتعارض مع فكرة المواطنة، فالجميع محكوم بمبدأ المواطنة، والجميع سواء أمام القانون، والكل متساوون بوصفهم مواطنين، والديموقراطية هي أكبر ضامن للسلام الاجتماعي وهي الأسلوب الأمثل في إدارة الخلاف بين الجميع في إطار الدولة الوطنية. ولا يمكن أن تحقق الديمقراطية أغراضها دون نبذ العنف والإرهاب والتطرف وتفكيك الأصوليات المغلقة. اكتشاف المواهب وفتح المسارات الإبداعية أمامها سواء العلمية أو الفنية أو الثقافية أو الرياضية أو غيرها، وتوسيع رؤية ورقعة النشاط الطلابي حتى يصل الطلاب إلى قيم المعايشة والتنوير ولا يتحقق ذلك بندوات أو حفلات معدودة، وإنما بإيجاد حالة من الزخم الثقافي والتنويري للوعي الحقيقى لا الوعى الزائف، والوعى بمفردات الدولة الوطنية ومبادئها المرتبطة بالحرية والديمقراطية، وذلك على نحو يجعل مبادئ الدولة الوطنية مكوناً من مكونات المناهج والدورات التدريبية. هذه الوثيقة تطرحها جامعة القاهرة، كمبادرة تضعها امام المجتمع ليشاركنا في تبنيها ونشرها من أجل تحقيق التقدم المأمول لوطننا.