القناعة والرضا بالمقسوم حتي إن كان قليلا كانا سر سعادة شابين في مقتبل العمر جمعتهما ذات الظروف الطاحنة وضيق ذات اليد إلا أنهما اتخذا من حبهما سلاحا لمقاومة قسوة الظروف الاقتصادية الطاحنة ويظلل علي عش الزوجية الصغير. مرت عليهما ايام وليال باتا دون طعام إلا أن مشاعرهما الصادقة وقفت دائما حائلا منيعا يواجهان من خلالها تلك الظروف، ويوما بعد يوم بدأت تتبدل الظروف ليشهد العش السعيد نوعا من الاستقرار ما لبث أن تبعه شعاع من الأمل والسعادة عندما اثمر زواجهما عن حدث سعيد بدأ ينمو داخل احشاء تلك الفتاة العشرينية، وعلي مدار 36 اسبوعا راقب فيها الزوجان حركات وتطورات نمو ذلك الجنين وينمو معه الأمل فى حياة سعيدة بدأت تعرف طريقا لقلبين ارهقتهما ظروف الحياة . ولكن يبدو أن الاقدار لا تزال تحمل لهما من المفاجآت ما يحول دون اكتمال تلك السعادة المنتظرة ففي مساء أحد أيام شهر سبتمبر الماضي باغتت آلام الوضع تلك الفتاة وعلي الفور اصطحبها زوجها الي المستشفي الحكومي بمراكش ومع اللحظة الأولي لوصولهما انتابته حالة من القلق وتسلل الي قلب الأم حالة من عدم الاطمئنان ولسان حالها ينادي بأن تترك ذلك المستشفي الي أي مستشفي من تلك التي تتبع نظما عالية في الرعاية والاهتمام بالمرضي والاطفال حديثي الولادة ولكن كيف السبيل في ظل ضيق ذات اليد، وبينما تدور تلك الافكار برأسها اجراءات المستشفى أسرع وعلى الفور تم إدخالها غرفة العمليات. وبعد فترة طالت لبعض الشيء قطع حالة الصمت صراخ المولود الجديد لينتاب الزوج شعور لم يعرفه من قبل وما هي الا دقائق وخرجت محبوبته الي احدي غرف الإفاقة في حالة إغماء كاملة اصابته بالفزع خوفا علي رفيقة الدرب وشيئا فشيئا بدأت تسترد وعيها ليعود الأمل من الجديد ولكن يبدو أن القدر لا يزال يحمل لهما المفاجآت وتأبي السعادة أن تعرف طريقا لقلبيهما وذلك عندما حضر أحد الأطباء وطلب منها اصطحاب الطفل لقسم الحضانات لإجراء بعض الفحوص الضرورية، وعندما طلبت الام من احدي الممرضات جلب رضيعها من قسم الحضانات كانت الصاعقة أنه غير موجود. وعلي الفور أبلغت إدارة المركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس الجهات الأمنية بمراكش باختطاف رضيع حديث الولادة من خلال شخص قدم نفسه للأم علي أنه طبيب، وهو ما استدعي النيابة العامة لفتح تحقيق اثبت وجود طبيب يمتلك عيادة خاصة ومتخصص في الطب العام استعان بأحد الممرضين بالمستشفي ليجلب له رضيعا حديث الولادة لبيعه لمصلحة زوجة رجل أعمال . وعلي الفور ألقي القبض على الطبيب والوسيط اللذين أرشدا عن مكان وجود المولود المختطف وتم العثور عليه في منزل رجل الأعمال بمدينة مراكش. الا أن زوجة رجل الأعمال أنكرت الواقعة وتمسكت بأن المولود هو نجلها الذي وضعته منذ عدة أيام، وأكد زوجها الذي يمتلك مجموعة من الملاهي الليلية بمراكش، أمام قاضي التحقيق أنه كان يعتقد أن زوجته حامل، وأن الطبيب «المتورط في سرقة الرضيع» كان يتابع حالة زوجته وسبق أن نصحها بالخلود إلي الراحة لتفادي الإجهاض، كما حدث فى ثلاث مرات سابقة . فأمر قاضي تحقيق محكمة استئناف مراكش الذي يشرف علي التحقيقات في القضية بإحالة زوجة رجل الأعمال الي خبيرة طبية لتوقع عليها كشفا طبيا لبيان وقت انجابها، الا أن تقرير الطبيبة كشف أنه لم يسبق لها أن كانت حاملا بالمرة، بل انها تعانى مشكلة في الإنجاب. كما كشفت التحاليل التي خضعت لها أنه لا يمكن لها بأي شكل من الأشكال أن تنجب، مما يعني أن ادعاءاتها أمام الشرطة القضائية وقاضي التحقيق بكونها أجهضت ثلاث مرات بعد الشهور الأولي من الحمل غير صحيحة. علي الفور اصدر القاضي أمرا بحبس الأم المزعومة وزوجها ووالدتها والطبيب والوسيط علي ذمة التحقيقات بتهمة اختطاف رضيع حديث الولادة والاتجار بالبشر.