نيفين العوضي شهر رمضان هو شهر القرآن, فينبغي ان يكثر العبد المسلم من قراءته, وقد كان من حال السلف العناية بكتاب الله, فكان جبريل يدارس النبي القرآن في رمضان, وكان عثمان بن عفان يختم القرآن كل يوم مرة, وكان بعض السلف يختم في قيم رمضان كل ثلاث ليال, وبعضهم في كل سبع, وبعضهم في كل عشر, فكنوا يقرءون القرآن في الصالة وفي غيرها فكان للشافعي في رمضان ستون ختمة, يقرؤها في غير الصلاة, وكان قتادة يختم في كل سبع دائما, وفي رمضان في كل ثلاث, وفي العشر الأواخر في كل ليلة, وكان الزهري إذا دل رمضان يفر من قراءة الحديث ومجالسه أهل العلم ويقبل علي تلاوة القرآن من المصحف, وكان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جمع العبادة وأقبل علي قراءة القرآن وقال ابن رجب: إنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث علي المداومة علي ذلك, فأما في الأوقات المفضلة كشهر رمضان والأماكن المفضلة كمكة لمن دخلها من غير أهلها فيستحب الإكثار فيها من تلاوة القرآن اغتناما لفضلة الزمان والمكان, وهو قول أحمد وإسحاق وغيرهما من الأئمة. وكان السلف يتأثرون بكلام الله ع وجل ويحركون به القلوب. فقلت: أقرأ علك وعليك أنزل؟! فقال: إني أحب أن أسمعه من غيري قال فقرات سورة النساء حتي إذا بلغت: فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك علي هؤلاء شهيا( النساء:41) قال: حسبك, فالتفت فإذا عيناه تذرفان. وأخرج البيهقي عن أب هريرة قال: لما نزلت: أفمن هذا الحديث تعجبون. وتضحكون ولا تبكون( النجم:60,59) فبكي أهل لاصفة حتي جرت دموعهم علي خدودهم, فلما سمع رسول الله حسهم بكي معهم فبكينا ببكائه. قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: لا يلج النار من بكي من خشية الله وقد قرأ ابن عمر سورة المطففين حتي بلغ): يؤم يقوم الناس لرب العالمين.( المطففين:6) فبكي حتي خر, وأمتنع من قراءة ما بعدها. وعن مزاحم بن زفر قال: صلي بنا سفيان الثوري المغرب فقرا حتي بلغ: إياك نعبد وإياك نستعين)( الفاتحة:5 بكي حتي انقطعت قراءته, ثم عاد فقرا الحمد. وعن إبراهيم بن الأشعث قال:( سمعت فضيلا يقول ذات ليلة وهو يقرأ سورة محمد, وهو يبكي ويردد هذه الآية: ولنبلونكم حتي نعلم المجاهدين منكم والصابرين نبلو أخباركم محمد:31 ويجعل يقول: ونبلو أخباركم, ويردد وتبلوا أخبارنا, إن بلوت اخبارنا فضحتنا وهتكت أستارنا, إنك إن بلوت أخبارنا أهلكتنا وعذبتنا, ويبكي.