لو أن أحدا يصدق الإدارة الأمريكية النصيحة لاتخذ من مظاهرات الغضب في مصر منذ زيارة هيلاري كلينتون مدخلا لإعادة النظر في مرتكزات السياسة الأمريكية الخارجية تجاه مصر وإدراك مدي حساسية الشعب المصري لوجود أية شبهة للتدخل الأجنبي في شئونه الذاتية. ثم إنه لا يمكن لأحد أن ينزع من نفوس وعقول سجلا طويلا من التحامل الأمريكي علي العرب والمسلمين خصوصا علي صعيد القضية الفلسطينية. ومن يراجع بعض سطور كتاب الخيار الذي أصدره الدكتور زبجنيو بريجنسكي مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر يجد أن أصابع إسرائيل تقف وراء كل مصيبة تدهم الشرق الأوسط حيث يقول في كتابه بالحرف الواحد: إن إسرائيل تظل دائما هي المرشح الوحيد لأن تشغل مركز حليف أمريكا.. إنها الحليف الإقليمي البارز أو المفضل عن سواه في الشرق الأوسط. ورغم أن بريجنسكي يعترف في كتابه الخيار, بأن المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط ليست متوافقة أو متلائمة تماما مع المصالح الإسرائيلية, فإن إسرائيل- علي حد تعبير الكتاب- هي الكلب المقهور الذي تحاصره مشاعر العداء العربي! ومن الواضح أن بريجنسكي- شأنه شأن السياسة الأمريكية- يقول الشئ ونقيضه- في آن واحد- فبعد الحديث عن الكلب المقهور والطرف المسكين المستضعف في الشرق الأوسط وهو إسرائيل, يعود في ذات الكتاب ليتحدث عن إسرائيل ويصفها بالحرف الواحد قائلا: إنها القوة العسكرية المهيمنة في الشرق الأوسط بعد أن أصبحت تمتلك الإمكانات والقدرات التي لا ترشحها فقط كي تكون قاعدة عسكرية أو منطلقا للولايات المتحدةالأمريكية عند نشوب أي أزمة إقليمية كبري في المنطقة, وإنما هي قادرة ومؤهلة لكي تقدم إسهامات ملموسة واسعة لخدمة أي عمليات عسكرية تكون أمريكا طرفا فيها. وغدا نواصل الحديث.. خير الكلام: وليس الذئب يأكل لحم ذئب.. ويأكل بعضنا بعضا عيانا! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله