جذور الفيتو الأمريكي(5) ليس هناك تفسير لمسارعة الولاياتالمتحدةالأمريكية بالإفصاح عن نيتها استخدام حق الفيتو قبل ذهاب الفلسطينيين إلي الأممالمتحدة سوي أن اللوبي الصهيوني في واشنطن كان ينتظر هذه الفرصة منذ سنوات لكي يؤكد أن إسرائيل في علاقتها مع أمريكا تجاوزت مرحلة الاستجداء وطلب العطف وأن هذا اللوبي الخطير استطاع أن ينتقل بهذه العلاقات إلي مرحلة متقدمة نسبيا من القدرة علي الضغط والابتزاز المعاكس مستخدما في ذلك رايات مضللة تتحدث عن عمق الاحتياج الأمريكي للدور الإسرائيلي في الشرق الأوسط. وقد كان لافتا للنظر في الآونة الأخيرة تكرار الإشارة في عديد من المقالات والدراسات الأمريكية- بشكل يبدو عفويا مع أن الأمر غير ذلك- إلي أن إسرائيل عندما واجهت خطر الهزيمة الكاملة في حرب أكتوبر عام1973 بعد النجاح المذهل للقوات المصرية المسلحة في عبور قناة السويس وتحطيم خط بارليف واحتلال الضفة الشرقية للقناة وبدء الولوج نحو عمق سيناء بدأت إسرائيل تلوح لأمريكا بأنه لم يعد هناك من سبيل سوي اللجوء للخيار النووي خيار شمشون كمخرج وحيد لضمان استمرار وجودها مما اضطر أمريكا لإقامة أكبر جسر جوي عسكري بعد الحرب العالمية الثانية لتعويض إسرائيل عن خسائرها! وأيضا فإن إسرائيل كررت نفس سيناريو الابتزاز مع أمريكا في الأيام الأخيرة من حرب أكتوبر... وطبقا لما ذكره هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي الأسبق في مذكراته فإن إسرائيل عادت للتلويح برغبتها في اللجوء للخيار النووي عندما استشعرت أن مصر توشك علي تنفيذ خطتها لتصفية ثغرة الدفرسوار. وقد تأكد للجميع أن منهج الابتزاز المعاكس الذي تمارسه إسرائيل مع حليفها الأمريكي بدأ يأخذ بعدا جديدا مع تنامي الاحتياج الأمريكي للدور الإسرائيلي بما يتناسب مع التورط الأمريكي المباشر في النزاعات المسلحة بالمنطقة والذي ظهرت أبرز ملامحه عام1991 خلال حرب تحرير الكويت عندما هاجت إسرائيل وماجت وكررت منهج الابتزاز النووي مع واشنطن بدعوي عدم قدرتها علي السكوت بعد أن انهالت عليها الصواريخ العراقية... ولأنه لم يكن من مصلحة أمريكا أن تظهر إسرائيل في واجهة مسرح القتال حتي لا يؤدي ذلك إلي انهيار التحالف العربي المعادي لنظام صدام حسين والمساند لأمريكا سارعت واشنطن بدفع الثمن علي شكل دعم مالي ودعم عسكري تضمن أول صفقة صواريخ مضادة للطائرات من طراز باتريوت قبل أن تصل هذه الصواريخ لحلف الناتو بعد سنوات. هذا ما ينبغي أن نفهمه قبل وبعد الفيتو الأمريكي المحتمل! وغدا نواصل الحديث خير الكلام: لا تنزعج كثيرا ممن ينتقدونك لأن الخطر الأكبر يجيء ممن ينافقونك! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله