لاشك أن حالة السكة الحديد المتردية التي نحياها الآن هي شاهد غير قابل للتشكيك فيه علي إهدارنا عبر عقود لإمكانيات كانت لدينا وتميزنا فيها وبها, وكم كان لنا من الخبراء في إدارة السكة الحديد. من تمكنوا بنجاح من إداراتها تحت الإدارة المصرية في المرحلة التالية لرحيل الإدارة البريطانية دون أن تحدث ثمة فجوة إدارية أو فنية في التشغيل. واقع الحال اليوم يشير إلي أن سكك حديد مصر وهو المرفق الأهم استراتيجيا يمكن وصفه بأنه غني في أملاكه فقير في إيراداته. وفي الجانب التوفيقي بين طرفي العلاقة المتناقضة توجد إمكانيات ضخمة تتمثل في استكمال جانب من الأملاك في تمويل جانب من احتياجات التوسع والتطوير والاهتمام بنقل البضائع وتعظيم شأنه وهوالأمر الذي رزح في طي الإهمال لعقود طويلة مبديا نقل الركاب في مصاف الاهتمام الأول والأوحد, هذا بجانب استخدام الإمكانيات الكبيرة من احتياجات التحديث من وسائل تمويل تضاف الي المصادر الأخري باستخدام المتاح من معونات ومنح دولية يمكن توفيرها في حالة عرضها بالاسلوب المناسب علي الاتحاد الأوروبي واليابان والولايات المتحدةالأمريكية. إننا نري مع غيرنا أن هناك عددا من المحاور المهمة تدعو الضرورة الي الأخذ بها وذلك حتي لا يأخذنا أي تيار هابط سببه الملابسات التي نحياها الآن من أحوال هذا المرفق لنلحق بالتيار الرشيد الصاعد خروجا من هذه المشكلة وتحقيقا للأهداف وتلاقيا مع الطموحات المنشودة.. وتتمثل تلك المحاور في: أولا استكمال نقص الجرارات علي المدي القصير بجرارات مستعملة ومجددة: يمكن استكمال الجانب الأكبر من نقص الجرارات الذي تعاني منه السكة الحديد بحدة والذي يبلغ800 جرار وذلك بالاستفادة من الامكانيات الكبيرة المتاحة في مجال الجرارات المستعملة والمجددة المتاحة في ألمانيا وذلك لحين استكمال الحاجة من الجرارات الجديدة. فمن المعروف أن ألمانيا تملك أكبر شبكة سكة حديد في أوروبا حيث يبلغ طول الشبكة38 ألف كيلو متر, وهو الأمر الذي يتيح فائضا من الجرارات المستعملة يعتبر الأكثر عددا في أوروبا وذلك تماشيا مع العمل علي هذه الشبكة العملاقة. ويجب ألا يقف عائقا أمام هذا القرار الوزاري القديم الذي يمنع شراء معدات مستعملة حيث أن الحاجة الملحة لتوفير الجرارات تعلو فوق هذا القرار بشرط أن يتم استيراد هذه الجرارات بعد تأهيلها. ثانيا مد الخطوط وتوفير خدمات التخليص علي البضائع استيرادا وتصديرا بمعرفة السكة الحديد: هذا الأمر سيوفر شرايين التجارة الداخلية من خلال محطات السكة الحديد المنتشرة عبر مئات المراكز والقري وأيضا اتصال ذلك بالخارج تصديرا واستيرادا وهو الأمر الذي لا يستطيع أن توفره وسائل النقل البري بالصورة الكافية كما ونوعا مع الحفاظ علي منظومة إدارة الوقت لما للسكك الحديدية من مواعيد منتظمة في قطاراتها بالاضافة الي أن معدلات الأمان علي خطوطها تفوق بمراحل تلك التي يوفرها النقل البري. ثالثا توفير نقل الحاويات والنقل المبرد: يجب التوفير والتوسع في نقل الحاويات بالسكك الحديدية لما لذلك من مزايا لها أثرها استيرادا وتصديرا مع تأهيل ذلك بالنقل المبرد داخل حاويات وتوفير تخزينها في أحواش المحطات التابعة للسكة الحديد تسمح بتوفير خاصة التخزين المستمر توفيرا لاحتياجات القري والمراكز في صعيد مصر والدلتا من خدمات تبريد تضاف الي خدمات النقل المبرد. رابعا توفير خدمات نقل الخامات السائبة داخل حاويات خاصة بذلكBULK: تعتبر هذه الوسيلة الأكثر فاعلية وسرعة في تزويد المصانع المختلفة بخامات الحديد والفحم والأسمنت والفوسفات والمنجنيز وغير ذلك من الخامات الحيوية حيث تتميز بأنها يمكن تعبئتها من أعلي وتفريغها من أسفل في دقائق دون الحاجة الي أية وسائل للتحميل والتعتيق والنقل, وهو الأمر الذي كثيرا مايعطل صناعات الصلب والمحروقات والكيماويات بسبب نقص هذه الخبرة. خامسا إقامة شركة لتوفير خدمات التاكسي والنقل الخفيف بكافة محطات القطارات, هذا الأمر يعتمد علي استغلال المناطق الفضاء التي تقع في حرم السكة الحديد لتوفير تلك الخدمات والتي تخلو منها جميع القري وتفتقدها المراكز والمحافظات حيث تتصل خدمات النقل الخفيف هذه بمخازن السكة الحديد لتسليم واستلام البضائع منها وإليها, وهو أمر له مردوده علي السكة الحديد بالنفع وعلي التجارة الداخلية بالفائدة المحققة. سادسا توفير خدمات البريد السريع: لاشك أن السكة الحديد توفر الكثير من تلك الخدمات للمرافق الأخري ولكن يحتاج الأمر أن تمارسها بذاتها أيضا حيث تملك المقومات الرئيسية لذلك بدءا من انتظام سير القطارات وإنتهاء باتساع لشبكة الخطوط والمخازن اللازمة لحفظ البريد والطرود لحين توزيعها, وهذا له مردوده الإيجابي علي إيرادات السكة الحديد والنفع المحقق للتجارة الداخلية. سابعا إنشاء آلية مصرفية للسكك الحديدية ولتكن بنك السكة الحديد: وذلك بهدف توفير خدمات تسليم البضائع واقتضاء ثمنها وتحويلها لحساب الشاحن حبذا مع وجود خدمات التخزين المبرد والذي يتم لحساب وخدمة البقالين وموزعي المواد الغذائية والذين يستطيعون أن يسحبوا منها بعض الطرود التي يحتاجونها علي مراحل. والأمر ليس بخاف أن مصلحة البريد وخدمات التوفير لا تؤدي هذه الخدمات بالصورة المطلوبة كما أن عمليات المقاصة أي الزمن بين اقتضاء ثمن البضاعة وإتمام تحويلها للشاحن الأصلي والتي قد تصل الي ثلاثة أيام من شأنها أن توفر رصيدا دائما لبنك السكة الحديد يقدر بالمليارات من الجنيهات بصورة دائمة. ثامنا مد خطوط السكك الحديدية الي توشكي ومواني البحر الأحمر. هذا الأمر سيتكامل مع مشروع توشكي والذي يعاني حاليا من انعدام وسائل النقل المناسبة لنقل الحاصلات الزراعية بصورة مأمونة وذلك بما يسمح بالتوسع الأفقي بمشروع توشكي ليجقق ماسبق التخطيط له من قبل. تاسعا إنشاء شركة تأمين علي البضائع والأفراد لاشك أن التوسع في خدمات السكك الحديدية سواء علي مستوي نقل البضائع محليا أو التعامل مع بضائع المواني استيرادا وتصديرا وكذا التوسع في نقل الركاب سيحتاج لخدمات تأمينية بصورة موسعة, ومن الأجدي أن تقوم السكة الحديد بتوفير تلك الخدمات بمعرفتها عن طريق آلية تنشئها لذلك أو بالاستحواذ علي شركة تأمين صغيرة حيث أن مقوماتها من كميات البضائع وأعداد الركاب التي تنقلها من شأنها أن توفر لها النجاح لتحقيق فائض كبير في مدي فترة وجيزة قد لا تتعدي العام الأول. عاشرا إنشاء فنادق ثلاث نجوم داخل أملاك السكك الحديد بنظامBOT تحت الاشراف والمتابعة بمعرفتها: هذا الأمر يوفر دخلا كبيرا للسكك الحديد مع إنعدام إسهامها في التكلفة الفعلية نظرا لمشاركتها بالأرض المملوكة لها, هذا بالاضافة الي مايوفره هذا النشاط من إمكانيات الإقامة لأصحاب الأعمال ومندوبيهم وأيضا موظفي الدولة عند انتقالاتهم في زيارات عمل بالصعيد والوجه البحري حيث لا تتوافر خدمات الفندقة, فضلا عما توفره الكافتيريات والمطاعم الملحقة بها من فوائد اجتماعية.