اندلعت بها النيران.. سقوط سيارة نقل من كوبري ترسا بالجيزة | صور    رئيس منصة مصر العقارية: المطورون ملزمون بفتح حسابات ضمان لا تقل عن 30% من قيمة المشروع    الاستخبارات الأمريكية تكشف حقيقة السيطرة الروسية على أوكرانيا    بعد أنباء تحذير دولة عربية، هل يتلقى العراق ضربات عسكرية وشيكة؟    عائشة بن أحمد: مصر محطة صعبة لكنها تصنع النجومية    مصرع شخص غرقا أثناء الصيد في نهر النيل بمنشأة القناطر    هل إعادة عرض مسلسل "أم كلثوم" رد غير مباشر على فيلم "الست"؟    الفنانة شيرين تعليقا على وفاة سمية الألفي: جمعني بها مسلسل «لاعبون بالنار».. وكانت سيدة فاضلة    صاحبة فيديو بيع أطفالها: أنا مليش في السوشيال ميديا.. وعملته من ضعفي وضيق الحال    تطور جديد في اتهام "هدى الإتربى" لطبيب أسنان باستغلال صورتها    قرارات جديدة في واقعة إشعال شقيق "ناصر البرنس" النيران في نفسه    الحماية المدنية تسيطر على حريق سيارة نقل بعد انقلابها أعلى دائرى ترسا.. فيديو    تغطية خاصة حول آخر التطورات فى سوريا وغزة بعد الضربات الأمريكية فى سوريا (فيديو)    بعد تصريحات مدبولي.. محمد علي خير: العاملون بالحكومة و11.5 مليون من أصحاب المعاشات تحت خط الفقر    إدارة الطوارئ الأمريكية: انقطاع كبير للتيار الكهربائى فى سان فرانسيسكو    سبرتاية مشتعلة تسفر عن حريق بشقة وإصابة 3 أطفال بالطالبية    محمد صبحي: فيلم «الست» عبقري ورائع وصناعه عظماء قدموا عملا يكرم أم كلثوم.. وهذا سبب اعتراضي    مسئول بنقابة صيادلة القاهرة: لا نقص في علاج البرد وفيتامين سي.. وأدوية الأمراض المزمنة متوفرة    رئيس صندوق التنمية الحضرية: حولنا حدائق الفسطاط من مقلب قمامة إلى أبرز معالم الشرق الأوسط    الدولة مش هتسيبهم، تدخل حكومي لحل أزمة أميرة عبد المحسن بعد عرض أطفالها للبيع    عضو بالأرصاد: أجواء مستقرة ودرجات حرارة طبيعية خلال الأسبوع الجاري    وفاة شقيقة جورج كلونى بعد معاناة مع مرض السرطان    مطارات مصر بين الخصخصة والأمن القومي.. لماذا يندفع ساويرس نحو السيطرة على البوابات السيادية؟    فيديو جراف| بشرى سارة.. مترو الأنفاق سيصل هذه المناطق قريبًا    معركة السيطرة على أموال التنظيم الدولي.. انقسام حاد بين قيادات «إخوان لندن»    لأول مرة.. "الصحة": أعداد المواليد لم يتجاوز مليوني مولود سنويًا    باريس سان جيرمان يتأهل لدور ال32 من بطولة كأس فرنسا    توروب يشترط ضم هذا اللاعب قبل الموافقة على إعارة محمد شكري في يناير    يوفنتوس يحسم قمة روما ويواصل انتصاراته في الكالتشيو    إنبي يخطف فوزًا قاتلًا من طلائع الجيش في كأس الرابطة المصرية    أمم إفريقيا - ندالا حكم مباراة الافتتاح بين المغرب وجُزر القُمر    10 نجوم إفريقية فى صراع بمعارك الأدغال    بعد ابتزازه بمقاطع فاضحة.. «ناصر» يستنجد بالهارب محمد جمال والأخير يرفض التدخل    وزير البترول: صادراتنا من الذهب تفوق مليار دولار    وزير الطيران:إجمالي عدد الركاب بكافة المطارات المصرية 60 مليون راكب بنهاية العام الجاري    تامر حسنى يشكر راعى مصر فى ختام حفل عابدين    العرض الخاص لفيلم «بكرا» بحضور أشرف زكى ومحمد رياض    الإفتاء: الدعاء في أول ليلة من رجب مستحب ومرجو القبول    بعد رؤية هلال رجب.. ما هو موعد شهر شعبان ؟    ضعف المياه بمركز طهطا بسوهاج لأعمال تطهير محطة شطورة السطحية    الاحتلال يتوغل في ريف القنيطرة الشمالي بسوريا    محمد صبحي: غزة اختبار سقطت فيه كل الشعارات والمواثيق.. والقوى الدولية تلعب دور محامي العدو    مبابي يعادل رقم رونالدو التاريخي ويحتفل على طريقته    بركلة جزاء قاتلة.. أرسنال يهزم إيفرتون ويعود لاعتلاء صدارة البريميرليج    اتحاد الكرة: حسام حسن وعدنا بلقب أمم إفريقيا.. وفينجر رشح مدير فني لتعيينه    الصيام تطوعا في رجب وشعبان دون غيرهما.. الإفتاء توضح التفاصيل    محمد صبحي: المقاومة الفلسطينية لن تموت.. والمعركة على الوجود الفلسطيني كاملا    خبير عسكري: مصر تمتلك أوراق ضغط دولية لم تستخدمها بشأن سد النهضة    9 عادات يومية تعيق بناء العضلات    مجدي مرشد نائب رئيس حزب المؤتمر ل"صوت الأمة": التدخل الرئاسي أنقذ الانتخابات.. ولا يوجد أي غبار على مجلس النواب الجديد    المصل واللقاح: انتشار الفيروسات التنفسية طبيعي في الخريف والشتاء.. و65% من الإصابات إنفلونزا    6 أعراض مبكرة للإصابة ب الذئبة الحمراء    وزير التعليم العالي يشهد حفل تخريج أول دفعة من خريجي جامعة المنصورة الجديدة الأهلية    النبراوي أول نقيب مهندسين مصري يتقلد رئاسة اتحاد المهندسين العرب    رئيس جامعة الأزهر: الجميع مع القرآن فائز.. والإمام الأكبر حريص على دعم الحفظة    النيابة الإدارية تواصل تلقى طلبات التعيين بوظيفة معاون نيابة إلكترونيا.. المواعيد    وزارة العمل: 664 محضرا خلال 10 أيام لمنشآت لم تلتزم بتطبيق الحد الأدنى للأجور    مواقيت الصلاه اليوم السبت 20ديسمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماما نيرودا سيصبحُ رئيسَ تشيلي
نشر في الأهرام اليومي يوم 13 - 10 - 2017

قبل مئة سنة من هذا اليوم بالضبط ,كتب شاعر فقير ورائع , أشد اليائسين فظاعة هذه النبوءة : (عند الفجر ,مسلحين بصبر متأجج ,سندخل المدن الرائعة )
أنا أؤمن بنبوءة رامبو المتنبئ هذه ,إننى آت من إقليم غامض , من بلادٍ مفصولة عما سواها بجغرافية قاطعة ,كنتُ الأكثر هجرانا بين الشعراء , وكان شعرى محليا مؤلما وماطرا .
ولكننى كنت على الدوام أثق بالإنسان .لم أفقد الأمل قط ولهذا وصلت إلى هنا بشعرى وروايتى .
.....
هذا ماقاله الشاعر نيرودا على منصةِ منحه جائزة نوبل للاداب فى العام 1971 وعلى الصفحة 127 من رواية أنطونيو سكارميتا ( ساعى بريد نيرودا ..الصبر المتأجج ) الرواية الساحرة التى تحولت من تحقيق صحفى موكل إلى محرر ثقافى فى صحيفة من الدرجة الخامسة (انطونيو سكارميتا ) عن نيرودا وحياته المنصرمة ( الجغرافية الغرامية للشاعر ) إلى رواية فارقة يسعى من خلالها إلى بعض الشهرة وربما كما ذكر سكارميتا فى مقدمة روايته: ( نتاج مواز لمداهمتى الصحفية الفاشلة لنيرودا )
الرواية ألزمتِ الكاتبَ الطواف حول بيت نيرودا فى ايسلانيغرا, والطواف حول من يطوفون حول البيت للتعرف على شخوص روايته وتجسيدهم كما يليق برفاق قامة شعرية كبابلو نيرودا
الشخصية القائد والشاعر والزوج المخلص كما قال عن نفسه (شاعر الزواج الطيب ) عبر أحداث مختلطة بين الواقعى والمتخيل , حدثت أثناء حقبة زمنية مرت بها تلك المدينة الساحلية ايسلانيغرا فى تشيلى بحبكة روائية تستلب الألباب وبمكون لغوى سائغ لذيذ ساخر يعتمد على المفارقة والتهكم والصدمة وربما الدفع للاستسلام بلاحراك لما يشع من متعة القراءة والتبحر فى كاريزما الشخصيات المسبوكة بصنعة أدبية ورائية اعتمادا على تجسيد الدقائق النفسية الداخلية للشخصيات والخارجية المتعلقة بالبيئة الروائية المكانية والزمانية وتتبع الحيوية فيها كركن أساس فى الرواية المراد منها شحذ طاقة القارئ على التلذذ والتأثر فرحا وحزنا وحماسا وادراكا ومعرفة عميقة .
إهداءٌ أولاً باسم ماتيلدى أوروتيا بين قوسين (ملهمة نيرودا ) يعنى الكثير ممن يبحثون عن مصادر الهام الشاعر شاعرنا الكبير نيرودا وعذوبة اشعاره ودعما لتلك الحقيقة التى ماانفك سكارميتا يدسها فى روايته عبر عبارات ذات دلالة مشابهة ليقنعنا بأن الشاعرَ أيّ شاعر على أية حال ليس زير نساء ولا يتوجب عليه الكثير من الخيانات ليكتب شعرا ناصعا حارا يشتعل فى الفكر والجسد ويخلفَّ ذلك القارئ الهائم على قلبه الغارقِ فى لذةِ الانصات لروح الإبداع والحياة ...
هنا أراد سكارميتا من نيرودا أن يكون ملهما عبر العصور وليس فقط ملهما لمرؤوسه ماريو خيمينث الشاب البسيط الذى استقر به المطاف ليكون ساعى بريد لزبون واحد فقط فى كل ايسلانيغرا ومن ثم عاشقا وحالما بالشعر أو ب (فتات اهتمام من الشاعر ) , تظهر شخصية ماريو كمحور إلى جانب اسم نيرودا العملاق الزبون أو المرشح الرئاسى أو السفير فيما بعد لبلاده الشيوعية فى فرنسا , شيوعية نيرودا المنتقدة بشكل غير مباشر من قبل سكارميتا من خلال عبارة فى السياق لم تمر مرور الكرام ص3 ( هذا يعنى أنه لن يكون من اللائق بأى حال الطلب من الشاعر _مهما كان شيوعيا _ أن يشطب كلماته ويستبدلها بكلمات أخرى )
نيرودا قال فى مذكراته : جاءت الحياة السياسية مثل الرعد لتخرجنى من أعمالي, لقد كانت الحشود البشرية الدرس الذى تلقيته فى حياتى ) هكذا تدرج اسم نيرودا من محبوب البسطاء إلى مرشح رئاسى للجمهورية إلى بروفا جنرال(سفيرا ) فى سفارة تشيلى لدى فرنسا ...
هناك حيث لم تنقطع علاقة الزبون بحامل الرسائل ومن ذلك المفصل الروائى الهام باشر سكارميتا يهيء لأحداث نهاية الرواية أو لنقل (نهاية نيرودا ) إذ تحول الجو العام من الأسلوب الساخر الخفيف الشيق إلى سرد أشبه بتلاوة الوصايا الأخيرة قبل الموت ,بسينمائية مدهشة بدءا من رسالةِ الغائب عن الوطن ( نيرودا السفير ) إلى مجنح القدمين ماريو وعائلته أخيرا بعد زواجه من معبودته بياتريث ومقدرته على تجاوز عداء حماته روسا غونثالث لاستعارات نيرودا الحارقة ( ابتسمات مثل الفراشات ) و(كلمات كالعصافير)
الرسالة التى بدا فيها نيرودا متعلقا أكثر من ذى قبل ببيته فى ايسلانغرا إلى الحد الذى طلب فيه السفيرُ الشاعر من ساعيه المخلص من خلال ارساله لالة تسجيل حملت صوت الشاعر كملاحظة أخيرة كان ينتظرها بعد رسالة بدت للوهلة الأولى بلا ( م,أ) و حسب ماتعلم من الشاعر ( إنه لايمكن أن تكون هناك رسالة بلا ملاحظة أخيرة ) إذن هى ملاحظة أخيرة على هيئة صوت بثته آلة تسجيل حاملة صوت الشاعر الحزين :( أريد منك أن تتمشى بآلة التسجيل هذه فى ايسلانيغرا وتسجل لى كل الأصوات التى تجدها , إننى أحتاج لدرجة اليأس ولو لمجرد شبح بيتى ..صحتى ليست على مايرام ..إننى افتقد البحر ..افتقد العصافير ..ابعث لى باصوات بيتى ..أدخل الى الحديقة واقرع
الأجراس,سجل أولا ذلك الرنين النحيل الذى تصدره الأجراس عندما تحركها الرياح ثم شد بعد ذلك حبل الناقوس الأكبر خمس أو ست مرات ,الجرس ,جرسي! ليس هناك مايرن مثل كلمة جرس إذا علقناها على برج أجراس بجانب البحر )
لعل سكارميتا أراد أن يكرس وجهة نظره وربما هى وجهة نظر شائعة فى موقعين أولهما على لسان النائب لبيه ذى الميل الاشتراكى : نيرودا شاعر عظيم , وربما هو أعظم الشعراء ولكننى بصراحة أيها السادة لاأستطيع تصوره رئيسا لتشيلى .
وثانيهما على لسان أرملة غونثالث :( إنهم كشعراء أفضل منهم كرجال دولة )
وفى زوايا عدة من الرواية التى تقبض على القارئ حالما يلجها ولو للاستكشاف والمعاينة بدا نيرودا معلقا بين الاستعارات وغرامه الأبدى ( تشيلي) ووطنيته وانتمائه الحزبى والشعر الذى يعتبره سلاحه الوحيد والوجود عامة ..هذا ماأرادنا أن ندركه أنطونيو سكارميتا فى عبارته ذات الأثر المدوى
على لسان ساعى بريد نيرودا : هل تعتقدُ حضرتك أن العالم بأكمله استعارة لشيء آخر ؟!
*ساعى بريد نيرودا ,الكاتب أنطونيو سكارميتا
ترجمة : صالح علمانى ,ضمن سلسلة إبداعات عالمية
الطبعة الأولى 2011
.....
,دمشق 15-آب_2017


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.