أشارت الدراسات الجيولوجية والأثرية أن مدينتي سدوم وعامورا كانتا تقعان في وادي سديم الذي كان يشغل النهاية القصوى والأكثر انخفاضاً من بحيرة لوط ، وأن هذه المنطقة كانت من أكثر المناطق سكاناً في هذه الأرض . وأن هناك قسم يشبه اللسان يشكل شبه جزيرة في شرقي بحيرة لوط وهو يقسم قاع البحيرة تحت الماء الى قسمين ولا يبدو هذا ظاهراً للعيان فوق اليابسة ومع أن القاع في يمين شبه الجزيرة هذه هو على عمق 400 م ، الا أن الجانب الأيسر منها ضحل الى درجة محيرة ولفت انتباه وورنر كيلر عالم الأثار الإلماني أن هذا الجزء الضحل حدث نتيجة هزة أرضية وانهيار كبير أحدثته هذه الهزة ، كما أكدت الأبحاث إن الجزء السفلي من البحر الميت غطي مدن سدوم وعامورا الموجودتان في وادي سديم ، نتيجة انهيار القاعدة بسبب كارثة طبيعية مرعبة حدثت خلال الفترة التي عاش بها قوم لوط بهذه المنطقة واندفعت المياه المالحة من الشمال إلى هذا الفراغ والتجويف الحادث وملأت هذا القسم تماماً. وتكشف الأبحاث الجيولوجية عن الناحية الديناميكية لكارثة قوم لوط، وتقول هذه الدراسات : إن الزلزال الذي دمر القوم جاء نتيجة لتشكل صدع طويل في الأرض (خط التصدع) على بعد 190 كم ليشكل حوض نهر الشريعة ، يشير انحدار نهر الشريعة نزولاً حوالي 180 كم، بالإضافة إلى انخفاض البحر الميت بمقدار 400 متر عن سطح الأرض إلى أن حادثاً جيولوجياً على جانب من الأهمية قد اتخذ مجراه في حقبة من الزمن ، إذ تنخفض هذه البحيرة 400 متراً عن سطح البحر الأبيض المتوسط، وبما أن أخفض نقطة في هذه البحيرة تغوص حتى 400 متراً عن سطحها، إذن فقاع البحيرة يكون بانخفاض 800 متراً عن سطح البحر، وهذه أخفض نقطة على وجه الأرض، لا يتعدى عمق المناطق المنخفضة عن سطح البحر في البحر أكثر من 100 متراً والخاصية الأخرى التي تختص بها هذه البحيرة دون غيرها هي الكثافة الملحية فيها والتي تبلغ 30% ، ولا تسمح هذه النسبة لأي نوع من الكائنات البحرية مثل الأسماك، الطحالب وما إلى ذلك بالعيش فيها ، ولهذا سميت بالبحر الميت "Dead Sea" في الأدب الغربي. تشكل البنية المثيرة لنهر الشريعة وبحيرة لوط جزءاً صغيراً فقط من الشق أو الصدع الذي يمر من هذه المنطقة من الأرض، ويلاحظ انه اكتُشِفَ مكان وطول هذا الصدع في أيامنا هذه فقط ، بينما تحدث عنه القرآن من أكثر من 1800 عام . يبدأ الصدع من مناطق جبال طوروس ويمتد جنوباً حتى بحيرة لوط، ثم يواصل امتداده خلال الصحراء العربية ليصل إلى خليج العقبة، ثم يستمر عبر البحر الأحمر لينتهي في إفريقيا، وعلى امتداد هذا الصدع لوحظت أنشطة بركانية ، حيث يمكن ملاحظة الحجارة البازلتية والبركانية في جبل الجليل في فلسطين وفي المناطق المنبسطة والمرتفعة من الأردن وفي خليج العقبة والمناطق المجاورة وتدل هذه الآثار والمعلومات الجيولوجية مجتمعة على أن بحيرة لوط قد شهدت كارثة جيولوجية مخيفة. كتب وورنر كيلر : غاص وادي سديم الذي يتضمن سدوم وعامورا مع الشق العظيم ، الذي يمر تماماً في هذه المنطقة ، إلى أعماق سحيقة في يوم واحد، حدث هذا الدمار بفعل هزة أرضية عنيفة صاحبتها عدة انفجارات، وأضواء نتج عنها غاز طبيعي وحريق شامل ، تحررت القوى البركانية التي كانت هامدة في الأعماق على طول الصدع من ذلك الغور، ولا تزال فوهات البراكين الخامدة تبدو ظاهرة في الوادي العلوي من الأردن قرب باشان ، بينما تترسب الحمم البركانية وتنتشر طبقات عميقة من البازلت على مساحة واسعة من السطح الكلسي وتدل هذه الحمم المتحجرة وطبقات البازلت على تعرض هذه المنطقة إلى هزة عنيفة وبركان ثائر . قال الله تعالى : ( كَذَّبَتْ قَومُ لُوطٍ المُرْسَلِيْنَ إذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلا تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِيْنٌ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيْعُونِ وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى رَبِّ العَالَمِيْنَ أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ العَالَمِيْنَ وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ ربُّكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَومٌ عَادُونَ قَالُوا لَئِنْ لَّمْ تَنْتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ المُخْرَجِيْنَ قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِّنَ القَالِيْن ) وقال الله تعالى : (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِيْنَ فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّنْ سِجِّيْلٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِيْنَ وَإِنَّها لَبِسَبِيْلٍ مُّقِيْمٍ ) (الحجر: 73-76) وقال الله تعالى : (فَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارةً مِّنْ سِجِّيْلٍ مَّنْضُودٍ مُّسَوَّمَةً عِنْد رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِيْنَ بِبَعِيْدٍ ) (هود: 82-83) وقال الله تعالى : (ثُمَّ دَمَّرْنَا الآخَرِيْنَ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَّطَراً فَسَآءَ مَطَرُ المُنْذَرِيْنَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِيْنَ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ العَزِيْزُ الرَّحِيْمُ ) (الشعراء: 172-175) وقال الله تعالى : ( فَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّنْ سِجِّيلٍ مَّنْضُودٍ ) (الآية 82 من سورة هود ) الإمطار بالحجارة الذي تحدث عنه القرآن نصا في أكثر من آية يشير إلى حدوث الانفجار البركاني وهو ما يحدث عادة في صورة قذف حجارة ملتهبة وهو ما جاء في قول الله تعالى ( وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارةً مِّنْ سِجِّيْلٍ مَّنْضُودٍ مُّسَوَّمَةً ) وهو الطين المطبوخ أو الملتهب حيث تساقطت الحجارة الملتهبة من أفواه البراكين على قوم لوط كالمطر والذي دمر قوم لوط وخسف بهم الأرض كما جاء في قوله تعالى : " جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا ". [email protected] لمزيد من مقالات نهى الشرنوبي;