هنا في المدارس القومية، تعلم عدد من ملوك وأمراء العالم أمثال الملك حسين ملك الأردن والملكة صوفيا ملكة اسبانيا وأيضا المشاهير من نجوم السياسة والفن أمثال عمرو موسي، وفايزة أبو النجا، ومهاب مميش، وهشام زعزوع، وعمر الشريف، واحمد رمزي. ولكن، بالرغم مما حققته المعاهد القومية من نجاحات، إلا أنها تحولت لمدارس مشوهة مابين الخاص والتجريبي، بعد أن كانت المقصد الوحيد لتعليم أبناء الملوك والأجانب. ◄أولياء الأمور: الإدارة تسير وفقا للأهواء والميول وغياب القواعد العادلة لتقييم المعلمين ◄الخبراء: تجربة رائدة للحفاظ على الهوية الثقافية.. وتعدد جهات الإشراف أدى لفساد إدارى ◄ سفير نور: تعرضت للإهمال الشديد برغم أهميتها كحائط صد ضد المدارس الخاصة إنها المدارس القومية القائمة علي الفكر التعاوني غير الهادف للربح، وبعد الارتفاع الرهيب لمصروفات المدارس الخاص بات الإقبال عليها شديدا خاصة من أبناء الطبقة المتوسطة ووصلت قائمة الانتظار إلي قرابة 150 ألف طالب، في حين بلغت أقصي طاقة استيعابية 90 ألف طالب موزعة علي 39 مدرسة عدد تلك المدارس. ويقول اللواء سفير نور نائب رئيس حزب الوفد الذي تولي رئاسة الجمعية العامة للمعاهد القومية عام 1999لمدة خمس سنوات وألف كتابا عنها، قائلا: إنها مدارس أبناء الجاليات الفرنسية والانجليزية والأمراء والملوك أنشئت بداية القرن الماضي وتحولت عقب العدوان الثلاثي 1956 إلي مدارس تعاونية ذات طبيعة خاصة وبعد قيام الرئيس عبد الناصر بتأميمها تحت مسمي المعاهد القومية، شهدت إهمالا شديدا وتدنيا في مستواها رغم أهميتها كحائط صد ضد المدارس الخاصة لما تمتلكه من إمكانيات ومساحات شاسعة تزيد علي مساحات بعض الجامعات الخاصة وبها ملاعب وحمامات سباحة ومعامل. ويضيف أنها تتفوق علي المدارس الخاصة والدولية التي تصل مصروفاتها الي مئات الآلاف من الجنيهات ويؤكد نور أنه خلال رئاسته للمعاهد القومية أردت التوسع وحصلت علي أراض من المحافظين في الإسكندرية والمنيا والأقصر وقنا وبورسعيد وتم إنشاء 3 مدارس في الإسكندرية بدعم معنوي من الدكتور حسين كامل بهاء الدين وزير التربية والتعليم في ذلك الوقت ولم يتم استغلال باقي الأراضي بعد رحيلي فرجعت للمحافظات. ويري اللواء سفير نور أن انخفاض المصروفات «6 آلاف جنيه في المتوسط « لهذه المدارس التي تعمل كأنها خاصة أدي إلي انخفاض حاد في مستوي المعلمين وهروب الأكفاء الي المدارس الخاصة فالمرتبات في حدود 900 جنيه، مما يهدد مستقبل هذه المدارس والتي تعتبر أفضل من مدارس النيل واليابانية والصينية، وهي الأكثر قدرة علي استيعاب أبناء الطبقة المتوسطة والحفاظ علي الهوية الثقافية وزرع الانتماء لدي النشء، الأمر الذي يتطلب رفع المصروفات لتكون 12 ألف جنيه في المتوسط للارتقاء بمستوي المدرسين والاهتمام بالأنشطة التي تبني شخصية الطلاب. وتبادر عزة شعبان رئيس مجلس إدارة المعاهد القومية بالدفاع عن تجربة المدارس التابعة للمعاهد القومية بالقول أنها تمثل تجربة رائدة وتحظي بتأييد وترحيب شديدين من جانب الحكومة، وهناك اهتمام ملحوظ من قبل وزير التربية والتعليم للتوسع في نشر التجربة علي نطاق واسع خاصة في محافظات الصعيد، وتم مناقشة هذا الموضوع مع الوزير الذي طالب بضرورة إعداد مذكرة تفصيلية حول الموضوع لعرضها علي مجلس الوزراء لاتخاذ اللازم. وأوضحت أن هناك تجاوبا كبيرا لتقديم التعاون للمدارس من قبل المؤسسات العاملة في قطاع التعليم كالجامعة الأمريكية والمعهد البريطاني ومعهد جوتة لتقديم منح ودورات تدريبية مخفضة للمدرسين العاملين في المدارس التابعة للمعاهد القومية، آخرها الاتفاق الذي عقد بين المعاهد وأكاديمية النقل البحري لتدريب المدرسين. مدارس تجريبية علي أرض الواقع التقينا مع عدد من أولياء الأمور، يقول المهندس يوسف محمد يوسف ولي أمر الذي وصف المدارس القومية بأنها مدارس تجريبية بمصروفات اعلي بداية بغياب فكر متميز في طرق التدريس ولا اقصد هنا المناهج، مرورا بتداخل الاختصاصات بين إدارة المدرسة ومجلسي الإدارة والأمناء بل أن العمل بالكامل في تلك المدارس يسير طبقا لأهواء وميول مدير المدرسة وغياب القواعد العادلة سواء في تقييم المدرسين أو اختيارهم، بل إن اختيار المدرسين لا يختلف عن المدارس التجريبية، وصولا لرسوم مصروفات النشاط «500 جنيه»، فإننا نجد إدارة المدرسة رغم حصولها علي تلك المصروفات من الطلاب نجدها تطالب أولياء الأمور بإحضار مستلزمات النشاط طوال العام أي انها تحصل علي مصروفات النشاط مرتين . في نفس الاتجاه، يقول محمد عبد المنعم «ولي أمر» إنها تحولت من مدارس متكاملة تقدم خدمة تعليمية جيدة لا تهدف للربح كحالة وسط بين الخاص والتجريبي بها كل مقومات النجاح الي مدارس تعاني تراجعا واضحا وشديدا بسبب تدني دخول المدرسين بتلك المدارس فهرب منها الأكفاء، وغياب الرؤية المتكاملة حول وضع ومستقبل المدارس وكيفية التطوير وأصبح اهتمام القائمين عليها منصبا علي العمل الروتيني اليومي والتحويلات والقبول بالمدارس. لا تهدف للربح ويقول المستشار عبد الله سلام رئيس مجلس أمناء احدى المدارس القومية ونائب رئيس مجلس إدارة المعاهد القومية السابق، إن مهمة مجلس الأمناء - بموجب القرار الوزاري- المساهمة في تطوير العملية التعليمية بجمع التبرعات للعملية التعليمية للمدرسة والإشراف علي إنفاق المبالغ المخصصة للأنشطة. ويضيف أن هذه المدارس تتميز بالمرونة الإدارية والاستقلالية عن الوزارة في اتخاذ القرارات الإدارية وبعض القرارات المالية بما يخدم العملية التعليمية ولكل مدرسة شخصية اعتبارية يشرف عليها الجمعية العامة للمعاهد القومية والتي يتشكل مجلس إدارتها من رئيس معين من قبل الوزير وباقي مجلس الإدارة بالانتخاب من قبل أعضاء الجمعيات العمومية الفرعية للمدارس، وهي لا تشكل أي عبء علي ميزانية الدولة حيث يقوم أولياء الأمور بتحمل عمليات البناء والتوسع وجميع تكاليف العملية التعليمية دون أن يكون هناك هدف لتحقيق أرباح، ففي الوقت الذي تبلغ متوسط مصروفاتها 6 آلاف جنيه للطالب نجد ان مصروفات المدارس الخاصة المجاورة لها وفي نفس المستوي التعليمي في المتوسط22 ألف جنيه للطالب، وطالب المستشار زيادة في الشفافية بضرورة خضوع ميزانيات المدارس القومية لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات باعتبارها مالا عاما. منطق السوق تقول الدكتورة بثينة عبدالرؤوف أستاذة أصول التربية ولديها العديد من الأبحاث حول المعاهد القومية والتي خلصت فيها إلي انه في ظل الازدياد الرهيب في مصروفات المدارس الخاصة والدولية وسيطرة منطق السوق علي فكر أصحاب المدارس الخاصة، مع تزايد مشكلات التعليم الحكومي العام بداية من عدم قدرته علي استيعاب أعداد الطلاب المتقدمة إلي انخفاض مستوي الأداء التعليمي والتربوي في كثير من المدارس الحكومية تظهر أهمية المدارس التابعة للمعاهد القومية وعددها 39 مدرسة بها قرابة 90 ألف طالب كطوق النجاة الوحيد لأبناء الطبقة المتوسطة. وتضيف الدكتورة بثينة: إن النموذج الفكري لهذه المدارس جيد جدا ولكن علي ارض الواقع يواجه العديد من العقبات منها: نظرا لتعدد جهات الإشراف لدينا فساد وإداري وأزمات مادية متعددة بسبب انخفاض الإيرادات الناتجة عن مصروفات المدارس المتدنية في مقابل زيادة حجم الإنفاق لارتفاع الأسعار، كما أن العمل بالمعاهد القومية قائم علي العمل التطوعي وهناك عدم تفهم لدي عدد كبير من أعضاء مجالس الإدارات المعاهد القومية والمدارس التابعة لها لمعني مبدأ العمل التطوعي وعادة ما يعتبرون أن منصب مجلس الإدارة عبارة عن سلطة أو منصب بهدف التحقيق رغبة غريبة للتدخل في العملية التعليمية ويظهر ذلك التدخل في عمليات تعيين المدرسين والإداريين ونقل وقبول الطلاب دون تقيد بقواعد شفافة في عدد من المدارس وتحديد المصروفات والغريب انه قد يكون في الغالب هذا الشخص ليس لديه أدني علاقة من قريب او من بعيد بالعملية التعليمية من الأساس وبذلك يتحول العمل التطوعي الي مجال للصراعات الداخلية علي تولي المناصب، تلك المعوقات وغيرها نجم عنها تجميد الفكرة لعشرات السنين وعدم القيام بإنشاء مدارس جديدة تعاونية تخدم أبناء الطبقة المتوسطة. الطبقة المتوسطة ويقول حاتم محمد عبدالفتاح مدير احدي المدارس القومية بمدينة السادس من أكتوبر إن هذه المدارس كانت تخدم أبناء الطبقة المتوسطة المثقفة خاصة أن من شروط القبول للطلاب إجادة الأبوين أو إحداهما علي الأقل اللغة الأجنبية الأساسية للمدرسة، كما يشترط حصول الأبوين علي مؤهل عال، وتقدم المدارس تعليما متميزا من خلال الالتزام باختيار معلمين متخصصين يتم اختيارهم علي أسس وقواعد تبدأ بحصول المتقدمين علي مؤهل متخصص ويكون حاصلا علي مؤهل تربوي أي خريج كليات التربية أو دبلومة تربوي من احدي الجامعات الحكومية لمدة عامين . ويضيف أن المدارس القومية تراعي المعايير العالمية في كثافة الطلاب بالفصول، الأمر الذي أدي إلي وجود إقبال شديد من قبل أبناء الطبقة المتوسطة علي الدخول في هذه المدارس فعلي سبيل المثال تبلغ السعة القصوي لمرحلة رياض الأطفال بالمدرسة 180 طالبا فقط وجدنا أن عدد الطلاب الذين ينطبق عليهم الشروط من المتقدمين بلغ 650 طالبا أي أربعة أضعاف القدرة الاستيعابية للمدرسة ونفس الوضع لباقي المراحل بالمدرسة. ونفي حاتم وجود أي تدخل وتضارب في الإدارة مؤكدا أن القانون رقم 1 لسنة 1990 المنظم لعمل الجمعيات التعاونية كفل لمدير المدرسة التصرف الكامل في العملية التعليمية وحظر أي تدخل من قبل أعضاء مجلسي الأمناء والإدارة بالمدرسة في اي شأن من شئون إدارة المدرسة وان الإشراف المباشر علي العملية التعليمية بالمدرسة بمعرفة الإدارة التعليمية التابعة لها المدرسة، مطالبا بالنص علي ضرورة اشتراط فيمن يترشح لعضوية مجلسي الإدارة والأمناء بالمدرسة والمعاهد أن يكون متخصص في العملية التعليمية للاستفادة من خبراته أمثال أساتذة الجامعات.