أبناؤنا ضحايا الإهمال وضعف إمكانات المدارس الحكومية .. والخاصة تستغلنا رئيس الإدارة المركزية للتربية الخاصة: الوزارة توفر الوسائل التعليمية لمساعده ذوى الإعاقة على التفوق
نواصل اليوم استكمال ملف تعليم الأشخاص ذوى الإعاقة الذى فتحناه منذ فترة، بعمل جولة ميدانية داخل مدارس التربية الفكرية لذوى الإعاقة الذهنية ومدارس «الأمل» الخاصة بالصم وضعاف السمع، للوقوف على آخر استعداداتها، ومعرفة آراء أولياء أمور الطلاب حول تقييم الدراسة بتلك المدارس والمشكلات التى تواجههم حتى يتم حلها، ولفت انتباهنا تحفظ الأهالى فى الحديث معنا خوفا على مستقبل أبنائهم من إدارة تلك المدارس التى تهددهم دائما بطرد أبنائهم فى حالة الحديث إلى وسائل الإعلام، مما يوحى بوجود مخالفات تعليمية كثيرة «مسكوت عنها»، نحاول التقرب منها وكشفها فى هذا التحقيق. بدأت جولتنا من مدرسة التربية الفكرية التجريبية بالعباسية، وبمجرد دخولنا المدرسة وسؤال بعض المدرسات عما يميز المدرسة على باقى مدارس التربية الفكرية الأخرى باعتبارها تجريبية، تبين أن الفارق الوحيد هو قبول الأطفال من عمر 4سنوات ونصف حتى 13عاما كما ينص القانون، ويلتحق الطالب بعامين كمرحلة تمهيدية قبل المرحلة الابتدائية، ومن أهم الشروط ألا يقل مستوى ذكاء الطفل عن 50٪ولا يتم قبول الحالات الصعبة التى تحتاج لمرافق، كما أكتفت المدرسة ببعض الألعاب تم إحضارها العام الدراسى الماضى، وبسؤالهن عن الأجهزة والوسائل التعليمية التى تحتاجها المدرسة، رفضن الحديث بشكل قاطع. وفى اتصال هاتفى مع إحدى معلمات مدرسة التربية الفكرية بالزقازيق ( رفضت ذكر اسمها) اتضح لنا أن من أهم شروط قبول الأطفال بالمدرسة القدرة على النطق وأن يكون العمر من 6سنوات حتى 12سنة، ويجب أن يجتاز الطالب اختبار لجنة القبول التى تتكون من أخصائى نفسى واجتماعى ومدرس الفصل وطبيب المدرسة والمدير، بعد ذلك يظل تحت الملاحظة 15 يوما وفى حالة عدم استجابة الطالب يظل مرة أخرى تحت الملاحظة وإذا تكرر عدم الاستجابة يتم تأجيل قبوله بالمدرسة إلى العام القادم. وأضافت: يوجد فى الفصل الواحد من 8 إلى 12طالبا، وبه عدة مستويات عقلية، لذلك نعمل مع كل طالب على حدة، حيث يجلس المعلم وسطهم ويوجه كلا منهم، هناك من يدرك كيف يمسك القلم، ويميز بين الألوان، ويعرف اسم وصورة الأشكال المختلفة، والبعض لا يتمكن من تلك المهارات، ولا يمكن لمعلم التربية الفكرية أن يدخل الفصل بدون وسائل تعليمية مثل المكعبات والصلصال والمجسمات حتى لا تفشل الحصة. أما محمد عبد المولى، مدرس تربية فنية بإحدى مدارس التربية الفكرية الخاصة، فقال: تعليم الطلاب يرتكز على تنمية المهارات الإدراكية عن طريق الهوايات المختلفة، لذلك قامت المدرسة باستقبال الطلاب طوال الأسبوع الجارى ليمارسوا بعض الأنشطة الفنية مثل الرسم والأشغال اليدوية والموسيقى لنتعرف على مهارات كل طالب ونتمكن من استثمارها طوال العام الدراسى لتنمية شخصيته. المناهج تفوق القدرات وبسؤال والدة طالبة فى مدرسة خاصة قالت: لا توجد مهنية بالمدرسة، حيث إن أبنتى وصلت لعمر السابعة عشرة ولا تجيد القراءة أو الكتابة مطلقا، رغم أنها فى المرحلة الإعدادية، بالإضافة إلى أن المناهج تفوق قدراتهم على الاستيعاب على سبيل الذكر يحتوى المنهج على درس عن حرب أكتوبر 1973ومحافظات مصر، لذلك أوجه سؤالى لواضعى هذه المناهج فى وزارة التربية والتعليم كيف لطالب مدرسة فكرية أن يستوعب مثل هذه المعلومات؟ وماذا يعرف عن الحياة ليفهم معنى الحرب أو فكرة تقسيم الدولة إلى محافظات؟ خصوصا إذا كان لا يتمكن من القراءة أو الكتابة مثل أبنتى؟. وأضافت:مصروفات المدرسة تتعدى 15 ألف جنيه، وتوجد مدارس أخرى تصل قيمة المصروفات بها إلى أكثر من 50 ألف جنيه، والنتيجة واحدة، ولكى أصل بابنتى إلى مستوى تعليمى أفضل يحتاج ذلك إلى توفير مدرسين فى المنزل أو أترك عملى وأتفرغ لها وذلك مستحيل فى ظل الظروف الاقتصادية الحالية ووجود أبناء آخرين لهم متطلبات أخرى. وأقترح أن يتم وضع مناهج تعتمد على أسلوب التعليم المرئى حتى ينجذب إليه الطلبة. أما مى البحا أخصائية تكامل حسى، وولى أمر من محافظة الإسكندرية فقالت: لا أثق فى مدارس التربية الفكرية مطلقا، حيث إنها تعانى من عدم النظافة مما يؤدى إلى انتشار الأمراض بين الطلاب بالإضافة إلى الإهمال والفوضى التى تؤدى أحيانا إلى تعرض الطلاب والطالبات إلى التحرش ويصل الأمر إلى الاغتصاب، لذلك لم أفكر مطلقا فى التقديم لابنى فى مدرسة تربية فكرية، والتحق بمدرسة تعمل بنظام الدمج. معاناة الصم ولا يختلف الحال كثيرا لطلاب مدارس الصم وذويهم فهم يكابدون الكثير من المعاناة . وبسؤال سهام مهلهل والدة طفلين بمدرسة «الأمل» للصم بالهرم قالت: رزقت بولد وفتاة يعانيان من الصمم والآن الفتاة وصلت للصف الثالث الثانوى والولد بالمرحلة الإعدادية، ولكن لا يوجد تفهم من بعض المدرسين بحالة الطلبة وانخفاض مستوى تحصيلهم، وذلك جعل أبنى لا يرغب فى الذهاب إلى المدرسة خاصة بعد دخوله قسم الرسم على عكس رغبته، ولأننا من سكان منطقة منشية البكارى التابعة لكرداسة والمدرسة تقع فى منطقة الهرم أستقل وسيلتى مواصلات لأصل فى الثامنة صباحا، وأنتظر حتى موعد الخروج بعد الواحدة ظهرا أمام باب المدرسة لأصطحب الولد والبنت إلى المنزل. وتتفق مع الطرح السابق عزة فزانى وتقول: ابنتى طالبة بالمرحلة الإعدادية ورغم ذلك لم تتمكن من القراءة والكتابة إلا مؤخرا عندما أحضرت لها مدرسا خصوصيا لأن تعليم المدرسة لا يكفى، كما أننى لدى طفلة تبلغ من العمر خمس سنوات تعانى من سيولة فى الدم مزمنة، وتحتاج إلى المتابعة المستمرة فى المستشفى ورغم ذلك أضطر إلى اصطحابها معى كل يوم فى رحلة الذهاب إلى المدرسة من ناهيا للهرم، لذلك أتمنى أن يتم إنشاء مدرسة فى قرية ناهيا لأن بها أعدادا كثيرة من الأطفال الصم حتى تخفف عنا المعاناة. وبسؤال أخرين من أولياء الأمور وجدنا أن الكارثة الكبرى التى يعانى منها طلاب مدارس الصم هى عدم توافر مدرسين يجيدون لغة الإشارة وبذلك يدخل المعلم الفصل ليشرح لنفسه دون أن يسمعه طالب واحد، بالإضافة إلى عدم دخول الصم الكليات، ويتوقف تعليمهم عند الحصول على شهادة دبلوم متوسط. رد وزارة التربية والتعليم جمعنا كل هذه الأسئلة والمشكلات السابقة وطرحناها على الدكتورة هالة عبدالسلام رئيس الإدارة المركزية للتربية الخاصة لشئون التربية الخاصة بوزارة التربية والتعليم، وأجابت قائلة: الدكتور طارق شوقى وزير التعليم يولى اهتماما كبيرا بذوى الإعاقة من خلال توفير كافة الوسائل التعليمية لمساعدتهم على التفوق، وأضافت: فيما يخص مدارس النور للمكفوفين وضعاف البصر والتى تضم 2764 طالبا داخل المدارس فإن القرار 291 أتاح لهم اختيار أكثر من لغة ثانية بالمرحلة الثانوية بعد أن كان الطالب مقيدا بلغة واحدة وهى الفرنسية، كما أتاح لهم مع بداية العام الدراسى تكبير الخط ببنط 24 للطلاب المدمجين من ضعاف البصر داخل التعليم العام اسوة بزملائهم فى مدارس ضعاف البصر وأشارت إلى أنه فيما يخص مدارس الصم وضعاف السمع والتى يبلغ عدد طلابها 12884 طالبا، أكدت أنه تم تنفيذ مبادرة «أنا أصم من حقى أن تفهمنى» داخل المديريات التعليمية لكافة العاملين لتعلم لغة الإشارة من خلال 400 جملة إشارية. وبالنسبة لمدارس التربية الفكرية والتى يبلغ عدد طلابها 22446 طالبا، قالت الدكتورة هالة عبد السلام إن من أهم الاستعدادات التى كفلها القرار تحويل المصدقة إلى شهادة وإضافة عامين تلمذة صناعية، وأن الوزارة استقبلت طلاب التربية الخاصة والدمج بالقرارين الوزاريين 252 / 291 واللذين سيحدثان طفرة فى عالم التربية الخاصة كما تنوى الوزارة استقبال العام الدراسى بممارسة كافة الأنشطة وتشجيع الطلاب عليها وإقامة المسابقات التنافسية فى تنس الطاولة للبنين والبنات وكرة القدم للبنين.