تشهد العاصمة السويسرية جنيف بعد أيام اجتماعا مهما حول أكثر المواد خطورة على الإنسان والبيئة وهى معدن الزئبق الذى يوصف بأنه أكثر المواد خطورة على وجه الأرض، إذ يؤدى تسربه إلى الماء والهواء والتربة إلى تسمم البيئة وتهديد حياة الكائنات الحية، فنقطة صغيرة منه على اصبع الإنسان قد تكون مميتة، كما أن قطرة واحدة منه فى بحيرة مائية قد تكون كافية للقضاء على الأسماك بهذه البحيرة. والزئبق يستخدم على نطاق واسع فى مختلف القطاعات الصناعية والصحية واستخراج الذهب وصناعة الألغام وغيرها، ولذلك كان وضع إطار علمى وقانونى للتعامل معه أمرا مطلوبا على المستوى المحلى والدولي، ولم يقف العالم موقف المتفرج بل سعى إلى إقرار اتفاقية دولية بشأن الزئبق ، وهذه الاتفاقية هى موضوع اجتماع جنيف فى الفترة من 24 إلى 29 سبتمبر وهو الاجتماع الأول للدول الأطراف لاتفاقية «ميناماتا» بشأن الزئبق بحضور رئيس الاتحاد السويسرى ووفود الدول الموقعة على الاتفاقية. ويقول الدكتور مصطفى حسين كامل مدير المركز الإقليمى للتدريب ونقل التكنولوجيا للدول العربية التابع لاتفاقية الأممالمتحدة (بازل) بشأن المواد الخطرة، الذى يمثل مجموعة الدول العربية فى اجتماع جنيف ، إن الاتفاقية الدولية الجديدة تعبر عن الاهتمام العالم بوقف انتشار وتداول هذه المادة السامة بشكل عشوائى وتترك لكل دولة حرية اتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة لتحقيق أهداف الاتفاقية، وتشمل المعالم الرئيسية لاتفاقية «ميناماتا» حظرا على مناجم الزئبق الجديدة ، والتخلص التدريجى من الألغام القائمة، والتخلص التدريجى من استخدام الزئبق وخفضه تدريجيا فى عدد من المنتجات والعمليات ، وتفعيل الرقابة على الانبعاثات فى الهواء والتداول على الأرض والمياه، وتنظيم القطاع «غير الرسمي» لتعدين الذهب.كما تتناول الاتفاقية أيضا التخزين المؤقت للزئبق والتخلص منه بمجرد أن يصبح نفايات وفرض الإحكام على المواقع الملوثة بالزئبق. ويوضح الدكتور مصطفى حسين أن عدد الدول التى وقعت على الاتفاقية حتى الآن 158 دولة وعدد الدول التى صدقت عليها 75 دولة ليس من بينها مصر، والدول العربية التى وقعت هى العراق والأردن والكويت وليبيا وموريتانيا والمغرب والسودان وسوريا وتونس والإمارات واليمن، أما مصر فموقفها غير واضح حتى الآن. ومخاطر انتشار الزئبق كثيرة وكبيرة، فهو المعدن الوحيد الذى يوجد سائلا فى درجة حرارة الغرفة وهو من المكونات الشائعة فى البويات ومدرات البول ومبيدات الحشرات والبطاريات والمصابيح الفلورسنت وكريمات الجلد والأدوية المضادة للفطريات واللقاحات التى تعطى للأطفال. كما أن حشوات الأسنان المسماة بالفضية تحتوى فى الحقيقة مكوناتها على 50% من الزئبق، وتعتمد درجة سمية الزئبق على نمط التعرض له وطريقة وصوله إلى الجسم، ونظرا لأنه يتبخر فى درجة حرارة الغرفة، قد يؤدى استنشاق الإنسان له إلى انتقال بخاره مباشرة من الرئتين إلى تيار الدم ومنه إلى المخ ، ومن الممكن أيضا أن يتسبب بخار الزئبق المنبعث من « ترمومتر « مكسور إلى تسمم جو الغرفة، لذا اتجهت الكثير من الدول إلى منع استخدام الزئبق فى موازين الحرارة، وتمتد المخاطر لتشمل استخدام الزئبق فى حشو الأسنان ، سواء على الأشخاص الذين يعالجون أسنانهم أو الأطباء المعالجين أنفسهم، حيث أشارت الدراسات إلى حدوث شذرات عصبية وسلوكية طفيفة فى أطباء الأسنان الذين يستخدمون ما مجموعه 300 طن مترى من الزئبق سنويا على مستوى العالم. ويؤكد الدكتور مصطفى حسين أن إنفاذ اتفاقية «ميناماتا» بدءا من هذا الشهر سيساعد كثيرا فى الحد من مخاطر المواد السمية. على جانب آخر يستعد المركز الإقليمى للتدريب ونقل التكنولوجيا لعقد المائدة الإقليمية التشاورية بمدينة الغردقة لعرض ومناقشة مدى التزام الدول العربية بتنفيذ مقررات مؤتمرات الدول الأطراف باتفاقية بازل المتعلقة بنقل وتداول المواد الخطرة ، وسيتناول اللقاء الذى تشارك فيه مجموعة من الخبراء وممثلو الجهات الرسمية بالدول العربية نقل الخبرات بعدد من الأنشطة الجارى تنفيذها بالدول العربية والخاصة بالإدارة السليمة للمخلفات الإلكترونية والنفايات الخطرة ومدى تطبيق الأدلة الإرشادية لتعزيز الإدارة السليمة بيئيا للنفايات. [email protected]