يعتبر الفن الموسيقى وسيلة انطلاق سامية جميلة المعانى رائعة التعبير يعبر بها الإنسان أو الفنان عن مشاعره الصادقة والتى لها مغزاها العميق والتى بها يستطيع أن ينقل أفكاره السامية إلى المجتمع عن طريق التعبير الموسيقى الراقي، وقد عبر الكثير من الموسيقيين العالميين عن الكلاسيكية وآخرون فى عصر الرومانسية................................................................. واليوم أتحدث عن الفروق المهمة فى كل من هذين النوعين من الموسيقى العالمية، فالموسيقى الكلاسيكية مشتقة من كلمة كلاسيك وكان يفهم قديما تعريفا لكلمة كلاسيك هو ما يختص بفنون وعلوم الإغريق والرومان ويفهم أيضا من هذا التعريف الإلتزام بالتقاليد والتنظيم، كما أن أصل كلمة كلاسيك هى Class وتعنى الفصل الدراسى أى أن الفن الكلاسيكى هو أساس المفاهيم التعليمية والتى لابد أن يبدأ منها كل دارس ولكن فى نفس الوقت هذا التعبير له معان أخرى وهو النضوج البشرى والارتقاء والسيطرة على وسائل التعبير شكلاً وموضوعاً. والكلاسيكية أيضاً ما هى إلا بلورة القيم الفنية والجمالية عند شعب ما وتعبر عن قيم وتقاليد هذا الشعب، أما إذا تحدثنا عن عصر الموسيقى الكلاسيكية الذى يقع بين عامى 1700 -1800م، فنستطيع أن تقول بسهولة بأن بصمات المجتمع الفييناوى – إذا جاز التعبير – كانت واضحة المعالم، شديدة التأثير، جميلة التكوين .. وحين أقول بصمات فأنا هنا لا أقصد الشكل الفنى فحسب، بل البصمات هى شكل ومضمون والبصمات هى أيضا دراسة واجتهاد وعمل وفن وموهبة وقد برز فى ذلك العصر الجميل فنيا على سبيل المثال كل من «هايدن»، «موتسارت» «بيتهوفن» وجميعهم ينتمى إلى مدرسة «فيينا» الموسيقية والتى كانت شاهدة على عصر هؤلاء العمالقة الذين اثروا الموسيقى بأعمالهم التى لاقت دوياً ونجاحاً مرموقا استمر لمئات السنين وسوف يستمر هذا الإعجاب لأنهم عرفوا كيف يقدمون للبشرية الموسيقى الجميلة فى قالب إبداعى جميل، ولقد بلغ هؤلاء العظماء درجة التفانى فى التنويع فى الأشكال الموسيقية البديعة حتى استطاعوا، أن يبرهنوا للعالم اجمع أن موسيقاهم هذه لم تكن أبداً موسيقى لإرضاء الملوك أو الأمراء مقابل الحصول على المال، بل كانت موسيقاهم نتيجة حب هذا الفن والدراسة بالإضافة إلى الموهبة حتى اظهروا للعالم اجمع أنهم استطاعوا إرساء المعالم الرئيسية للقوالب المختلفة مثل السوناتة بأنواعها المختلفة والكونشرتو والسيمفونية. لقد بلغ هؤلاء قمة النجاح فى إبداع الشكل الجميل الرائع الذى يعبر عن المشاعر السامية للإنسان المثقف كما أنهم ساهموا فى التمهيد بشكل واضح لظهور الرومانسية من بعدهم، واستطاعوا أن يستقطبوا قلوب العالم بلمساتهم الفنية الغاية فى الرقة والجمال. حيث امتدت هذه الفترة الموسيقية التاريخية بين عامى 1700 و 1800م كما أنها كانت تطورا ايجابيا ملحوظا لعصر الباروك.. هذا بالإضافة إلى أنها اتسمت بحساسية غاية فى الإبداع وظهرت بوضوح ملامح فن جميل المعنى راقى التعبير وذلك من الطبيعى أن يكون نتائج دراسة جادة ومواهب فذة أن دلت على شيء فإنها تدل على قيم فنية تستحق الاهتمام والإشادة. كما أن هذه الروائح استحوذت على إذن ومشاعر الإنسان المثقف الباحث عن الإبداع الفنى الغاية فى الجمال وأصبحت موسيقى ذلك العصر تستقطب شعوب العالم المتحضر وتنهض بالأجيال والشباب حيث تطورت السيمفونية تطورا ملحوظا كما تطور الكونشرتو بكافة أشكاله ليصبح ذات قيمة أكثر جودة. كما أصبح عزف الكونشرتو يحتاج إلى مهارات غاية فى الصعوبة هذا بالإضافة إلى تطور السوناتا بكافة أشكالها الغاية فى الرقى فتطورت بذلك الأشكال الموسيقية المختلفة وأصبح الفن الموسيقى عاملا أساسيا فى المجتمع الأوروبي.. أما العصر الرومانتيكى أو الرومانسى أستطيع أن أقول أنه كان ما بين عامى 1800 و 1900م والرومانسية هى الجمال اللا محدود أو الجمال اللانهائي.. وإذا كان طابع العصر الكلاسيكى هو النظام والإتزان فطابع العصر الرومانتيكى هو النشوة واستلهام جمال الأفكار من الطبيعة البكر. وأصبحت هذه الطبيعة تعبر عن المشاعر والإحساس كما أنها تشمل حب الجمال والإيمان بالإنسانية والدوافع النبيلة لهذه المشاعر. وكما تطورت الموسيقى الكلاسيكية متأثرة بعصر الباروك. تطورت أيضا الموسيقى الرومانسية متأثرة بعصر الكلاسيكية، لكن كل هذه الخصائص سواء كانت كلاسيكية أو رومانسية فإنها فى النهاية تختلف عن سائر الفنون الأخرى لأنها تخاطب الوجدان وهى فى نفس الوقت قادرة على مخاطبة مشاعر الإنسان فى كل أوان وكل زمان بشرط أن يكون إنسانا راقيا مثقفا متفهما لأحد أهم الفنون الجميلة التى تسعد بها الشعوب المتحضرة، وأصبحت الرومانسية أيضا فنا موسيقيا قائما بذاته تستمتع به الأذن وتتأثر الأحاسيس بجماله. كما أن الموسيقى الرومانسية يرجع إليها الفضل فى نشر الوعى الموسيقى الراقى فى أوساط الطبقة الوسطى وأيضا عامة الشعب فى القارة الأوروبية لما لها من جمال حسى بديع يؤثر فى العواطف والمشاعر الإنسانية ويظهر ذلك واضحا فى أعمال موسيقى ذلك العصر أمثال «تشايكوفسكي» و»شوبان» و»شوبرت» و»شومان» يا سادة أن هذه النوعية من الموسيقى العالمية التى اكتب عنها هى فى نظرى باقة زهور وورود جميلة أقدمها إلى القاريء المثقف ببساطة لأنها تحتوى على غذاء الروح الذى يحتاجه كل مثقف وهى أيضا لغة عالمية لا تحتاج إلى مترجم خاصة فى عصرنا هذا الذى أصبح عصرا متوهجا متوترا تملؤه المشاكل والمصاعب الحياتية المختلفة فى كل بقعة من هذا العالم.