انتخابات النواب: 39 مرشحًا بجنوب القاهرة لانتخابات النواب 2025 بينهم 24 مستقلًا    عقد الاجتماع الأول لدعم التحول الرقمى لتحسين بيئة الاستثمار الخاص بتقرير جاهزية الأعمال    وزير الاتصالات يشهد تخريج 5 آلاف متدرب في مجال الأمن السيبراني    وزير قطاع الأعمال العام يستقبل محافظ القليوبية لبحث تعزيز التعاون    النائب أحمد عبدالجواد: إعلان الرئيس السيسى وقف الحرب فى غزة لحظة تاريخية    إطلاق قافلة زاد العزةال 47 من مصر إلى غزة بحمولة 3450 طن مساعدات    67 ألف شهيد و170 ألف جريح.. حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلى على غزة    زيلينسكى يتهم روسيا بمحاولة زرع الفوضى فى أوكرانيا بقصف منشآت الطاقة    تحاليل جديدة تحدد موقف إمام عاشور من الانتظام في تدريبات الأهلي    منتخب مصر بصورة داخل الطائرة: أنجزنا المهمة.. وفى الطريق راجعين    غلق كلى بشارع 26 يوليو لمدة 3 أيام بسبب أعمال المونوريل    كوارث يومية فى زمن الانقلاب…حريق محل مراتب بالموسكي ومصرع أمين شرطة فى حادث بسوهاج    سيرة المجرى لازلو كراسناهوركاى صاحب جائزة نوبل فى الأدب عام 2025    أشرف زكي لليوم السابع: وقف الحرب انتصار للإرادة المصرية وحفظ حقوق فلسطين    صحة المنوفية: استمرار الجاهزية القصوى وتطبيق معايير الجودة وسلامة المرضى    9 نصائح فعّالة لتقليل استهلاك البنزين والسولار والحفاظ على كفاءة سيارتك    6 ميداليات لمصر في صباح اليوم الأول لبطولة العالم للسباحة بالزعانف    محافظ البحيرة تشهد ورشة نقل وتبادل الخبرات بالإدارة المحلية    حقيقة تغيير امتحان اللغة العربية لصفوف النقل| مصدر بالتعليم يكشف    يقتل شقيقه الأكبر بسبب الميراث بالشرقية    ننفرد بنشر بنود اتفاق إنهاء خصومة راح ضحيتها 11 قتيلا في أبو حزام| خاص    إصابة مواطنين في انهيار جزء من منزل بالفيوم    حبس المتهمين بقتل التيك توكر يوسف شلش فى المطرية 4 أيام    جامعة جنوب الوادي تقيم حفل تأبين للدكتور أحمد عمر هاشم    ارتفاع غير متوقع في أسعار الفراخ اليوم 9 أكتوبر    محافظ أسيوط يشهد احتفالية قصور الثقافة بالذكرى ال 52 لانتصارات اكتوبر المجيدة    بالحبر الطائر: صوت المرأة المتلاشى تحت وطأة القهر والخيبات    تفاصيل حفل أنغام المقبل في قطر أكتوبر الجاري    هبة رشوان توفيق: والدي متألم من شائعات وفاته وجالى اكتئاب    الحكومة تعلن أسعار الحديد والأسمنت اليوم.. زيادة جديدة في مواد البناء    الصحة العالمية: مستعدون لتلبية احتياجات المرضى في غزة    تيودور بلهارس يعزز التعاون الدولى مع منظمة الصحة العالمية لمكافحة البلهارسيا    لليوم الثاني، محكمة شمال بنها تتلقى أوراق المرشحين المحتملين لانتخابات النواب    برشلونة يعلن رسميا إقامة مواجهة فياريال في أمريكا    لبنان.. انطلاق رابع مراحل خطة الحكومة لعودة اللاجئين السوريين    التقييمات الأسبوعية للطلاب فى صفوف النقل عبر هذا الرابط    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 9 أكتوبر 2025 في محافظة المنيا    قاتلة ابن شقيق زوجها تدلي باعترافات أمام جهات التحقيق بقنا    موعد حسم اعتراضات رئيس الجمهورية على مواد مشروع قانون الإجراءات الجنائية    منسوب بحيرة ناصر مرتفع، خبراء بحوض النيل: السد العالي يستقبل مياه الفيضان من "مروى"    هل يجب التوقف عن بعض وسائل منع الحمل بعد سن الأربعين؟ استشاري يجيب    طريقة عمل بطاطس بيوريه بالجبن والثوم، أكلة سريعة التحضير ومغذية    6 لقاءات قوية في افتتاح الجولة الثامنة من دوري المحترفين    محافظ أسيوط يكرم أبطال السباحة بعد فوزهم بالمركز الأول في بطولة الصعيد لمراكز الشباب    فيفا: منتخب مصر يمتلك مقومات تكرار إنجاز المغرب فى كأس العالم 2026    أسعار الدواجن والبيض بأسواق القليوبية اليوم الخميس 9-10-2025    اتحاد الكرة: نشكر الرئيس السيسي على دعمه للرياضة.. ونتمنى أن يكرر حسام حسن إنجاز الجوهري    هل يجوز منع النفقة عن الزوجة لتقصيرها في الصلاة والحجاب؟.. دار الإفتاء تجيب    شاهيناز: «مبحبش أظهر حياتي الخاصة على السوشيال.. والفنان مش إنسان عادي»    عاجل - بالصور.. شاهد الوفود الدولية في شرم الشيخ لمفاوضات غزة وسط تفاؤل بخطوة أولى للسلام    عاجل- ترامب: قد أزور مصر يوم الأحد.. ومفاوضات اتفاق غزة "بالغة القرب"    سما المصري توجه رسالة ل المستشار مرتضى منصور: «ربنا يقومه بالسلامة بحق صلحه معايا»    «مقنعة جدًا».. وليد صلاح الدين يكشف ردود سوروب على أسئلة «الأهلي»    من أدعية الفجر| اللهم ارزق كل مهموم بالفرج    30 دقيقة تأخرًا في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الخميس 9 أكتوبر 2025    وزير الداخلية: مصر تمضي بثبات وسط عالم يموج بالصراعات والأزمات    سوء تفاهم قد يعكر الأجواء.. برج العقرب اليوم 9 أكتوبر    دينا أبو الخير: قذف المحصنات جريمة عظيمة يعاقب عليها الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خارج دايرة الضو
نشر في الأهرام اليومي يوم 20 - 07 - 2012

بلد من غير صاحب الله سبحانه وتعالي هو الذي اختار لبلدنا اسم مصر في قرآنه الكريم آخر الرسالات السماوية للبشرية.. وقبلها لم يكن اسمها مصر...
المولي عز وجل أعطي للبلد الذي منحه اسم مصر ما لم يعطه لأي بلد علي كوكب الأرض...
سبحانه أعطاها شرفا وتكريما وإعزازا وتفردا لم تحصل عليه بقعة في الأرض.. عندما تجلي نوره العظيم في سمائها واخترق صوته العظيم سبع سماوات وشرفت بسماعه أرضها...
رب السماوات والأرض اختصها دون غيرها بالأمان...
الله اختار لها موقعها في منتصف الكرة الأرضية.. والاختيار لم نفهمه ولم نسع للاستفادة منه يوما وأظنه كان ومازال وسيبقي أهم عناصر الدولة العظمي.. موقع يتوسط العالم ليكون الاختيار الأفضل علي الإطلاق لجذب كل استثمارات العالم وإلي جانب المكان أعطاها الله المناخ الذي لا مثيل له في العالم علي مدي شهور السنة...
منح الله مصر أفضل موقع علي ظهر الأرض ومصب أطول نيل في الدنيا وشواطئ علي بحرين لهما أول والعين لا تري لهما آخرا.. ورغم كل هذا...
هل عرفنا يوما عبر تاريخنا الطويل قيمة الوطن الذي نعيش علي أرضه...
هل فهمنا للحظة أن الله عز وجل منح هذا الوطن ما لم يمنحه لأي وطن...
بكل أسف لا عرفنا ولا فهمنا والسنوات الطويلة الماضية دليل والشهور الأخيرة أكبر دليل...
أفهم أن يثور الشعب طلبا للحرية والعدالة والكرامة ورغيف الخبز ويسقط نظاما جذوره تضرب في سابع أرض...
لكنني أبدا لا أفهم أن يختلف الشعب بعد اتفاق وينقسم بعد توحد ويكره بعد حب...
أنجزنا المهمة المستحيلة بإسقاط نظام وبعدها اختلفنا ومازلنا في كل شيء وعلي أي شيء.. وبفكرنا وأيدينا أوقفنا حال وطننا...
الوطن الذي منحه الله الأمان جعلناه واحة خوف كلنا شركاء في صنعه, بل أغلبنا أصبح خوفا يتحرك علي قدمين ناشرا سمومه في كل مكان...
الحوار انعدم والجدال انتشر والتخوين ساد...
انمحت الثقة من نفوسنا وأصبح التخوين لسان حالنا وتحولنا إلي أخوة أعداء في وطننا واخترقوا بكل سهولة صفوفنا وراحوا يعبثون بأفكارنا ويوجهون قراراتنا...
الكارثة أن كل طرف منا قناعته أنه الحق وما عداه باطل...
المصيبة أننا ابتلعنا الطعم الخارجي الذي يتكلم عن الديمقراطية ويدافع عن حق الشعب المصري في الشرعية...
عقولنا المغيبة جعلتنا ننسي أن نصف الشعب العراقي قتل بسبب هذه الديمقراطية.. وأن العراق الشقيق تدمر عن آخره ومازال يتدمر من عشر سنوات لم يهنأ فيها لحظة لا بديمقراطية ولا شرعية ولا أمن ولا أمان...
الديمقراطية التي تبشرنا أمريكا بها أين هي من العراق.. وما هي ملامحها المنتظرة في العراق وهل يا تري نضجت واكتملت في الصومال؟.
الشرعية التي تطالب بها أمريكا للشعب المصري.. لماذا لم تقنع أمريكا بها إسرائيل لأجل حقوق مسلوبة للشعب الفلسطيني من60 سنة...
لماذا لم تنحز أمريكا يوما لمطلب فلسطيني واحد والذي يطلبه الفلسطينيون أقل من القليل.. يطالبون بحقهم أن يعاملوا كبني آدمين!. ألا يعيشوا العمر تحت الحصار في وطنهم وعلي أرضهم!. ألا يعيشوا تحت خط الفقر!. ألا يحرموا من حقهم في التعليم وفي الصحة!. أن يحلموا بوطن لهم في وطنهم!.
أمريكا المتحمسة للديمقراطية وللشرعية في مصر.. صادقة هي في نياتها أم ماضية هي في دق أسافين الخلاف بين المصريين...
أمريكا التي لا ينام لها عين خوفا علي ديمقراطية المصريين.. إلي أي طرف ستنحاز فيما لو حدث خلاف بيننا وبين الصهاينة...
وحياة الفيتو الذي استخدموه من عام1948 وللآن لوقف كل قرار دولي لمصلحتنا وضد إسرائيل.. وحياة الانحياز المطلق للصهاينة لن يقولوا كلمة حق واحدة لنا علي حساب الصهاينة...
وحياة قرارات مجلس الأمن الصادرة من سنين طويلة بانسحاب الصهاينة إلي ما قبل1967 ولم تنفذ لأن أمريكا تمنع تنفيذها.. بحق هذه القرارات أمريكا لن تقدم علي خطوة واحدة فيها مصلحة لمصر والمصريين لأن ما هو في مصلحة مصر يرونه خطرا علي الصهاينة...
عقولنا المغيبة بفعل الكراهية والخلافات وانعدام الثقة بيننا.. هذا التغييب جعلنا نصدق أكبر كذبة في تاريخنا.. نصدق السياسة الأمريكية وننسي أن المتغطي بأمريكا عريان علي رأي المثل...
حرب العراق إيران أو حرب الخليج الأولي التي استمرت8 سنوات وقضت علي الأخضر واليابس وضاعت فيها مئات المليارات من الدولارات أغلبها دخل خزانة مصانع السلاح الأمريكي.. حيث كانت الدول العربية مكلفة بدعم العراق وإسرائيل مسئوليتها إيران والسلاح والذخيرة والصواريخ وكل سلاح يدمر يتم شراؤه من أمريكا.. هذه الحرب من الذي أوحي بقيامها ومن حرض علي استمرارها.. أليست أمريكا...
حرب الخليج الثانية.. من الذي أعطي صدام حسين الإشارة الخضراء لاحتلال الكويت.. أليست أمريكا التي أبدت موافقتها علي غزو الكويت والتي عبرت لصدام عن قناعتها بأن العراق علي حق في مشكلة آبار البترول المتنازع عليها ولم تعترض علي إعلان العراق بأن الكويت جزء من أراضيه!.. أليست أمريكا التي حرضت صدام علي غزو الكويت لأجل أن تحارب فيما بعد لأجل تحرير الكويت والفاتورة تتحملها دول الخليج.. والمبرر بعدها لاحتلال العراق قائم وموجود.. احتلال بلد الشر المطلق الخطر علي العالم كله واحتلوا العراق ودمروا العراق.. دمروا أحد أهم حضارات العالم ودمروا أحد أقوي الجيوش العربية أو الجيش النظامي القوي الذي يعد السند الأهم للجيش المصري في الصراع العربي الإسرائيلي...
أليست أمريكا هي التي أقامت جسرا جويا وآخر بحريا لنجدة الصهاينة ابتداء من يوم9 أكتوبر1973.. بعد سقوط25 نقطة قوية من خط بارليف في أول يومين من الحرب وبعد تدمير400 دبابة إسرائيلية في48 ساعة وبعد أسر عساف ياجوري وبعد المذبحة التي أقامها الدفاع الجوي المصري لطائرات العدو.. وبعد أن اقتحم القناة جيش مصر العظيم.. وبعد أن بكت جولدا مائيرا علي التليفون وهي تكلم الرئيس الأمريكي نيكسون قائلة له وهي تنتحب:' أنقذوا إسرائيل'...
أليست أمريكا هي من أرسلت طائرات فانتوم بطياريها المرتزقة...
أليست هي من فتحت مخازن سلاحها دون قيد علي كم الأسلحة أو نوعية الأسلحة ومنها ما كان محظورا استخدامه خارج الأراضي الأمريكية...
أليست أمريكا هي من سخرت كل أقمار تجسسها لتنقل لحظة بلحظة ما يدور علي جبهة القتال...
أمريكا بانحيازها الأعمي للصهاينة علي طول الخط من قبل عام1948 وللآن وسلاحها المتطور ودعمها الهائل للعدو.. أليست مسئولة عن كل نقطة دم مصرية نزفت وكل روح شهيد خرجت إلي بارئها.. أليست شريكا أساسيا فاعلا للعدو ومسئولة تضامنيا مع العدو في قتل وجرح المصريين علي الأقل في آخر حربين1967 و1973...
أمريكا التي تحب إسرائيل أكثر من حب إسرائيل لنفسها.. هل تحولت فجأة وأصبحت عاشقة لمصر وتخاف علي مصلحة مصر.. وتري أن واجبها التدخل في شئون مصر...
أمريكا اختارت الوقت الأفضل للتدخل...
بعد أن تأكدت من استحالة وصول المصريين لاتفاق.. وأن المصريين وصلوا لأقصي درجات الانقسام والشقاق.. بعد أن أمضينا ثلاثة أشهر لم نتفق فيها علي رأي لاختيار جمعية تأسيس الدستور.. بعد أن وضحة الرؤية في أننا أصبحنا أعداء.. بعدما أصبح الشارع المصري يعيش يومه لحظة بلحظة متوقعا في كل لحظة وقوع أي شيء.. بعد أن تدمرت كل خطوط التواصل.. بعد كل هذا وذاك.. بدأت السياسة الأمريكية تظهر علي السطح وما كان يتم في اللقاءات السرية أصبح يعلن في المؤتمرات الصحفية.. وما كانت أمريكا تفعل هذا إلا بعد تأكدها من أن المصالح والسياسة وأشياء أخري مزقت المصريين وبعد ثقتها أن المصريين لن يتفقوا والشعب انقسم علي جماعات السياسة وبين نخبة السياسة.. وبات مستحيلا وسط هذا المناخ الكاره المسموم أن يتفق اثنان في مصر علي رأي...
بدأ التدخل الواضح الصريح في الشئون الداخلية.. وكل تصريح لنسف جزء من أركان الوطن...
مثلا مثلا.. وارد وسط مناخ الترقب والترصد والميل للخلاف والاختلاف حتي لا نتورط لا سمح الله في حوار واتفاق.. وسط هذا المناخ المسموم داخليا والمخترق خارجيا...
وارد جدا بل إنه الطبيعي والمنطقي أن ترفض أطراف ما يصدر عن طرف.. رفض لمجرد الرفض حتي ولو كان هذا الطرف علي حق!. وارد جدا أن تطل علينا فجأة مشكلة.. ومن أول لحظة نحولها من مجرد خلاف علي قرار إلي أزمة مستحكمة مثلما حدث عقب حكم المحكمة الدستورية ببطلان مجلس الشعب...
طبيعي في المناخ الطبيعي أن تكون هناك وجهات نظر مختلفة تجاه قرار حتي ولو كان حكم أعلي سلطة قضائية في مصر!. طبيعي أن تختلف وجهات نظرنا لكن المستحيل أن تخرج وجهة نظر واحدة عن السقف الذي يحكمنا والإطار الذي يجمعنا.. مستحيل أن نجد وجهة نظر تطعن في شرعية قضاء أو قانونية قانون!.
المستحيل.. ألا نعترف بالثوابت القانونية وأن نطعن ونشكك في شرعية القضاء!. المستحيل.. أن نتعامل مع حكم قضائي لا يصد ولا يرد بالقانون علي أنه وجهة نظر تتقبل إلي جوارها وجهات نظر أخري مختلفة تماما!. المستحيل.. أن تصل خلافاتنا وشهوة انتقامنا من أنفسنا إلي نسف الشيء الوحيد المتبقي المتفق عليه وهو القانون حتي لا نجد ما نحتكم إليه إذا ما اختلفنا!. المستحيل أن تنقسم مصر علي قرار محكمة ملزم ونهائي!.
الخطأ المستحيل جعلناه واقعا وخطيئة رحنا نتبادلها ورحنا نوزع اتهاماتنا بالتخوين ورحنا نتربص ورحنا نحشد للاحتكام إلي الشارع.. وكأن صحة أي قرار من عدمها مرتبطة بأعداد المتظاهرين...
من بعد11 فبراير2011 بدأت معركة تكسير عظام مصر بإحداث فوضي ممنهجة وقودها شباب مضحوك عليه ومغرر به وهدفها استدراج مصر إلي الفوضي الشاملة والكراهية المطلقة!. الأحداث المؤسفة المتتالية لأجل سقوط ضحايا ونزيف دماء ثم التباكي بعد ذلك علي الأرواح والمزايدة بالمصابين.. هذه الأحداث شرخت جدار التآخي ومزقت الثقة وخلقت التخوين وأبعدت المسافات إلي أن أصبحنا أطرافا بعيدة يستحيل تقاربها وليس اتفاقها والدليل نعيشه في عدم القدرة علي اتخاذ قرار واحد يقبله الجميع أو هدف واحد يسعي إليه الجميع ولنا في الجمعية التأسيسية مثال واضح لكننا لا نراه وفاضح لنفوسنا المريضة ولا نعترف به!.
لو أن في النفوس بقايا نيات طيبة لأمكن الحوار وميزة الحوار القدرة علي الإقناع والمقدرة علي الاقتناع.. لأن الأطراف تسعي إلي الاتفاق لأن الوطن أكبر وأهم من كل هذه الأطراف...
لكن النفوس.. نفوسنا تخلصت وتجردت من النيات الطيبة وكل طرف لديه مشروعه الخاص وعلي استعداد لمحاربة الدنيا كلها في سبيله!. كل طرف مصلحته والباقي إلي جهنم!. المصلحة العامة بعيدة عن العين والقلب.. ومن ثم لا وجود للوطن في الذهن!. رأينا ذلك وقت الجولة الأولي لانتخابات الرئاسة وكيف فشلت كل محاولات إثناء بعض المرشحين لمصلحة مرشح واحد.. الكل رفض والكل سقط لأن كل واحد يحب نفسه أكثر من حبه للمصلحة العامة!.
أعود للمحكمة الدستورية وحكمها النهائي قانونا.. وكيف أننا حولنا قضية منتهية إلي صراع إرادات سياسية.. صراع لا تراجع فيه حتي لو اقتلعنا القانون من جذوره...
في نار جهنم هذه التي نعيشها خرجت علينا السفيرة الأمريكية بالقاهرة بتصريح شيطاني لتأجيج مشاعر الغضب لدي طرف وإقناعه علي غير الحق بأنه علي حق.. عندما قالت إنها تتمني تطبيق وترسيخ الديمقراطية بعودة مجلس الشعب المحكوم ببطلانه وتم حله...
السفيرة الأمريكية بتصريحها أعطت النور الأخضر لرفض حكم المحكمة الدستورية.. فعلت ذلك وهي تعلم أن الاقتراب من هذا الحكم يأخذ مصر إلي الفوضي التي لا بعدها فوضي.. لأن إلغاء حكم المحكمة معناه نسف القانون من مصر.. وهذا ما تريده أمريكا!.
أمريكا التي ظلت ثلاثة أيام ترد علي كلمتين قالهما الرئيس محمد مرسي وهو يخطب في التحرير عندما أشار إلي سعيه للإفراج عن الشيخ عمر عبدالرحمن...
ما من مسئول في أمريكا إلا وقام بالرد والتعقيب والرفض.. رفض أمريكا المطلق لأي محاولة تدخل في شئون قضائها باعتبار عمر عبدالرحمن محكوما عليه بحكم محكمة ولا يجوز التورط أو التدخل لتخفيف أو تغيير الحكم!.
أمريكا وقفت علي أصابعها للدفاع عن أحكام قضائها.. ونفس أمريكا لم يرمش لها طرف وسفيرتها في القاهرة ومن قبلها وزيرة خارجيتها.. يعقبون علي أحكام القضاء المصري ويثيرون الشك في القضاء المصري بل وصلت الوقاحة إلي اعتبار حكم المحكمة الدستورية إهدارا للديمقراطية...
المصيبة أننا ابتلعنا الطعم السام وبقرار جمهوري تم الالتفاف علي حكم المحكمة.. وغضبت مصر قبل أن يغضب المصريون لعلمها وعلمهم أننا نستدرج إلي حقل ألغام تريد أمريكا دخولنا إليه حيث الكل فيه خاسر...
كل الأطراف مستحيل أن تنسي لأمريكا دورها المشبوه تجاه العرب عموما ومصر تحديدا.. والمستحيل بعينه ألا تكون الأطراف جميعا علي وعي وإدراك اللعبة القذرة التي تلعبها أمريكا في المنطقة كلها...
اللافت للنظر أن أمريكا في السنين الطويلة الماضية كانت تتحرك في الخفاء في تعليماتها وتآمرها وقذارتها وتحريكها لأصحاب القرار في المنطقة.. كانت تفعل ذلك في السر والآن وتحديدا الشهور القليلة الماضية تخلت عن أسلوب الخفاء وانتهجت العلانية في تدخلاتها.. تفتكروا حضراتكم لماذا؟.
لأجل تهييج كل الأطراف ولأجل الفوضي التي نبؤونا بها من ست سنوات واتضح أنها حقيقة.. ولأجل الصدام المروع الذي أنقذنا الله منه مرات وليس مرة في الشهور الأخيرة...
عندما تقنع أمريكا علانية في تصريحات صحفية طرفا بأن حكم المحكمة الدستورية الذي لا يقبل طعنا أو اعتراضا أو حتي عدم قبول.. عندما تقنع طرفا بأن إلغاء الحكم عودة للديمقراطية.. فهذه فتنة تأخذنا إلي جهنم وليس فقط إلي صدام...
.. وأعود إلي حيث بدأت كلامي بأن الله اختار مصر دون سائر بلاد العالم...
والذي أضيفه في نهاية كلامي أن الله سبحانه وتعالي غاضب علينا نحن المصريين.. لأننا لم نحترم البلد الذي اصطفاه الله بالأمان فتنكرنا نحن لمشيئة الله ورحنا نزرع الخوف في البلد الآمن بأمر الله...
الله عز وجل كرم هذا البلد بتجلي نوره العظيم وصوته العظيم في سماء مصر وأرضها.. وأبناء مصر اليوم هم من جعلوا الخلاف والكراهية والحقد والتربص فيما بينهم مبدأ وعقيدة وظلاما لا مخلوق يعرف نهايته!.
الله اختار لمصر الموقع والمناخ والحضارة وأبناء مصر أداروا ظهورهم لاختيار الله ولم يفكروا يوما وحتي هذا اليوم كيف نستثمر أعظم منحة في الكون.. لم نعرف ولا أظننا سنعرف لأننا جعلنا الشيطان طرفا ثابتا بيننا...
علي ماذا نختلف وعندنا ما يجعل مصر أعظم بلاد العالم!. في مصر خيرات تنتظر من يخرجها ويستثمرها.. خيرات وثروات تكفي كل الأطراف وتستوعب جميع الاتجاهات؟.
اختلفنا ومازلنا لأننا فقدنا البصيرة قبل البصر...
يارب بحق شهر رمضان الكريم اعف عنا وتقبل صيامنا واغفر لنا...
يارب بحق هذا الشهر المفترج اهد نفوسنا واجمع كلمتنا ووحد قلوبنا...
يا رب.. اجعلنا نري ما هو واضح كالنهار ولا نراه...
نري الحقيقة ونمسك عليها ونؤمن بها ونقولها لأنفسنا ونرددها عالية مدوية في وجه أمريكا...
نقول بأعلي صوت للعالم كله.. مصر ليست فقط فردا أو أفرادا.. ليست جماعة أو عدة أحزاب.. ليست النخبة التي لا تصمت لحظة.. ليست تلك الأسماء التي احتضنها الغرب وحولها الغرب إلي أبطال تتم دعوتهم في المحافل الدولية.. ليست الصوت العالي وحشد الناس في الشوارع والميادين...
مصر أكبر وأعظم من أن يتم اختزالها في مجموعة شباب تدربوا في أوكرانيا وتركيا ولا في النخبة إياها التي سيفضح الله أمرها ويكشف سرها ولا في حزب أو جماعة أو تجمع...
مصر هي ملايين الشعب في الكفور والنجوع والقري والمدن.. والشعب ليس له أجندة والشعب يريد استقرارا...
ملايين الشعب ضاقت بخلافات أهل السياسة...
ملايين الشعب باتت علي ثقة بأنها خلافات مصالح ليس فيها مصلحة وطن...
ملايين الشعب علي يقين من أن الرحمة رحلت عن قلوب أهل السياسة والأمل في رحمتك يا رب...
يا رب بحق هذا الشهر المفترج ارفع مقتك وغضبك عنا ربما نفهم ونستوعب ونري ما نفعله في أنفسنا وفي الوطن...
نري السباق الهائل الرهيب بيننا لتدمير ما تبقي من مقومات الدولة تمهيدا للغرق في طوفان الفوضي...
نري من يقلبون قطارا لأنهم زعلانين من موضوع آخر!. نري عمالا لهم مطالب يقتحمون مبني المحافظة ويتركون الرسالة في مكتب المحافظ ومكتب مدير الأمن والرسالة محو المكتبين من علي ظهر الأرض.. والمعني واضح محو هيبة الدولة التي يمثلها في أي محافظة المحافظ ومدير الأمن!. شباب الأولتراس كل يوم يثبت أنه أقوي وأهم قوة منظمة في الشارع ويشير لمن يريد أن يفهم أن الحكاية أكبر من الكورة والتشجيع بكثير وأن مهمته التي تم استدراجه إليها هي القضاء علي البقية الباقية من أشلاء هيبة الدولة ومؤسسات الدولة!. عندما يوقف الأولتراس حال18 مليون مصري في القاهرة يوقف حركة السير وسط القاهرة تحت شعار حق الشهداء.. فهذه إشارة واضحة إلي سقوط دولة القانون والإعلان عن تنصيب دولة الفوضي.. والإشارة تم تأكيدها وتوثيقها واعتمادها بما حدث في ساحة محكمة القضاء الإداري وما حدث في قاعة المحكمة ليس له مثيل علي ظهر الأرض...
أمريكا.. افرحي مصر من غير صاحب
المزيد من مقالات ابراهيم حجازى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.