الطيار المنصورى: نفذت «مناورة الموت» فى أطول معركة جوية    أيقونات نصر أكتوبر    فيضانات فى السودان بسبب التشغيل العشوائى ل«السد»    الخميس 9 أكتوبر إجازة رسمية مدفوعة الأجر للعاملين بالقطاع الخاص بمناسبة ذكرى 6 أكتوبر    «الحصاد الأسبوعي».. نشاط مكثف لوزارة الأوقاف دعويا واجتماعيا    سعر اليورو اليوم الأحد 5 أكتوبر 2025 أمام الجنيه في البنوك المصرية    سيناء على خريطة التنمية الشاملة    خطة ترامب للسلام طوق النجاة الأخير    مصر تلبى النداء    منذ فجر اليوم .. 6 شهداء فى غارات الاحتلال على غزة بينهم 4 من منتظرى المساعدات    في مواجهة منتخبي جيبوتي وغينيا بيساو .. حسام حسن يراهن على رامي ربيعة صخرة دفاع العين لحسم التأهل للمونديال    تأجيل دعوى متجمد نفقة جديدة ب 150 ألف جنيه تلاحق إبراهيم سعيد لجلسة ل12 أكتوبر    «روزاليوسف» وتمهيد الطريق لعبور أكتوبر 73    أسعار الفراخ في أسيوط اليوم الأحد 5102025    إسرائيل تعترض صاروخًا أُطلق من اليمن دون وقوع أضرار    السوريون يدلون بأصواتهم لاختيار أعضاء مجلس الشعب    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الأحد 5 أكتوبر 2025    بعد خماسية الريال وفرانكفورت.. موعد مباراة أتلتيكو ضد سيلتا فيجو والقناة الناقلة    رحيل فيريرا عن الزمالك.. مفاجآت في توقيت الإعلان والبديل بعد التعادل مع غزل المحلة    هشام حنفي: جماهير الزمالك فقط هي من تقف بجانب النادي حاليًا    بمناسبة يومهم العالمي.. خلف الزناتي يوجه رسالة للمعلمين    إصابة 10 أشخاص في انقلاب ميكروباص بطريق «السعديين منيا القمح» بالشرقية    مصرع شخص وإصابة 10 في انقلاب ميكروباص بطريق شبرا بنها الحر    أسعار الفاكهة اليوم الأحد 5 أكتوبر في سوق العبور للجملة    وزارة الصحة تكثف توفير الخدمات الطبية وأعمال الترصد في عدد من قرى محافظة المنوفية تزامناً مع ارتفاع منسوب مياه نهر النيل    رئيس هيئة الرعاية الصحية يلتقي رئيس مجلس أمناء مؤسسة "حماة الأرض" لبحث أوجه التعاون المشترك    أسعار اللحوم الجملي والضاني اليوم الاحد 5-10-2025 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    في 5 أماكن.. تعرف على أماكن الكشف الطبي لمرشحي مجلس النواب بسوهاج    اليوم.. محاكمة 5 متهمين في قضية «خلية النزهة الإرهابية» أمام جنايات أمن الدولة    متى يبدأ التشعيب في البكالوريا والثانوية العامة؟ التفاصيل كاملة    المطرب اللبناني فضل شاكر يسلم نفسه إلى الجيش    قدمها في حفل مهرجان نقابة المهن التمثيلية.. تامر حسني يستعد لطرح «من كان يا مكان»    مواقيت الصلاة اليوم الاحد 5-10-2025 في محافظة الشرقية    136 يومًا تفصلنا عن رمضان 2026.. أول أيام الشهر الكريم فلكيًا الخميس 19 فبراير    المملكة المتحدة: ندعم بقوة جهود ترامب للتوصل لاتفاق سلام في غزة    حماس: المجازر المتواصلة في غزة تفضح أكاذيب نتنياهو    السيسي يضع إكليل الزهور على قبري ناصر والسادات    بيراميدز يسعى للتأهل لدور 32 بدوري أبطال أفريقيا على حساب الجيش الرواندي، اليوم    عمر كمال يبدأ مرحلة جديدة.. تعاون مفاجئ مع رامي جمال وألبوم بعيد عن المهرجانات    مواعيد مباريات اليوم الأحد والقنوات الناقلة.. بيراميدز وبرشلونة والسيتي    استقرار نسبي..اسعار الذهب اليوم الأحد 5-10-2025 في بني سويفى    «اللي جاي نجاح».. عمرو سعد يهنئ زوجته بعيد ميلادها    صبري عبد المنعم يخطف القلوب ويشعل تريند جوجل بعد تكريمه على كرسي متحرك    شوبير يكشف موعد إعلان الأهلي عن مدربه الجديد    «مش عايزين نفسيات ووجع قلب».. رضا عبدالعال يشن هجومًا لاذعًا على ثنائي الزمالك    اعرف تردد مشاهدة "قيامة عثمان" بجودة HD عبر هذه القناة العربية    تشييع جثامين 4 ضحايا من شباب بهبشين ببنى سويف فى حادث الأوسطي (صور)    لسرقة قرطها الذهبى.. «الداخلية» تكشف حقيقة محاولة اختطاف طفلة بالقليوبية    أذكار النوم اليومية: كيف تحمي المسلم وتمنحه السكينة النفسية والجسدية    أبواب جديدة ستفتح لك.. حظ برج الدلو اليوم 5 أكتوبر    سلاف فواخرجى تكشف عن تدمير معهد الموسيقى فى سوريا    لعلاج نزلات البرد.. حلول طبيعية من مكونات متوفرة في مطبخك    أعراض متحور كورونا «نيمبوس» بعد تحذير وزارة الصحة: انتشاره سريع ويسبب آلامًا في الحلق أشبه ب«موس الحلاقة»    اندلاع حريق في «معرض» بعقار سكني في شبرا الخيمة بالقليوبية    دراسة حديثة: القهوة درع واق ومُرمم لصحة الكبد    كيف نصل إلى الخشوع في الصلاة؟.. الدكتور يسري جبر يوضح    أسعار الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الأحد 5 أكتوبر 2025    هل التسامح يعني التفريط في الحقوق؟.. الدكتور يسري جبر يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حدثنى نجيب محفوظ
نشر في الأهرام اليومي يوم 13 - 09 - 2017

فى المناسبات، قد يقف المرء أمام المرآة فترة أطول، يتأمل مظهره أو يصلح هندامه.. وهكذا أيضا ينبغى أن يفعل الكاتب، بأن يتوقف - عندئذ- ليجدد أفكاره ويراجع حساباته، مهما بلغت درجة ثقته في المسار الذى اختاره لذاته.. وهذا ما أحاول الآن أن أفعله.. ولكن ما المناسبة؟!.
فى هذا الشهر، أقف على أعتاب إتمام عام من كتابة مقالات الرأى بشكل دوري منتظم، فى هذه المساحة الأثيرة إلى قلبى من صفحة «قضايا وآراء»، فى «الأهرام»؛ صحيفتى الحبيبة الغرّاء، التى أتممتُ فيها أيضا الشهر الماضى 21 عاما من العمل الصحفى.. وعلى مدى العام الأخير نشرت هنا 24 مقالا.. حيث أكتب صباح الأربعاء كل أسبوعين.. وهذا هو المقال الخامس والعشرون.. أفلا يستلزم الأمر إذن مراجعة الأفكار والمسار؟!.
فى ظل حالة التراشق البغيضة، التى أضحى المصريون يطحنون أنفسهم بين رحاها، حرصتُ فيما مضى على توضيح موقفى، وموقعى، معلنا رفضى المشاركة فى «رقصة الانحياز» المميتة، التى يدور الناس فيها حول ذواتهم، وفى فلك انقساماتهم وصراعاتهم.. لذا فقد أوضحت أننى أرفض أسلوب «إما مع أو ضد» الذى ينتهجه أغلب الشعب فى نظرته للنظام السياسي الحالى.. كيف؟!.
قلت من قبل إن هناك ثلاثة طرق فى الشارع السياسى فى مصر حاليا، وهى على اختلاف أحجامها تشترك فى أنها ترفض - بل تقصف- بعضها البعض، وتتراشق بالسباب والتشويه والإقصاء والتخوين.. الطرق الثلاثة هى: طريق مؤيدى النظام على الدوام.. وطريق الثائرين فى كل حين.. وطريق الإخوان المحاربين للنظام والدولة والشعب معا.. وقد أعلنت رفضى الانحياز لأى من الطرق الثلاثة.. داعيا إلى مسار جديد سميته «الطريق الرابع». هو فى نظرى طريق عقلانى بسيط، واضحٌ لا يحتاج إلى شرح أو تنظير، يتطلب فقط استحضار قواعد إنسانية أولا، وأخرى سياسية.. عنوانها العام أن كلا من الشعب والحكام هم بشر؛ مجرد بشر، لا أحد يمتلك الحقيقة، ولا أحد يمكن أن يكون ملاكا لا يخطئ أبدا، أو شيطانا ينفث الشر دوما.. نحن بشر، والتأييد الدائم للحاكم يفسده، كما أن الرفض المستمر له يعرقله.. لذا فنحن نحتاج بعد كل ما جرى فى مصر إلى تعلم اختراع اسمه «السياسة» وكيفية ممارستها.. حتى نصل بالتدريج إلى التغيير الحقيقى الذى ننشده.. فالحكم لا يعنى الانفراد بالسلطة والإقصاء.. كما أن المعارضة ليست هى التمرد والسباب.. لذا فلنتفق.
تعال نتفق على كلمة سواء.. وهى أن الحرية دون دولة هى فوضى شاملة.. وأن الدولة دون حرية هى استقرار هش لا يستمر.. لذا فلنعمل بالسياسة لنفوز بالحسنيين.. الدولة والحرية معا.. وليصبح هدف الجميع هو «الدولة الحرة».. ذلك هو حلم «الطريق الرابع».. هل فى ذلك شىء؟!.
نعم.. فى ذلك أشياء.. فبما أننى لم أتّبع أيا من الطرق الثلاثة، فقد نالنى الهجوم - بل السباب- منها جميعا.. تذكّر: «إما مع أو ضد».. لذا فقد اتُهمتُ مثلا بعدم الوضوح أو الحسم.. وعدم القدرة على الإقناع والتأثير.. وقيل لى إن «القوة» أهم من «الحكمة».. وإننى أبدو محتارا «لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء»!. هل حقا أبدو مائعا أو طيّعا عاجزا عن المواجهة؟!.. لا بأس من طرح السؤال فى موسم المراجعة.. ولكن فى هذه الأثناء، وقعت هذه الواقعة.. عرضت قناة «ماسبيرو زمان» البديعة حلقة من برنامج «أمسية ثقافية» للشاعر الكبير الراحل فاروق شوشة، استضاف فيها أديب الفلاسفة وفيلسوف الأدباء الأستاذ العظيم نجيب محفوظ، الذى شعرت بأنه يريد أن يقول لى شيئا!. سأله شوشة عن «الحياد الموضوعى» فى أدبه، فاعترف به ووصفه قائلا: «أن يكون أسلوب عرضك كأنه محايد.. وكأنه لا شأن لك بهؤلاء الناس؛ خيرهم وشرهم، اليميني منهم أو اليساري.. وهذا يجعلك تنفذ إلى إنسانيتهم.. أما إذا دخلت إلى التحيز فيكون هناك الأبيض والأسود وتختفى جوانب إنسانية كثيرة.. وانت مش عايز كده.. إنما سير الرواية ككل ومضمونها بيكشف موقفك.. ويبين انت مع إيه وضد إيه.. لأنك وانت بتكتب هناك مبادئ تحركك تظهر فى النهاية».. وفى موضع آخر يقول: «نحن ناس لا نبحث عن الحقيقة.. أنا رجل أحمد ربنا أنه هداني إلى الإيمان بالمنهج العلمى.. لا أصدر حكما فى قضية إلا إذا كان وراءه حيثيات عقلية مقنعة».. أعدتُ سماع كلمات الأستاذ على موقع «يوتيوب» مرارا.. وأدركت أنه كان بالفعل يحدثنى.. ويحدثكم أيضا.. فهل ينصت أحد؟!.
أخيرا أقول.. الأمر ليس شخصيا بالمرة.. لكنه دفاع عن فكرة.. حتى ما سيأتيك هنا.. فقد فوجئت باتصال كريم فى العيد من الأستاذ الكبير أسامة فرج الكاتب الصحفى فى «الأهرام».. وهو أيضا أحد تلاميذ نجيب محفوظ وسبق له مقابلته.. وبعد حديث عن «الضمير» وجدته يقول على غير انتظار: «ما يهمكش لو أخذت حقك ولا لأ.. حقك عند ربك.. وعند نفر واحد يقرالك فينبسط منك».. والآن أعد أنت قراءة هذه الكلمات جيدا.. وتأمل الفكرة.. لا يشترط أن تكون كاتبا.. الفكرة هى أن ترضى ضميرك وتعمل عملك وتبذل جهدك.. أيا ما جاءت النتائج.. لكن هذا يستلزم أولا أن تهدأ.. وأن تجدد أفكارك وتراجع حساباتك.. بموضوعية دون انحياز.. فالحكمة أهم من القوة.. وإلا صارت الدنيا غابة.. وهل منا من يقبل أن يكون حيوانا؟!.
[email protected]
لمزيد من مقالات محمد شعير


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.