تذخر مصر بالكثير من الثروات المعدنية التى ما زالت بحاجة إلى بذل جهد أكبر فى استكشافها، واستخراجها، واستثمارها؛ لمصلحة الوطن، سواء فى الأغراض الصناعية أو التصدير، وذلك وفق خبراء يؤكدون أيضا، أن تواضع الجهد فى البحث عن هذه الثروات قد أدى إلى أن كمياتها المكتشفة لا تمثل إلا النذر القليل من معادن كثيرة منتشرة فى الحيز المساحى للدولة، مثل النحاس والزنك والرصاص والكروم والنيكل وغيرها. يشير هؤلاء العلماء كذلك إلى أن أهم المعوقات تعود إلى أن نسب المعادن فى المواد الخام لا تشجع اقتصاديا على استغلالها، لكنهم يستدركون بالقول إن البحث عن هذه الثروات وتنمية الصناعات التعدينية يمكن أن يضيف إلى اقتصاد مصر الكثير، وأن يوسع فرص الاستثمار، وإنشاء المدن الصناعية، وصنع الوظائف الجديدة، وتشجيع الصادرات. الدكتور حمدى هاشم، خبير الجغرافيا والدراسات البيئية، يؤكد أنه على الرغم مما تم استغلاله من الموارد التعدينية فى مصر منذ آلاف السنين إلا أن ثروات الخامات المعدنية ما زالت مدفونة فى باطن الأرض، وما زالت قيد الكشف، مشيرا إلى أن غالبية هذه الثروات ما زالت كامنة بدون استغلال. محور.. وخرائط وهذه الحقيقة أكدتها المجالس القومية المتخصصة والخرائط الحديثة لخامات الثروة التعدينية فى مصر. وأكدتها أيضا تقارير «محور الانتشار السكانى خارج نطاق الوادى والدلتا»، الصادرة عن مجلس العلوم الهندسية بأكاديمية البحث العلمي، مشددة على إمكان إسهام النشاط التعدينى فى تعمير أجزاء من الصحراوات والسواحل المصرية، باستغلال ما يلزمه من طرق مرصوفة، ومد بعض خطوط السكك الحديدية، فى إقامة بعض المدن الصحراوية، لاستيعاب جزء من الزيادة السكانية. وهنا يؤكد الدكتور حمدى أنه توجد ثلاث خرائط تشكل الصورة العامة لموارد الثروة التعدينية فى مصر، هي: الخامات الفلزية، والخامات غير الفلزية، وخريطة التوزيع الجغرافى لمصادر الطاقة الجغرافية (الفحم، البترول، والغاز). ويضيف أنه بالنظرة التركيبية لهذه الخرائط يمكن تحديد ثلاث مناطق طولية للتعدين فى مصر تمتد من الشمال إلى الجنوب. وتمتد المنطقة الأولى من سيناء وحوض خليج السويس فالصحراء الشرقية خاصة منطقتها المطلة على البحر الأحمر. وتضم الفحم والبترول والمنجنيز والحديد والنحاس والرصاص والزنك والفوسفات. وتتميز هذه المنطقة بأنها جبلية ساحلية، ويسهل موقعها حركة النقل منها. وتمتد المنطقة الثانية فى وسط البلاد حول النيل، من عند حدود مصر الجنوبية حتى ساحل البحر المتوسط، وتضم الحديد والفوسفات والمحاجر والغاز الطبيعى والرمال السوداء. وتتسم هذه المنطقة النهرية بأنها منبسطة وسط المعمور، وعلى مقربة من النقل النهرى والحديدي. أما المنطقة الثالثة فهى الصحراء الغربية، وتضم الحديد المنجنيزى والفوسفات فى الوادى الجديد، والحديد والبترول والغاز الطبيعى الجاف والمحاجر. وتختلف هذه المنطقة عن المنطقتين الأخريين بأنها بعيدة ومعزولة، ويتطلب الأمر ربط مناجمها وحقول بترولها وغازها الطبيعى بالسكك الحديدية وخطوط الأنابيب والطرق المرصوفة، سواء لتغذية السوق الداخلية أو للتصدير. 13 مركزا يشير الدكتور حمدى هاشم إلى أنه يمكن الاستدلال على ثلاث عشرة نواة أساسية للتعدين فى هذه المناطق التعدينية الثلاث هى: فحم المغارة بشمال سيناء، والمنجنيز ورمال الزجاج والكاولين فى أم بجمة بسيناء شرق خليج السويس، والبترول والغاز الطبيعى والمحاجر فى حوض خليج السويس، والفوسفات فى سفاجة بالصحراء الشرقية، والفوسفات والحديد فى القصير بالصحراء الشرقية، وجبل علبة وحلايب حيث معظم الفلزات، والذهب فى وادى العلاقي، والحديد فى أسوان، والفوسفات فى السباعية والمحاميد، وبالدلتا حيث الغاز الطبيعى والرمال السوداء والملح، وفى شمال الصحراء الغربية حيث البترول والغاز الطبيعى والملح والأحجار، والواحة البحرية حيث الحديد، والوادى الجديد حيث الفوسفات. ويضيف أن كل هذه الثروات تحتاج إلى جهود الدولة للتوجه نحوها، واستغلالها من أجل التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتحويل مصر إلى دولة تعدينية مهمة، والاعتماد على هذه الثروات، التى منحها الله لنا، لتوفير البدائل التى يتم استيرادها من الخارج بأموال طائلة، بحسب تعبيره.