لم يحسب نظام أردوغان ماذا سيفعل إزاء المآزق التى يمكن أن تورطه فيها مجموعات الإرهابيين من الإخوان وحلفائهم، الذين منحهم الملاذ الآمن رغم أن بعضهم مطلوب فى تنفيذ أحكام قضائية فى بلادهم، إلى أن خرج قبل أيام وجدى غنيم بجريمة التطاول على الرئيس التونسي، بطريقة سوقية وبلغة هابطة وصفه فيها بالحرف بأنه «المجرم الكافر المرتد عن الإسلام والعلماني» مما أثار غضباً تونسياً عاماً واحتجاجاً رسمياً فورياً، واستدعاء لسفير تركيا فى تونس، الذى بذل جهداً عظيماً فى محاولة تهدئة المشاعر الثائرة، وقال عدة مرات فى التليفزيون التونسى إن بلاده لا تقبل هذه التهجمات القاسية، وإنها ترفض أن تكون أرضها ساحة لاحتضان أى عمل ضد الشعب والحكومة التونسيين، وأعلن أن بلاده بصدد محاكمة وجدى غنيم، وشرح للرأى العام التونسى أن المذكور يقيم فقط بصورة مؤقتة فى تركيا وأنه لم ينل لجوءاً سياسياً..إلخ، وقبل أن يظهر أى أثر إيجابى لمحاولات السفير، سارع غنيم فى اليوم التالى بإبداء دهشته من هذه التصريحات، وقال بثقة إنه يعتبر نفسه على صواب وإن عباراته النارية التى صنعت الأزمة ليست رأيه الشخصي، وإنما هى موقف الشرع..إلخ! بل وزاد بالقول إن كلامه فى إطار حرية التعبير! هكذا! وكأنه يتعمد إجهاض محاولة التهدئة، أو كأنه يستعرض قوته أمام الحكومة التركية!! فمن أين يستمد هذه الثقة؟ وماذا فى حوزته يطمئنه إلى قدرته على ردع الدولة التركية أن تطبق عليه القانون؟ وهناك أسئلة أخرى أكثر إلحاحاً: هل فى نية أردوغان بالفعل أن يتخذ موقفاً جاداً ضد غنيم؟ وإلى أى مدى يمكن أن تذهب الجدية؟ وإذا حدث وتقرر ترحيله إلى بلد آخر، أو حتى إذا صدر حكم بحبسه على التحريض على سفك دماء الرئيس التونسي، وعلى إفساد علاقة قوية تربط تركيا بدولة صديقة، فماذا عن جيش المتطاولين الآخرين، الذين ينعمون فى سخاء أردوغان من المال التركى العام، باحتضانهم وبإقامة قنوات فضائية تخصص لهم ينتهكون فيها كل المعايير المهنية ويركزون هجومهم على مصر وشعبها ورئيسها..إلخ؟! [email protected] لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب