مصر تعود إلى إفريقيا.. هذا هو واقع المرحلة الحالية التى تطبقها السياسة المصرية فى تعاملها مع مختلف الدول الإفريقية وبصفة خاصة دول حوض النيل، وهذه هى السياسة التى ينفذها بالفعل الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى عن اقتناع كامل بضرورة تنفيذ هذه السياسة لمصلحة مصر أولا ولمصلحة كل دول القارة، ولقد عانت مصر كثيرا جراء ابتعادها عن دول القارة قرابة أكثر من 20 عاما بعد حادث محاولة اغتيال الرئيس حسنى مبارك قرب مطار أديس أبابا، بعد أن كانت مصر هى الدولة الحاضنة والملهمة لمعظم الدول الإفريقية فى عهد الرئيس جمال عبدالناصر، الذى وقف بكل قوة وخلفه الشعب المصرى لمساندة معظم الدول الإفريقية فى كفاحها لنيل حريتها من الاستعمار الأوروبى البغيض فى الخمسينيات والستينيات من القرن الماضى، واليوم يحاول الرئيس السيسى بوطنية صادقة، أن يعيد هذه الصورة الجميلة لمصر لدى الدول الإفريقية الشقيقة، وها هى زيارته الأخيرة الناجحة لأربع من الدول الإفريقية التى تربطنا بها علاقات صداقة ومصالح سياسية واقتصادية متبادلة، تؤكد صدق هذه السياسة الحكيمة وضرورة الاستمرار فى تنفيذها على المستوى الإفريقى. وتقوم الدبلوماسية المصرية بنشاط رائع فى تدعيم السياسة الاستراتيجية التى قررها الرئيس السيسى، ويقوم سامح شكرى وزير الخارجية وكل سفاراتنا فى إفريقيا بدور كبير خلال الفترة الأخيرة لدعم هذه السياسة وتأكيدها. المطلوب من نواب الشعب، خاصة من لجنة الشئون الإفريقية بمجلس النواب، سرعة التحرك لتوطيد العلاقات مع البرلمان الإثيوبى ودعوة وفد برلمانى إثيوبى لزيارة مصر أولا والتعرف على شعبها وعلى مشاكله، ثم يقوم بعد ذلك وفد من نواب الشعب المصرى برد الزيارة طبقا للتقاليد البرلمانية، ومن هناك يقوم الوفد المصرى بزيارة ميدانية لسد النهضة والاطلاع على كل التفاصيل، ثم الدخول فى مناقشات مع الجانب البرلمانى الإثيوبى لتوضيح المطالب المصرية بالنسبة للسد، خاصة فيما يتعلق بموضوع ملء بحيرة السد ونظام إدارته وتشغيله بعد ذلك. إن نواب الشعب يجب أن يتحركوا سريعا مع البرلمان الإثيوبى، لأن البرلمانات فى كل دول العالم أقوى من الحكومات، ومعظم الحكومات تنبع من البرلمانات طبقا للنظم الديمقراطية.. ولذلك فإن توطيد العلاقة مع البرلمان الإثيوبى يساعد إلى حد كبير المفاوض المصرى فى مطالبه مع المفاوض الإثيوبى بشأن سد النهضة، لأن البرلمان الإثيوبى يستطيع أن يفرض رأيه على الحكومة الإثيوبية خصوصا إذا كانت المطالب المصرية بشأن السد لا تضر الجانب الإثيوبى، ولكنها مطالب فى مصلحة البلدين. لقد تأخر نواب الشعب كثيرا فى هذا المجال وتركوا العبء كله على السلطة التنفيذية، مع أن كل برلمانات العالم تقوم بمعاونة حكوماتها وتقف إلى جانبها خاصة إذا كان الأمر يتعلق بمشروعات غاية فى الخطورة بالنسبة للشعوب مثل «سد النهضة»!. لمزيد من مقالات فؤاد سعد