كل الأنظار في الأيام الماضية كانت متجهة نحو الجناح الغربى بالبيت الأبيض. وهو مركز صناعة القرار الأمريكى. وهذا الموقع تحديدا فى الأسابيع الأخيرة شهد توترات أكثر من ذى قبل وأيضا اشتدت به المواجهات والمصادمات وصراعات القوى بين أركان القرار من جهة والرئيس الأمريكي دونالد ترامب من جهة أخرى . ولأن أجواء فوضى وتخبط خيمت على المشهد السياسى في العاصمة الأمريكية حاولت الادارة بكافة المتحدثين باسمها والمدافعين عنها احتواء الموقف والحد من تداعيات التوتر واحداث تغييرات كبرى في فريق البيت الأبيض أبرزها الاستعانة بالجنرال جون كيلى ليكون كبير موظفي البيت الأبيض ويقوم بترتيب أمور البيت وتحقيق الضبط والربط وضمان سلاسة اتخاذ القرار به وأيضا منع تسرب أسرار البيت الأبيض والحد من نشر أخطائه في وسائل الاعلام. الجنرال كيلى (67 سنة) جاء بعد أن قاد مقاليد وزارة الأمن الوطنى في الشهور الماضية ليقود فريق عمل الرئيس. وكيلى معروف بخبرته السابقة في العمل مع اثنين من أكفأ وزراء الدفاع الأمريكيين . روبرت جيتس وليون بانيتا. وبعد مجيئه بأيام قليلة لاحظ المراقبون بصماته في البيت الأبيض منها أن باب المكتب البيضاوي(مكتب الرئيس) صار مغلقا وليس مفتوحا كما كان في الفترة الماضية. كما أن الجنرال جون كيلى صار كانه هو حارس هذا الباب وهذا المكتب وبالتالي المتحكم في اللقاءات مع الرئيس. الفوضي التي كانت لم تعد قائمة ولا مقبولة. والرئيس ترامب أعطى للجنرال كيلي السلطات لتحقيق المطلوب. كيلى أعلن بوضوح أن الكل بمن فيهم أفراد عائلته ابنته ايفانكا وصهره جاريد كوشنر وأيضا كبير مستشاريه الاستراتيجي ستيف بانون عليهم المرور بمكتبه والحديث معه والاستئذان منه قبل الدخول على الرئيس. تفاصيل هذا التغيير أثارت اهتمام وسائل الاعلام والصحف الكبرى فقامت بتسليط الأضواء على كيلى وما فعله وما يفعله في البيت الأبيض . ومن أبرز التعليقات التى ذكرت حول مجئ الجنرال كيلى هل سينجح الجنرال في الحد من تدفق التويتات الصادرة صباحا من جانب الرئيس الأمريكى وما تحمله من مفاجآت وأيضا من رسائل وانتقادات مباشرة؟!. ثم إلى أى مدى سوف يتمكن كيلى من التعامل مع الأطراف المتصارعة حاليا حول الرئيس.. خاصة أنهم كانوا على هذه الحالة منذ البداية. وربما ( كما قيل) أتى بهم الرئيس ترامب ليتصارعوا ويتصادموا وأيضا يتحاربوا ليبقى فى النهاية هو صاحب القرار وله الكلمة الحاسمة فى الأمر المثار أو القضية المطروحة. الرئيس ترامب من جهته بدأ أجازته الصيفية التى تمتد ل17 يوما. يوم 4 أغسطس الماضى وهو يقضيها فى نادى الجولف الذي يملكه بنيوجرسى. ويتابع المراقبون السياسيون صمت الرئيس وكلامه .. تويتاته وتصريحاته إذا صدرت في الأيام المقبلة. خاصة أن علاقته المتوترة مع الاعلام واتهامه المتواصل لوسائل الاعلام الأغلبية منها تكذب وتفبرك الأخبار وتنشر الأكاذيب!!. . مكتب الاعلام وفريقه في البيت الأبيض يعيشون فترة انتقالية شهدت تقلبات سريعة ومتوالية شملت خروج «شون سبايسر» المتحدث باسم البيت الأبيض بعد ستة أشهر من توليه هذا المنصب الحساس. ثم تم التخلص أيضا من «أنتوني اسكاراموتشي « مدير الاتصالات بالبيت الأبيض الذى لم يمض إلا 11 يوما فقط تعامل فيها بتعال وصفاقة مع الاعلام وموظفي البيت الأبيض ذاكرا لهم دائما بأنه هو المقرب المفضل لدى ترامب وانه يستطيع أن يفعل ما يشاء ومن ثم تخلص من سبايسر ( المتحدث باسم البيت الأبيض) وأيضا من «رينس بريبس» مدير مكتب الرئيس فحل محل الأخير الجنرال كيلى الذى أطاح بدوره ب«اسكاراموتشى». ولم تتوقف حتى الآن التسريبات الآتية من البيت الأبيض.وهذا الأمر يثير غضب الرئيس ترامب. ومع كل تغيير يحدث في فريق البيت الأبيض يتكرر الوعيد والتهديد بمطاردة من هم وراء التسريبات ومعاقبتهم أشد العقوبة. ولم تمر أيام قليلة على تولى الجنرال كيلى زمام الأمور في ترتيب البيت الأبيض الا وبدأ الحديث عن جنرال آخر موجود في البيت الأبيض وعن الصراع الدائر فى مجلس الأمن القومي وحول امكانية التخلص من الجنرال ماكماستر مستشار الرئيس للأمن القومى. فماكماستر والذى يحظى بثقة الرئيس منذ أن جاء إلى منصبه هذا، عمل على التخلص من أعضاء الفريق الذين شكله الجنرال «مايك فلين» قبل اعفائه من هذا المنصب الرفيع. وبالفعل تخلص ماكماستر من أكثر من واحد في فريقه، منهم المسئول عن ملفات الشرق الأوسط . وكان أغلب من جاء بهم «فلين» ومعه ستيف بانون المستشار الاستراتيجى لترامب هم من يمثلون ايديولوجية وفكر اليمين المتشدد والمتطرف. ومن ثم تصادمت آراؤهم ومواقفهم مع ماكماستر حول أفغانستان والعراق وسوريا. ولم يكن بالأمر الغريب أن أنصارهم فى الأيام الأخيرة وصفوا الجنرال ماكماستر بأنه يعمل ما قد يلحق الضرر بترامب واسرائيل. وأن على ترامب أن يعفى ماكماستر من منصبه. ومع تناقص عدد من كانوا من فريق أنصار أو أتباع بانون في البيت الأبيض يتساءل المراقبون هل هناك احتمال أن يتم التخلص أيضا من ستيف بانون فى القريب العاجل ؟!, وماذا عن دور أو أدوار «جاريد كوشنر»صهر الرئيس فى المرحلة المقبلة.؟