لا يغادر هذا المشهد ذاكرتي رغم انه محض خيال . تسافر الذاكرة إلى لحظة أن جمع الخالق كل عباده وهم مجرد ذرات من ظهورأبائهم وسألهم « ألست بربكم ؟ « في تلك اللحظة كان بجانبي من عرفت أنها حبيبتي ، ورأيت نفسي في « نني « عينيها ، فنطقنا حين تلاقت عيوننا:» نعم أنت ربنا لا إله إلا أنت سبحانك « . وما ان يأتي أغسطس فالشهر شهد سؤالا سألته لنفسي عام 1960وزميلنا الكاتب الراحل مصطفى الحسيني يدخل صالة تحرير روز اليوسف ليجمعنا نحن الصحفيين الذين تحت التمرين ليقول لنا « لماذا لا يتم تعيين من هو جدير بالتعيين منا حسب كشوف الإنتاج ؟ . وكنت واحدا ممن تزدحم ابواب روزاليوسف وصباح الخير بما اجمع من اخبار؛ وكنت مازلت في ستوات الدراسة ، هنا سألت نفسي « هل قرار التعيين سيتيح لي الدخول إلى ميناء الحنان القديم الموجود في عيون حبيبتي ؟وأجبت نفسي « نعم فالتعيين بصباح الخير وروز اليوسف هو البوابة الملكية التي أخرج منها إلى بيت الحبيبة لأقول لوالدها « من يطلب يد إبنتك هو زميل لإحسان عبد القدوس وفتحي غانم وصلاح عبد الصبور وكامل زهيري ، فأنا اشاركهم التواجد اليومي في نفس المبنى القديم الذي تهتز من اجله اجهزة الدولة « . ولما كنت متأكدا بجدارتي للتعيين لذلك قلت لمصطفى الحسيني « سأكون اول من يوقع على وثيقة طلب التعيين ، ولكن ماذا عن زملائنا الذين لن يتم تعيينهم ؟ هل نتركهم في خلاء الإنتظار للمستقبل ؟ أجابني مصطفى الحسيني « مادام إحسان عبد القدوس وفتحي غانم ويوسف السباعي هم من سيصدرون قرار التعيين ، فهم أيضا لن يرفضوا إستمرار الباقين على وضعهم تحت التمرين ، وعليك ان تعلم ان التوقيع على هذا الطلب قد يعرضك ويعرض كل الموقعين لإستجوابات من امن الصحافة. ولان قلبي غير هياب ، قلت لمصطفى الحسيني « لا يهم « لم أقلها لعدم تقدير للأمن ، ولكن لثقتي أن من يحكم هو جمال عبد الناصر الذي يعلم يقينا ان جيلا شابا يلتف حول ما ينادي به ، فضلا عن هذا التوقيع هو صعود إلى باخرة مستقبلي لادخل ميناء الحنان القديم . ضحك مصطفى الحسيني فقد كان يعلم لمحة من تفاصيل قصة الحب . وإستمر مجلس إدارة روز اليوسف مجتمعا حتى الثانيه بعد منتصف الليلل ليخرج فتحي غانم من غرفة إجتماع مجلس الإدارة ليمد يده لي « مبروك انت الآن زميلنا في صباح الخير ويسبقك د. مصطفى محمود « . ايقنت ان الخمسة وثلاثون جنيها التي احققها بوضعي كمحرر تحت التمرين ستنكمش إلى سبعة عشر جنيها ، نظرت إلى التاريخ فكان الخامس عشر من اعسطس عام1960 ، ولم يكن هناك مفر من ان اقول لفتحي غانم « سأسافر الآن إلى مرسى مطروح لأخبرها أنه قد تم تعييني « . ضحك فتحي غانم فهو من عرف جنون القلب الشاب ، فقط قال « لا تتأخر» . وكنت أعلم أنه لا وسيلة مواصلات سوى القطار من الإسكندرية في السادسة صباحا لأصل إلى مطروح في الثانية ظهرا ، وكنت معتادا على السفر بالدرجة الثانية ، ولكن إكراما لقرار التعيين قررت السفر بالدرجة الأولى. وما أن وضعت قدمي في قطار مرسى مطروح حتى رحت في عمق النوم بعد ساعات من التوتر المنتبه إلى سؤال المستقبل « ماذا تخبئ لي ؟ « وعلى محطة مرسى مطروح وجدت مدرس اللغة الفرنسيثة بالعباسية الثانوية يحمل لافتة تقول «» متجع الشباب . حمسون قرسا بالإفطار والغداء « . سألته « أنت مدرس بالعباسية الثانوية فما الذي جعلك جامع زبائن لهذا المنتجع ؟ أجابني : أنا صاحبه . إشتريت الكبائن الخشبية القديمة من بلدية الإسكندرية وأخذت تصريحا من بلدية مطروح فاعطوني مساحة على البحر . أعدت عليها بناء الكبائن الحشبية وجئت بقريبي السوري ليطهو الطعام ومعه عدد من أفراد الأسرة للعناية بالزبائن ، فهذا افضل من الدروس الخصوصية « قلت : أنا أول زبون ، وأوقفت عرية يجرها حمار عجوز ، ولأن العربة تسع قرابة الخمسة أفراد ، سرعان ما تجمعوا وسارت بنا ما يقال عنها أنها « كاريته « إلى المنتجع الشباب . ولان المنتجع بالصدفة يقع بجانب معسكر جامعة الإسكندرية ، كان من السهل النداء على تلك التي شهدت بوحدانية الله حين تبادل كل منا النطر إلى عيون الآخر ، أبلغتها بالخبر فقالت « وأنا سأسافر إلى بعثة لإستكمال الماجستير والدكتوراه . هنا لعنت علنا كل من نابليون وسارتر وديجول وأندريه مالرو وراسين وفولتير وحتى حبيبي الروائي العظيم ستاندال صاحب الأخمر والأسود « التي بكيت كثيرا لخيبة العاشق والمعشوقة ، لعنتهم جميعا ، فليس في نهار تعييني يأتيني خبر إقتراب سفر من تشكل القلب على هيئتها ؟ وأصابتني نوبة من السعال والتنفس بصعوبة ، فأرجعت السبب إلى تدخيني ستون سيجارة في اليوم ، وإنتبهت إلى ما سبق وحذرني منه عميد طب الإسكندرية الأسبق وسيد الأمراض الباطنة فيها د. أحمد السيد درويش أثناء علاجه لوالدتي ولاحظ شراسة تدخيني « عند ابسط ازمة تمر بها ستجد الرئة وهي تحتج على إغتيالك لها بسجائرك «. ولم أتوقع أن سفر الحبيبة سيكون هو أكبر أزمة تجعل الهواء لا يدخل رئتي بل يتحول قبل الدخول إلى قطع من زجاج مكسور؛ وخدعني إدماني بإدعاء أن البايب أقل ضررا وأخف وطأة من السجائر ولكني لم أنتبه إلى خطورته التي لا تقل ضررا عن السجائر، وحين لاحت ازمة في العمل عام 1966 نتيجة دس أحدهم فتجاهلني أحمد بهاء الدين في العلاوات ، فطلبت لقاءه ؛ فاذن لي وحين اوضحت له الدسيسة وصاحبها قال الرجل « ما رأيك ان تعمل تحت قيادتي مباشرة لمدة شهرين ، فإن أجدت كانت لك العلاوة مضافة ، وإن لم تنجز ، فأنا سأقبل حكمك على نفسك ” قلت للأستاذ بهاء « عملت تحت قيادة فتحي غانم وصلاح عبد الصبور ويمكنك سؤال أي منهما فضلا عن إحسان عبد القدوس ، ولكن دعني أقول لك يا أستاذ بهاء بأن العمل تحت قيادتك المباشرة سيتيح لي فرصة لقياك بشكل مباشر لاسمع منك وتسمع مني. وبمعرفتي بك أثق انك لا تسمح لاحد بأن ينقل لك أخبار صالة التحرير ، ولكني سأجد حكما على مستوى عملي « ومضى الشهران ليقدم لي الأستاذ بهاء موسوعة عن تاريخ الخب / ومعها قرار صرف العلاوة مضاعفة وبأثر رجعي قائلا « أنت كاتب عاطفي فضلا عن سرعة إنفعالك . وانصحك بألا تقبل اي منصب إداري بسبب سرعة إلتهاب أعصابك فتذيق من يضايقك أهوالا من سطط القول . وكانت تلك هي واحدة من أهم الحقائق التي وضعتها أمامي كدستور حياتي . ولكن حدث أن قررت الإنفصال عمن يهواها القلب فقد صارت استاذة في باريس ولم يكن بإستطاعتي أن أحيا زوج الهانم . وعلى ضوء شموع ودموع قبلنا قرار الإنفصال ، فذكرتها بلعناتي لكل من ديجول وسارتر وحتى راسين وقوفا عند ستندال الذي احببت بصيرته كواحد تنبأ بقدرة الظروف على أن تسحب الرجل بعيدا عن المراة التي يهواها بيتا ووطنا ويمسك بالمراة العاشقة ليلقيها في إتجاه معاكس ويجعل كل منهما يكتم صرحة النداء على الأخر ، لكن ضجيج حركة البشر تمنع التلاقي . وتتعدد التجارب التي افتش فيها عن الحبيبة تحت بشرة غيرها؛ فأكون الفاشل لعدم وجودها او اكون الفاشل لان من تدخل معي التجربة تعلم أني غير مناسب لها. إلى أن يهبتي الفنان يوسف فرنسيس لقاء إمراة في قوة أمي وعزمها ، فأستريح في ميناء حنانها حتى كتابة هذه السطور . .................. ومن أجل تلافي أي عاشقين مضيت أدرس ماذا في جعبة الطب النفسي ، فقد سبق لي دراسة ما في جعبة علم النفس عبر أستاذ وضع أول مرجع في علم النفس وهو د. سعد جلال الذي تمتع بسخصية ترفض الترفع الكاذب الذي تمتع به كمال الدين حسين وزير التعليم وهو من راى ان علم النفس بكل فروعه نابع من اليهودي فرويد واوصى بتقليل دراسته ؛ وأغلق معهد التربية العالي الذي اسسه طه حسين لتدريب من يعملون في التدريس. وبقي عديد ممن اوفدهم طه حسين لدراسة علم النفس في جامعات القمة العالمية؛ بقي هؤلاء مجرد أساتذة زائدون عن الحاجة إلى ان خرج كمال الدين حسين فعادت بهجة دراسة علم النفس فضلا عن وجود أساتذة لم يلمسهم جهل وزير بقيمة علم النفس . وقد ربطت صداقة بيني وبين د. سعد جلال الجاصل على الدكتوراه من جامعة إستانفور، والتي يقال عنها انها احدى جامعات التاج العالمي للتحصيل الدراسي وقد سافر لبعثتها لانه الناجح بإمتياز مع مرتبة الشرف قسم التاريخ في جامعة فؤاد الاول ؛ وهو من قابله د. طه حسين ليقول له « ما رايك ان تدرس تاريخ سلوك اي شخص يطلب مساعدتك ؟ اليس هذا افضل من دراسة تاريخ من رحلوا ؟ وطبعا علت الدهشة ملامح سعد جلال فسأل « كيف استطيع ذلك « أجابه طه حسين بأن تدرس علم النفس . قكانت البعثة إلى هناك وبعد التفوق يعرضون عليه البقاء كباحث ومعلم ؛ فيقول كلمته البسيطة « تعلمت بأموال الفقراء المصريين . وهذا دين سأسدده بتعليم اولادهم. ورفض البقاء في إستانلورد وعاد ليصدم بعدم معرفة كمال الدين حسين لقيمة علم النفس. وصار هذا المرتطم بين حجرين ؛ حجر جهل المسئول عن التعليم في مصر وحجر رفض العرض الأمريكي بالبقاء استاذا في جامعة من ارقى جامعاتها. وقادته الظروف ليراس وحدة علم النفس بالمركز القومي للبحوث الذي اسسه ويراسه د. احمد خليفة الذي صار فيما بعد وزيرا للشئون الإجتماعية والاوقاف . وجاء اول شهر ليقبض مرتبه ليجد كشفا جانبيا فيه مكافاة هي ضعف المرتب ، فسأل عن سببها فقيل له « انت تعلم اننا نشتري القمح الأمريكي ونسدد ثمنه بالجنيه المصري ، وهم يشترون ابحاثنا العلمية ويدفعون مقابلها بالجنيه المصري . ولم يهدا الرجل لاجده امامي في روز اليوسف وهو يقول « كان بإمكاني أن أظل في الولاياتالمتحدة . ولم اتوقع ان اعود لاجد ابحاثي وأبحاث غيري يتم بيعها لهم . وخرجت روز اليوسف وهي تحمل حملة رفض بيع الابحاث النفسية والإجتماعية للخارج، ورفض إجراء أي دراسات ميدانية لحساب الولاياتالمتحدة ، وحاول أحمد خليفة مؤسس المركز القومي للبحوث أن يوقف الحملة مرة بعرض شقة من شقق وزارة الاوقاف على شخصي ومرة بعرض سلفة قرض حسن من ولكن كان الحكم بين روز اليوسف واحمد خليفة هو مكتب جمال عبد الناصر بأكبر اشخوصه ، فخرجت تعليمات واضحة بعدم بيع او إجراء إبحاث لحساب أي جهة أجنبية . وكان السبب هو تمرد سعد جلال ، ولم يندهش الرجل حين تحول مرة أحرى لتدريس علم النفس في الجامعة . وإمتلك من الفراغ ما جعله يضع مؤلفا ضحما كمرجع في علم النفس بكافة تخصصاته ، ثم سافر إلى ليبيا أستاذا هناك . وبعد ثلاثة أعوام عاد ليقول لي عام 1978 ليبيا محكومة بكمال حسين آخر إسمه معمر القذافي ، وأحال الرجل نفسه إلى التقاعد.وكنت كثير الصحك معه مذكرا إياه بما حدث مع طه حسين بذات نفسه ، ففي أثناء إنعقاد مؤتمر القمة العربي بفندق فلسطين عام 1964 وكنت موفدا لتغطية المؤتمر ، فغؤجئنا بتعيين كاتب صحفي رئيسا لدار التحرير ، فكان أول قراراته هو فصل أكثر من مائة كاتب وصحفي بدعوى انهم زائدون عن حاجة العمل وكان الأسم الأول هو د. طه حسين الذي يزين إسمه قائمة رؤساء تحرير جريدة الجمهورية ، وسمعت الخبر من فم كبير مذيعي مصر الأستاذ حسني الحديدي ؛ فصرخت « إن ثورة 23 يوليو كانت مجرد حركة مباركة من بعض شباب الجيش ؛ ولكن طه حسين هو من كشف عن أنها ثورة إجتماعية شاملة». وعلى البعد كان أستاذنا محمد حسنين هيكل يرقب مشهد إعتراض بعض الصحفيين لمثل هذا القرار . وأسرعت إبى داخل فندق فلسطين لأسال صديقي محمد زغلول كامل اصغر الضباط الاحرار وهو يعمل بشكل مباشر مع السيد سامي شرف مدير مكتب جمال عبد الناصر . وتركني زغلول كامل ليدخل مكتبا جانبيا ويعود بسرعة ليقول « الأستاذ محمد حسنين هيكل إستصدر من جمال عبد الناصر قرارا بتعيين د. طه حسين رئيسا للمجلس الاعلى لرعاية الفنون والأداب بدرجة وزير. إستراح قلبي فمعزة طه حسين في قلبي قديمة ، فقد كنت مع والدي نحمل لطه حسين إقرارا من علي توفيق شوشة باشا بانه ولي امر شقيقي الاكبر وكان الهدف هو رغبة والدي في ان يكون إبنه طبيبا ، وكان مسموحا بدخول أبناء الاطباء أو من يكفلونهم دخول الطب بأقل درجات في المجموع ، فقال طه حسين « أرجو أن تسمح لي بمقابلة إبنك الحاصل على مجموع أقل من المجموع المسموح به لدخول كلية الطب . ودخل شقيقي الاكبر ليواجه سؤالا من طه حسين « هل ترغب في دراسة الطب ؟ « اجاب اخي « كنت اتمنى دراسة الدراما في قسم اللغة الإنجليزية لأني أهوى المسرح ولكن الطب هو حلم أبي . هنا أخرج طه حسين شقيقي وأنا معه من الحجرة ليسمع منه عبر أبي جملة ظلت باقية في ذاكرتي « الأبناء ليسوا قفازات في أيدي الأباء لتحقيق أحلامهم المكسورة « . نعم كانت دراسة الطب هي حلم أبي . ولكن جدي الذي أصابته شراهة الزواج المتعدد رفض تحمل مسئولية الصرف على إبنه الوحيد ، ولذلك درس ابي في مدرسة المعلمين العليا، ومضى الجد يحلم بزواج ينجب فيه عديدا من الابناء بلا طائل . وعاش أبي أسير دراسته للكمياء إلى أن تحققت له بعثة لدراسة الإدارة الصحية بالمانيا وعاد منها حالما بالزواج من التي احبها وهي مدرسة لغة فرنسية زاملته في مدرسة السنية الثانوية للبنات. لكن لم يكن مسموحا لمدرسات ذلك الزمان بالزواج ؛ فمن تعمل بالتدريس عليها ان تظل راهبة علم بلا زواج . وطبعا إنتشر الزواج العرفي بين المدرسات ؛ لكن ماذا إن إنتفخت البطن بوليد جاء إبنا لعناق حب شرعي بورقة زواج عرفي ؟ كان من الطبيعي أن تستقيل المدرسة من عملها لتصبح زوجة؛ وكان رجال ذلك الزمان لا ينكرون زواجهم من المدرسات لانه إن اتكر قد يتسبب في إنتخار التي اهدته إبنا , ولان الصداقة بيني وبين ابي سمحت له بان اكون وعاء إعترافاته ؛ فقد روى لي قصة زواجه من إبنة أغنى عمدة بالشرقية وهي امي رغم علمه بان والدها منع ميرات البنات واوقف الثلاثة آلاف فدان على ولدين إثنين . وكان والدي يقول دائما « أمك تجيد تربيتكم وهذا افضل من ملايين الافدنة . ولم يكن يسعدنا نحن ابناء البنات ان نرى المال يمطر على اولاد الخال ونحن أبناء موطفين ، ولا أنسى حلمي بأن أتعلم في كلية فيكتوريا أو كلية سان مارك ، لكن مصاريف المدرستين لم تكن في قدرة والدي . كما ان عجز ابناء الولدين عن التعليم جعلنا نندهش من وجود المال ورسوب الابناء المكتفين بالشهادة الإبتدائية فقط لا غير. ولا انسى دموعي بعد وفاة ابي حين دخل سكرتير مدرسة محرم بك الثانوية ليقرا اسماء من لم يسددوا المصروفات المدرسية وهي اربعة جنيهات ، وكان إسمي هو ثاني الأسماء . وما ان رأني الأستاذ شوقي عبد الناصر شقيق جمال عبد الناصر وانا اقترب من باب الخروج من المدرسة مع الطلبة المفصولين لعدم سداد المصروفات ؛ ما ان رأني حتى نادى علي ، لاتجه له ويذهب بي إلى غرفة الناظر ليقول « إنه جارنا . وميراثه موجود بالمجلس الحسبي وسوف يسدد المصروفات بعد إستئذان المجلس الحسبي « فأعود إلى موقعي بالفصل ولاسمع بعد أيام بإلغاء المصروفات المدرسية أيا ما كانت ..................... تراكمت الايام لأشق طريقي في الحياة والعمل ، ويمتلئ الصدر بدخان السجائر والبايب لتنسد الشعب الهوائية ويهبط السادات حاكما لمصر قائدا لجيش لم يقم بإعداده ، فمن أعده قد رجل وهو جمال عبد الناصر . ويطل العجز العربي عن صناعة السلاح اللازم لبقاء فكرة القومية العربية على قيد الحياة ، تلك الفكرة التي تزاحمت عليها رصاصات الفخر بإنتصار المصريين والسوريين ؛ لكن العالم العربي لم يقبل ما صنعته ايدي مرتعشة عن صناعة السلاح وتمويل تلك الصناعة ؛ ويتم غزل مؤامرات عزل كل دولة عربية عن الأخرى حتى بدت علاقات الدول العربية كعلاقات العشاق الذين يرفض كل ؤواحد منهم الإعتراف بمسؤليته عن حصار مصر لتتجه إلى إتفاقية السلام مع إسرائل ولتهبط أول ذبحة صدرية على أمواج صدري المكدود بكثافة التدخين ، ليأتي إلى القاهرة من يتكفل بإنقاذي من مسلسل الهزائم العامة التي تنعكس على صدري ، يأتي شريف مختار سيد الرعاية الحرجة ليقوم بإنقاذي من الخطر الداهم ويشاركه عوض تاج الدين سيد امراض الرئة لا في مصر فقط ولكن في الشرق الأوسط لتصير كلمته مسموعة مثل كلمة شريف مختار في انحاء العالم شرقه وغربه ؛ من اليابان وحتى نيويورك . لكن لا توجد إرادة لمقاومة الإدمان للتدخين ، والتي أحلم بتعلمها بلا طائل ، فأمواج بحر حب الحياة التي عشتها تتكسرعلى صخور العجز عن الأقلاع عن التدخين .. لكن امواج عشق الحياة لا تعرف الهدوء في قلبي رغم إقتراب ساعات إحتراف الكتابة من عامي السابع والخمسين ككاتب شرف بالتلمذة على ايدي إحسان عبد القدوس وفتحي غانم وصلاح عبد الصبور وصداقة بلا حدود مع الكاتب الساخر محمود السعدني، ومازلت اواصل مصارعة أمواج بحر الحب بلا هوادة لياتي جيل جديد يستطيع ان يحب ويقابل حبه بقلب مشتاق ، ويتيح المجتمع مكانة لاي قصة حب . وقد يبدو ذلك صعبا ؛ ولكن من قال أن إنتصار الحب مسالة سهلة ؟