بعد أربعة أيام من انتخابات رئاسية فى رواندا كانت نتيجتها محسومة مقدماً لصالح الرئيس ذى الشعبية الكبيرة بول كاجامى تشهد كينيا بعد غد انتخابات لا يُعرف مُسبقاً مَن سيفوز فيها لشدة التنافس بين الرئيس أوهورو كينياتا ومرشح المعارضة الرئيسى رايلا أودينجا وسط مخاوف من أحداث عنف دموية،وفى يوم 23 تُجرى انتخابات أنجولا المحسومة نتيجتها أيضاً لصالح وزير الدفاع جواو لورينكو المقرب للرئيس إدواردو دوسانتوس مما دفع المعارضة للقول إن شيئاً لن يتغير، وإن دوسانتوس سيواصل حكم البلاد من وراء الستار.وإن دلَّ ذلك على شيء فهو أن ظاهرة تعلُّق الحكام الأفارقة بالسلطة متأصلة وأن الاحتيال على الديمقراطية مستمر بكل وسيلة ممكنة رغم أن قلة قليلة منهم تخلت عن الحكم طواعيةً وشهدت بعض دول القارة السمراء انتخابات حرة بالمقاييس الإفريقية وتداولاً سلمياً معدوداً للسلطة منذ بداية التسعينيات. فى رواندا أعلن كاجامى الذى تولى الرئاسة منذ 17 عاماً وكان قبلها الحاكم الفعلى تحت قيادة رئيس من عرقية الهوتو ذات الاغلبية لمدة ست سنوات أنه رشح نفسه لسبع سنوات أخرى بناءً على طلب الجماهير وحث الناخبين على التوجه إلى مراكز الاقتراع قبل شروق شمس أمس الأول وكأن المنافسة حامية الوطيس بينه وبين منافسيه الوحيدين فرانك هابينزا من حزب الخضر وفيليب مبايمانا المرشح المستقل. صحيح أن كاجامى الذى فاز بنسبة 98٪ كان له فضل وقف الإبادة الجماعية التى أودت بحياة أكثر من 800 ألف شخص بين الهوتو والتوتسى عام 1994 وإعادة الأمن والاستقرار وتحقيق معدل تنمية مرتفع جداً فى رواندا إلاَّ أن تعديله الدستور ليسمح له بالترشح للرئاسة ثلاث فترات متتالية إضافية تُبقيه فى الحكم حتى سنة 2034 قد شوَّه صورته كبطل قومى لدى الكثيرين.وذكرت منظمة العفو الدولية فى يوليو الماضى أن المناخ الذى (ستجري) فيه الانتخابات هو نتاج سنوات من القمع وأن الروانديين واجهوا منذ توليِّ الجبهة الوطنية الرواندية الحكم قبل 23 عاماً عراقيل ضخمة منعتهم من المشاركة فى الحياة العامة وانتقاد سياسة الحكومة علناً، وهو ما نفته الحكومة مراراً. أما فى كينيا فيتنافس كينياتا وسبعة مرشحين فى انتخابات هى أفضل فرصة لفوز أودينجا الذى يخوضها للمرة الرابعة نظراً لالتفاف أحزاب المعارضة الرئيسية حوله وتقدمه فى استطلاعات الرأى ما جعل البعض يتوقعون فوزه إذا جرت بدون تزوير أوترهيب لأنصار المعارضة أوشراء للأصوات أوتسخير مرافق الدولة لصالح الرئيس. وبينما دعا أودينجا أنصاره إلى عدم ممارسة الجنس ليلة الانتخابات لأن هناك حرباً يتعين خوضها تتطلب أن ينام الرجال خارج اللجان لحراسة الأصوات نشرت الحكومة قوات مكافحة الشغب المدعومة بمدرعات وقنابل غاز وهراوات تحسباً لأحداث عنف محتملة عقب إعلان النتائج مماثلة للتى راح ضحيتها 1200 قتيل ونحو 600 ألف مشرد فى ديسمبر 2007 ويناير 2008.وزاد الأجواء التهاباً فى بلد يتكون من 42 عرقية متصارعة على السلطة والثروة اختطاف وقتل المسئول عن نظام الفرز الإليكترونى للأصوات بلجنة الانتخابات فزادت المخاوف من التزوير خاصةً أن الخلاف استمر شهوراً طويلة بين المعارضة والحكومة حول ضرورة فرز الأصوات إليكترونياً وإعلان نتائج اللجان فى مكانها حتى تم الاتفاق على عد الأصوات يدوياً إذا تعطل النظام الإليكترونى وفى المناطق التى لا يوجد بها شبكة انترنت ووافقت اللجنة الانتخابية على السماح للأحزاب السياسية بمراقبة عملية التصويت مع وسائل الإعلام، لكنها احتفظت لنفسها بحق إعلان النتائج.وسيتوقف مرور الإنتخابات بسلام إلى حد كبير على مدى حنكة السياسيين فى الحكومة والمعارضة معاً وحُسن تصرفهم وابتعادهم عن التحريض والإثارة وتوجيه الاتهامات جزافاً فى بلد يعانى فيه الملايين من الظلم والفقر والبطالة وأنفسهم معبأة بالسخط والرغبة فى الانتقام بحق وبغير حق،وهو نذير يجب تفادى عواقبه. أخيراً وفى أنجولا أعلن الرئيس دوسانتوس أنه لن يرشح نفسه للرئاسة مرة أخرى بعد أن قضَّى 37 سنة فى الحكم وبلغ من العمر 74 سنة ما أحيا الأمل لدى البعض فى حدوث تغيير نحو الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وتحسين إدارة الاقتصاد حيث وصفه البعض بأنه الرجل الذى قاد البلاد نحو السلام دون أن ينتشلها من الفقر رغم أنها ثالث أكبر اقتصاد فى إفريقيا وثانى أكبر منتج ومصدِّر للبترول فى منطقة إفريقيا جنوب الصحراء،لكن ترشيح وزير الدفاع خلفاً له قضى فى رأيهم على ذلك الأمل.كما استبق دوسانتوس الانتخابات بحث البرلمان على إقرار مشروع قانون يمنع الرئيس من إقالة قادة الجيش والشرطة والمخابرات قبل انقضاء ثمانى سنوات على تولِّيهم مناصبهم مما دفع منتقديه للقول إنه أراد حماية نفسه والاحتفاظ بسيطرته على الجيش،وسبق أن اتهمه محتجون شباب خلال مظاهرات بالعاصمة لواندا عام 2013 بإساءة إدارة احتياطيات البلد من البترول وبقمع حقوق الإنسان وعدم بذل جهد كافِ للقضاء على الفساد والفقر،وبعدها ذكرت مجلة فوربس الأمريكية أن ابنته إيزابيل التى عيَّنها رئيسة لمؤسسة البترول الحكومية تُقدَّر ثروتها بمليار دولار. لمزيد من مقالات عطية عيسوى