لم يأت توجه أجهزة الدولة نحو استغلال ثروات منطقة «المثلث الذهبي» بالصحراء الشرقية من فراغ بل نتيجة لحقائق ثابتة وأرقام اقتصادية مدققة تؤكد أن هذه المنطقة حباها الله بثروات طبيعية متعددة ربما يندر وجودها على مستوى منطقة الصحراء الشرقية بصفة خاصة وعلى مستوى صحارى مصر بصفة عامة. وخلال الفترة السابقة ومنذ أن فتحت الحكومة هذا الملف ظل أبناء جنوب الصعيد خاصة ممن يعرفون حقيقة المثلث الذهبى وقيمته فى حالة ترقب, إلى أن جاء قرار الرئيس عبدالفتاح السيسى بإنشاء المنطقة الاقتصادية للمثلث الذهبى ليحرك المياه الراكدة لهذا المشروع ويقابل بارتياح كبير من أبناء البحر الأحمروقنا وسوهاج. ولكن ماهوالمثلث الذهبى وأين يقع ولماذا سمى بهذا الإسم وماهى ثرواته ومردودها الاقتصادى والاجتماعى على الاقتصاد القومى وماهى المعوقات الواجب تذليلها من قبل الحكومة ليصبح هذا المشروع ثانى منطقة اقتصادية على مستوى مصر ويحقق المستهدف منه؟ يؤكد الدكتور أبو الحجاج نصير عضو اللجنة الفنية لهذا المشروع أن هذه المنطقة أطلق عليها كلمة مثلث لأنها بالفعل على شكل مثلث قاعدته على ساحل البحر الأحمر بين مدينتى سفاجا والقصير ورأسه فى قنا وسمى بالذهبى لاحتوائه على عدة مناجم للذهب أشهرها منجم الفواخيرعلى طريق قفط - القصير، وهو أول منجم اكتشفه واستغله الفراعنة القدماء وترجع أهمية هذه المنطقة إلى عاملين رئيسيين أولهما احتوائها على ثروات فريدة ومتنوعة ثم توسطها لمنطقة الصحراء الشرقية التى تحتوى على كنوز اقتصادية قادرة فى حال استغلالها على الوصول بمصر إلى مصاف الدول المتقدمة، وموقع هذا المشروع والذى يتربع على نحو 2.2 مليون فدان. أولها قطاع التعدين والذى يضم مناجم الذهب فى عدة مناطق أهمها الفواخير وسمنة وعطا الله والعراضية والسد وأبو مروات، إضافة للمناجم الأخرى المجاورة له خاصة فى إتجاه الجنوب إلى جانب المخزون الهائل من خامات الفوسفات بمناجم البيضا وهو أكبر منجم على مستوى الشرق الأوسط وأم الحويطات وحمضات والحمراوين وغيرها أضف إليهم المخزون الهائل من خامات الطفلة الزيتية التى توجد فى بطون تلك المناجم والتى تستخدم فى استخراج زيوت البترول تقدر قيمة مايمكن إنتاجه منها بأكثر من أربعة مليارات برميل. ويحتوى المثلث على محور صناعى هائل حيث خامات صناعات الحديد والسوبر فوسفات والأسمدة والأسمنت والجبس والرخام والجرانيت حيث توجد بكثافة خامات الجرانيت الرمادى والأخضر وكسر الرخام ومحاجر الفليسبار والكوارتز والتلك والفليسبار والقصدير. ثم محور السياحة والذى يتمثل فى مقومات السياحة الشاطئية والترفيهية على ساحل البحر مباشرة، والسياحة البيئية والتى توجد مقوماتها فى منطقة وادى النخيل والعمبجى والقويح وأماكن سياحة السفارى والسياحة الجيولوجية وهناك مقومات السياحة الثقافية على جانبى طريق وادى الحمامات وهو أقدم طريق مصرى توجد على جانبيه الآثار الفرعونية والرومانية وغيرهما. أما محور الزراعة فيتركز فى منطقة رأس المثلث بإتجاه قنا بوادى اللقيطة الذى يتربع على مساحة تزيد على سبعة آلاف فدان ثم وادى قنا ووادى النخيل بالقصير والاستثمارفى تلك القطاعات سوف يوفر نحو 250 ألف فرصة عمل على مدى مراحله الست، ويطالب نصير بإنشاء مقر إدارى لهذا المشروع وتشكيل مجلس إدارة لهذه المنطقة الاقتصادية والبدء فى جميع الإجراءات التى تجعله يدخل حيز التنفيذ والعمل على تذليل كافة عقبات الاستثمار المستهدفة. أما الدكتور محمود حنفى الأستاذ بجامعة قناةالسويس وصاحب أبحاث ودراسات عديدة بشأن ثروات البحر الأحمر فإنه يؤكد تطبيق مبدأ تصدير الخامات بعد تصنيعها بما يعظم الاستفادة منها ويوجد المزيد من فرص العمل بدلا من تصديرها بأقل الأسعار. وأشار إلى ضرورة استغلال ماهو موجود بالكلية داخل المثلث لأن الصحراء بدءاً من الزعفرانة شمالا وحتى حدود مصر الجنوبية مع السودان زاخرة بثروات هائلة فى عدة قطاعات ويرى أنه فى حال تطبيق الأساليب العلمية السليمة فى استثمار خيرات المشروع سيخلق فرص عمل وإقامة توطين صناعى وعمرانى وسياحى وتعديني. ويرى محمد عبده حمدان عضو مجلس محلى المحافظة سابقاً أن قرارالرئيس بإنشاء المنطقة الاقتصادية للمثلث الذهبى أعطى إشارة لأن يخرج هذا المشروع الذى طال انتظاره للنور، ولذلك لابد من الإسراع بالخطى من قبل الحكومة وقيامها بتشكيل لجنة موسعة من جميع الأجهزة لمعاينة المنطقة على الطبيعة والوقوف على المعوقات الموجودة والعمل على حلها من الآن ومنها على سبيل المثال طريق قفط - القصير والذى يمثل الضلع الجنوبى للمثلث وحوله تتركز أهم مقومات المشروع وثرواته والذى يحتاج إلى إعادة تأهيل وتوسعة وتعديل المنحنيات الخطرة به وتوفير جميع الخدمات الأمنية والاتصالات اللازمة لأنه سيصبح أهم شرايين المنطقة. وكان اللواء أحمد عبد الله محافظ البحر الأحمر قد أكد أن مشروع المثلث الذهبى خضع منذ بداية الإعلان عنه لدراسات دقيقة أولاها التعاقد مع كبرى المكاتب الاستشارية الإيطالية، وقام المكتب بإعداد الدراسات الشاملة للمشروع متضمنة أماكن المشروعات المقترحة ونوعياتها ودراسة جدواها الاقتصادية فيما يخص المشروعات الصناعية والزراعية والتعدينية والسياحية وأعدت دراسات بيئية لها وأنه فى إطار تفعيل مقومات إنجاح المشروع ستقوم وزارة النقل بالتنسيق مع وزارة الصناعة فى رفع كفاءة وتطوير خط سكة حديد أبو طرطور الذى نهبت قضبانه خلال فترة الإنفلات الأمنى.