فور اندلاع الأزمة القطرية، سارعت الكويت إلى الإعلان عن موقفها الحيادى وتقدمت كوسيط رئيسى فى الخلاف، فالتقى أمير الكويت مسئولين سعوديين وإماراتيين فى جدة ودبى يومى 6 و7 يونيو الماضى، وذلك قبيل توجهه إلى الدوحة لمناقشة المسألة مع القادة القطريين. التزمت الكويت بدور محايد فى الخلاف، وسارع أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح إلى القيام بدور المفاوض فى الخلاف المتصاعد. ولم يكن الحياد الذى التزمته الكويت فى خلاف مجلس التعاون مفاجئا، بالنظر إلى سجل الكويت الحافل بالسعى إلى سد الفجوات بين الأطراف المتعارضة فى الأزمات الإقليمية. وفى الوقت الذى يرى فيه مراقبون إن مهمة أمير الكويت فى تطويق هذا الخلاف بين قطر من ناحية والدول الداعمة لمكافحة الإرهاب من ناحية أخرى ربما تكون مهمة شبه مستحيلة، حيث إن الخلاف هذه المرة مع قطر أعمق من المرات السابقة، ويتعلق بالمطالب تغييرات جذرية فى سياسات قطر، وأبرزها لائحة المطالب الطويلة، أهمها وقف دعم الإرهاب والتدخل فى شئون الدول العربية. فى ظل هذا الخلاف المحتدم، أعلن أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد عزمه مواصلة الوساطة ومعالجة الأزمة الخليجية، معتمداً على الردود الإيجابية من أطراف الأزمة. وقال الشيخ الصباح» «أن الكويت لن تتخلى عن مسئولياتها التاريخية، وسنكون أوفياء لها حتى يتم تجاوز هذه التطورات وانجلاؤها عن سمائنا، وتعود المحبة والألفة لبيتنا الخليجى الذى سيبقى وحده قادرًا على احتواء أى خلاف ينشأ فى إطاره». حظيت المبادرة الكويتية بقبول دولى ورغبة من عدة أطراف للمساهمة فى دعمها، حيث سارع كل من الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون والممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمنية فى الاتحاد الأوروبى فدريكا موجرينى لإعلان دعمهما للوساطة الكويتية لحل أزمة قطر، وقالت موجريني، فى بيان صدر عنها عقب لقائها مع الرئيس الفرنسى على هامش مشاركتهما فى قمة البلقان «إنه لا بد من وضع حلول لإنهاء الأزمة الخليجية الراهنة من خلال الحوار» مشيرة الى أهمية استمرار الجهود الكويتية المبذولة فى هذا الصدد، وشددت «على أهمية الوحدة والاستقرار فى هذه المنطقة». كما استقبل أمير الكويت وزراء خارجية الولاياتالمتحدة وفرنسا وألمانيا لبحث أزمة قطر. وبالرغم من أن نجاح وساطة الكويت فى الأزمة القطريّة ليس أمرا مضمونا، إلا أن هناك ما يشبه الاجماع على أن الكويت وأميرها الشيخ صباح الأحمد هو الزعيم صاحب الفرص والمؤهلات الأفضل لمواصلة مهمة الوساطة، للتوصل إلى حل للخلاف القائم، حيث يعتبر أطراف الأزمة أمير الكويت وسيطا نزيها وحكيما، نظرا لخبرته الطويلة وحكمته. ومن ناحية أخرى حافظت الكويت على علاقات متوازنة مع كل الأطراف. يبقى أن وساطة أمير الكويت يعرقلها التعنت الذى قابلت به الدوحة المطالب ال 13 لمصر والسعودية والإمارات والبحرين من أجل حل الأزمة، فضلا عن إطالة هذا الخلاف، وهو مايقلص احتمالات التوصل إلى حل سريع، مما يجعل أمير الكويت أمام تحد كبير.. وهكذا فإنه إذا نجحت الكويت فى مسعاها، فمن الأرجح أن يتعزز مركزها كوسيط مهم فى قضايا المنطقة لكن إذا فشلت جهود الوساطة التى تبذلها فى حل الخلاف واستمرت الأزمة القطرية أطول مما يجب، فإن ذلك يطرح تهديدا كبيرا فى المنطقة كلها تعمل الكويت على تفاديه.