كانت البداية فى 2002، منذ نحو خمسة عشر عاماً، حينما تلاقت مجموعة فنية من ممارسى الفن التشكيلي، وقد امتزجت بروح الإصرار على أن تكون لها بصمة فنية ذات بعد فلسفى وفكري لا يمحى فى الحراك التشكيلي المصري المعاصر. ومنها استشعروا الحاجة إلى تكوين جماعة فنية، والتى جاءت على يد الدكتور عبدالعزيز الجندي الأستاذ بقسم الجرافيك بكلية الفنون الجميلة بجامعة حلوان ومؤسس الجماعة، لتكون تحت شعار «جماعة اللقطة الواحدة «. بدأت حينذاك بخمسة عشر فنانا من طلاب وخريجي الفنون الجميلة، لتضم اليوم مجموعة من فنانى كليات الفنون فضلا عن الهواه. قامت الجماعة على فكرة التناول الفنى والتقنى المتعدد ذو الأساليب المختلفة لمشهد محدد ولقطة واحدة، جاء ذلك بشكل دائم من خلال اللقاء الاسبوعى صباح كل جمعة. ليستقوا أحياناً من فيض الطبيعة المصرية أو المناطق التاريخية والشعبية، وأحياناً لموضوع محدد كاستلهام احد أعمال الرواد، وأحيانا أخرى البحث فى الشخصية المصرية. أقامت جماعة اللقطة الواحدة العديد من المعارض الفنية الناجحة والتى جاءت لتحاكى أفكارا متنوعة منها «الإسكافى، الحوايط، العربة الشعبية، السيرك، عرائس الماريونت، تحويله القطار، الوجوه، كوبرى القبة، صندوق الوقت، تحيه إلى تحية والاستغماية».. واليوم نحن بصدد معرضهم الحادى والثلاثون بجاليرى بيكاسو بالزمالك، والذى جاء تحت عنوان «مقعد رضوان»، والمقرر استمراره حتى 22 يوليو الجاري. بدأت فكرة المعرض برغبة فنانى اللقطة الواحدة فى التعبير والبحث عن أثر قديم ليكون أيقونة المعرض. وفى رحلة للبحث عنه فى منطقة باب زويلة والخيامية، جاء قصر «مقعد رضوان بك» القابع فى وسط ورش النجارة الضخمة، بما يحوى من مشاهد أثرية وأطلال قديمة تحاكى وتمس مشاعر اللقطاويين. فقد ظلوا هناك قرابة الثلاثة شهور يبدعوا لوحات هى حصيلة معرض اليوم. حيث يضم نحو 112عملا يشمل العديد من الوسائط والرؤى للتعبير، من بينها فنان جرد فى تصوير الأثر وآخر أكد على الزخارف وأبرزها، وذلك من خلال التصوير الزيتى، الاكريليك، الأكواريل، الباستل، الرسم، التجهيز فى الفراغ والديجيتال أرت. فضلا عن المدارس الفنية المتعددة المتخذة كوسائل للتعبير. يشارك فى المعرض 47 فنانا وفنانة، منهم عبد العزيز الجندى، مراد درويش، سارة عوف، نهال هانى، كريم ماهر، أحمد يوسف، أيمن حمزة، عنايات السعدنى، نهى مازن، يحيى حسن ومحمد كمال. وعلى صعيد متصل جاءت بعض الفعاليات لتصاحب المعرض منها ندوة أساسيات فن التصوير بين الهواية والاحتراف للدكتور على حسان، فضلا عن حوار حول اللقطة الواحدة وفنانيها للدكتور ياسر منجى، أيضا حوار فنى فى رحاب مقعد رضوان والذى سيعقد الخميس المقبل 20 يوليو فى السادسة مساء للدكتور مراد درويش وأخيراً حفل الختام مساء السبت 22 من الشهر الجارى. يقول الدكتور عبد العزيز الجندى عن قصر رضوان «عالم قديم ثري في طبيعته وتفاصيله. وواقع جديد يلتمس من الماضي بعض المفردات ويحاول الحفاظ على عبق السنين بحكم الجوار لأعظم حضارة وأزهى عصور.. نعود لرضوان بك.. بينما الرجال يحتسون القهوة وينفثون الغليون.. تحدث بالداخل لقاءات موازية.. في الحرملك، تقبع النساء.. يتسامرن بشتى الحكاوي ويتذكرن أجمل الأحداث.. ويتندرن بآخر الأخبار. هذه سيدة ذات خبرة وحنكة.. وتلك فتاة في أول الشباب. يتبادلن الحديث..بين خطيبة. ومتجاوبة ومنصتة. وبين من لها رأي آخر في الموضوع..كل تلك الأمور استحضرتها قلوب وأذهان اللقطاويين قبل أناملهم.. التي سارعت بتسجيل الواقع الحالي ممزوجا بالماضي البعيد. تلك العقود التي تبكي على الأطلال أجمل أيام مضت. وهذا الحطام الذي لو نطق لترحم على أزمنة زاهرة.. وعلى بهاء مشرق. تحول مع السنين إلى خرائب. تسعى فيها الزواحف وترعى الفئران. مشهد جديد قديم. انفعلت به عيون الرفاق ونبضت قلوبهم وخفقت. ثم شحذوا أدواتهم لتسجيل اللحظة وصياغتها. مزجوا الماضي بالحاضر. وأضافوا انطباعاتهم وأحاسيسهم. عن رضوان. وأطلال رضوان ومقعده الحزين الذي يشكو قسوة الأيام وغدر السنين».