كنا نجلس في مكتبه القديم في مبني وزارة الخارجية العتيق بميدان التحرير أسامة الباز شفاه الله وانا..قال رشحت للرئيس مبارك سلامة أحمد سلامة رئيسا لتحرير الأهرام وجاءت فرصة مناسبة للقاء بينهما في رحلة سفر سعيت يومها ان يكون سلامة مرافقا فيها للرئيس.. وقلت لسلامة إن الرئيس سوف يجتمع بالوفد الصحفي في الطائرة وطلبت منه ان يتحدث مع الرئيس ويطرح أفكاره ومواقفه وان يقول كلاما طيبا واجتمع الرئيس بالوفد وانتظرت ان يتحدث سلامة ولكنه قال شيئا مختلفا تماما عن كل ما طلبت منه فقد إنتقد الأوضاع في مصر بشدة وامتعض الرئيس من كلامه وقال لي بعد الاجتماع هل هذا هو سلامة أحمد سلامة الذي رشحته رئيسا لتحرير الأهرام وضاعت الفرصة ان يتولي سلامة رئاسة تحرير الأهرام وكان أحق بها من كثيرين عرفت سلامة رفيق عمل وصديقا عزيزا منذ عام68 كان مراسلا لأخبار اليوم في المانيا حيث عاش فترة من حياته ولكن الأستاذ هيكل أقنعه ان ينضم لأسرة الأهرام كاتبا ومسئولا في الدسك المركزي ثم مديرا لتحرير الأهرام..وسلامة من جيل أرسي قواعد مهنية وأخلاقية وسلوكية عظيمة في تاريخ الأهرام والصحافة المصرية..هو من جيل احترم الصحافة رسالة وتاريخا وموقفا لم يغامر بتاريخه الصحفي ولم يمارس اللعب مع السلطة وكان دائما مترفعا في ثوابته ومواقفه وقناعاته..وقد حزنت كثيرا يوم ان ترك سلامة الأهرام ليقيم صرحا صحفيا جديدا هو صحيفة الشروق كنت أشعر دائما ان ابناء الأهرام مثل الأسماك النادرة إذا خرجوا من الماء ماتوا ولكن سلامة خاض تجربة ناجحة في الشروق رغم ظروفه الصحية الصعبة في السنوات الأخيرة..كان سلامة قلما محترما يعرف قدر نفسه ولكنه في أحيان كثيرة كان يبتعد عن الصراعات في السياسة والصحافة معا ولهذا لم يأخذ حظه في بلاط صاحبة الجلالة بما يتناسب مع قدراته ومواهبه وثقافته كان مثقفا من طراز رفيع وكانت لديه رؤي سياسية وإنسانية علي درجة من العمق والترفع..خسرنا كاتبا كبيرا وقلما صادقا وقبل هذا صديق عمر وزميل رحلة عزيزة في بلاط صاحبة الجلالة رحم الله سلامة أحمد سلامة. [email protected] المزيد من أعمدة فاروق جويدة