منذ ضباب فجر التاريخ وبما يزيد على ثلاثة آلاف سنة من عمر الزمان ، برع قدماء المصريين فى بناء أروع المعالم الأثرية على الإطلاق وإستطاعوا بناء حضارة كاملة تمتلأ عن بكرة أبيها بالأسرار والعجائب التى دفن أغلبها معهم ولم يتوصل العلم الحديث إلا لليسير منها ، فبرعوا فى إظهار حرفية نادرة فى كافة صنوف العلم ووضعوا إكتشافاتهم على شكل قصص ورسومات تزين لوحات البردى المحملة بعبق التاريخ ، تحمل كل واحدة منها مغًزى لعلم عميق فمن أراد فك شفراته ؛ فعليه شّد الرحال فى رحلة عبر الزمن ليعود للوراء آلاف السنين . الدكتورأحمد حسين عبدالمجيد إستشارى التغذية ورئيس وحدة البحوث بمعهد بحوث الإنتاج الحيوانى ، إختار السفر فى رحلة للوراء وإستطاع ان يسبر أغوار إحدى اللوحات الفرعونية الموجودة بمقبرة رناحنت – طيبة بالمتحف الزراعى ، وتوصل لفك طلاسمها ليستفيد منها العلم الحديث ، على الرغم من كون اللوحة خالية من أية رموز أو كلمات تشير لمعناها ، وإعتمد فى تفسيرها على التدقيق الشديد وأساليب الربط بين المفاهيم المختلفة حتى إستطاع ان يتوصل لرؤية واضحة ومكتملة عن فحواها ، فقام بتسجيل إكتشافه للوحة الفرعونية الشديدة الغموض ، والتى تحمل رسم ملون لطريقة صيد الطيور والأسماك وقطف العنب ، فى إشارة إلى إستخدام المصرى القديم لطرق وأساليب خاصة تتفق مع زمانهم فى إعداد الذبائح والتأكد من جودتها ، والتى كانت تتم بشكل يدوى معتمدين على عصر العنب وتخميره "وهو مطهر قوى" ،ومن ثم إستخدامه كمادة لتعقيم الذبائح وتطهيرها وحفظها لفترات طويلة داخل أوانى فخارية . وتأتى أهمية الموضوع فى الإستفادة من هذة التقنية فى إعادة هيكلة صناعة الدواجن بوجه خاص والذبائح بوجه عام ، لضمان القضاء بفاعلية على الأمراض التى إنتشرت مؤخراً فى لحومها "كأنفلونزا الطيور والخنازير .. وغيرهم "والتى تنتقل للإنسان بعد ذلك ، ويؤكد البحث على ضرورة إستخدام مواد فعالة فى التعقيم وتحسين جودة الذبح بالحرص على تعليق الذبائح ، بالإضافة إلى إعادة تأهيل العمالة من حيث التخصص فى العمل وتجويد الأداء فى كل المراحل ، تفعيل الأدوات الرقابية والتى تضمن حق المستهلك فى الحصول على منتج آمن ونظيف ، وهو الأمر الذى يؤكد على عظمة المصرى القديم فى التوصل للعديد من التقنيات العلمية والتى طُبقت بحرفية شديدة حيرت العالم إلى يومنا هذا ، والتى تلفت الإنتباه كذلك بضرورة إجراء المزيد من الأبحاث فى مجال التقنيات العلمية التى توصل إليها المصرى القديم وتسجيلها لمصر . [email protected] لمزيد من مقالات راندا يحيى يوسف;