شاهدت الطائرات المائية تهبط في النيل في المنطقة العريضة في روض الفرج بالقاهرة خلال فترة الحرب العالمية الثانية. وكانت مصر تتعرض في خلال هذه الفترة للغارات الألمانية مما كان صعبا معه إستخدام المطارات التقليدية بسبب سوء حالتها, فتمكنت الشركات العالمية من بناء طائرات تهبط وتقلع من المياه. وقد إختفت الطائرات المائية من نيل مصر عقب الحرب العالمية, فقد شهدت صناعة الطائرات المدنية قفزة كبيرة في تصميمها وسعتها وبعد أن كانت تعمل بالمراوح ظهرت الموتورات النفاثة التي زادت من سرعة الطائرات ومكنتها من قطع الرحلات الطويلة مرة واحدة بعد أن كانت تهبط أكثر من مرة للتزود بالوقود. وفي رحلة من القاهرة إلي لندن كانت الطائرة المصرية حتي السبعينيات تهبط ثلاث مرات في ثلاث دول. وقد كان إعتقادي أن الطائرات المائية قد إختفت من العالم إلا أنني في زيارة قبل عامين إلي الأسكا في القطب الشمالي وجدت إعتماد سكان الولاية في التنقل بين مدن الولاية وكندا علي الطائرات المائية بسبب صعوبة إنشاء المطارات العادية نظرا لقسوة الأراضي وطبيعتها الجبلية. وفي خلال الأربعين سنة الأخيرة أصبحت الطائرة الوسيلة الأولي في التنقل رغم إرتفاع تكاليف السفر بها منذ تضاعف سعر الوقود عدة مرات منذ حرب73. ومع ذلك لم يعد العالم يهتم كثيرا بسعر البترول وإنما بضمان توافره. وبحسب أفضل التقديرات تفاؤلا فإن عمر البترول الموجود في العالم اليوم لا يتجاوز مائة سنة. والمعروف عن البترول أنه الطاقة المحركة لملايين السيارات والطائرات والبواخر والأدوات الكهربائية لأن معظم الكهرباء في العالم تنتجها المحطات الكهربائية. لكن إلي جانب الطاقة هناك الدور الذي يقوم به البترول في الصناعات الكيماوية العديدة التي تمثل محورا أساسيا في حياة الإنسان ولا بديل عن البترول في تلك الصناعات. ولهذا أصبح هم الباحثين والعلماء محاولة إيجاد بديل للبترول يوفر إستخدامه كطاقة وقصر إستخدامه في الصناعات الكيماوية. الشمس الطاقة التي لاتفني لقد جرت محاولات عديدة في إنتاج الطاقة من الرياح والمياه والذرة ولكنها كلها محدودة, وأهم مصدر للطاقة توصل إليه العلماء هي الشمس. وسواء كان البترول أو الفحم فقد وجد العلماء أنهما عبارة عن طاقة شمسية تم تكونها عبر ملايين السنين. فالذي يحترق في البترول أو الفحم عبارة عن الطاقة شمسية المختزنة في ذرات الفحم أو البترول. ولهذا جري الإتجاه منذ سنوات إلي تخزين الطاقة الشمسية المتاحة وإدارة إستهلاكها بالطرق الفنية. وبالفعل بدأت منذ ثمانينيات القرن الماضي محاولة إنتاج أنواع من السيارات تعمل بالطاقة الشمسية. وأصبح هناك في إستراليا معرضا يقام مرتين سنويا إسمه وورلد سولار شالنج تعرض فيه فرق الجامعات والمؤسسات التي تعمل في أبحاث هذه السيارات آخر محاولات إنتاجها. وفي عام1987 عندما بدأ هذا المعرض الذي يشهد مع إقامته سباقا لسيارات الشمس كان متوسط سرعة السيارة الفائزة67 كيلومترا قفزت إلي نحو تسعين كيلومترا بعد أكثر من عشرين سنة. وظهرت الطائرات الشمسية وإلي جانب محاولات إنتاج السيارات التي تعمل بالطاقة الشمسية جرت محاولات ناجحة لإنتاج القوارب. وبالفعل جري في إنجلترا عام1975 إنشاء أول قارب يعمل بالطاقة الشمسية كما جري إدخال محولات الفولتو ضوئية التي تستخدم في تحويل الطاقة الشمسية إلي طاقة كهربائية في قوارب السفر وكان كينيتشي هوري( الصفحة غير موجودة) القارب كينيتشي هوري أول قارب يعمل بالطاقة الشمسية يعبر المحيط الهادي, بينما كان القارب صن21 كاتماران أول قارب يعمل بالطاقة الشمسية يعبر المحيط الأطلنطي في شتاء2007. لكن أبحاث الطاقة الشمسية لم تقتصر علي السيارات والقوارب والإستخدام المنزلي وغيرها بل إمتدت أيضا إلي مجال إنتاج الطائرات التي تطير بالطاقة الشمسية. وقد شهد يوم السادس من يونيو الماضي2012 هبوط طائرة شمسية في مطار الرباط بالمغرب بعد رحلة بدأت من سويسرا إلي العاصمة الأسبانية مدريد قطعتها في17 ساعة ثم من مدريد إلي الرباط في19 ساعة بدون توقف. وقد استغرق تصميم الطائرة7 سنوات في إطار مشروع سويسري يقوم به فريق من70 شخصا و80 شريكا, للتوصل إلي هذه الطائرة المتطورة المصنوعة من ألياف الكربون, والمجهزة بأربعة محركات تعمل بالكهرباء( مراوح مثل الطائرات السابقة قبل المحركات النفاثة) قوة كل محرك عشرة أحصنة تغذيها12 ألف خلية ضوئية كهربائية منتشرة علي طول جناحيها الذي يبلغ طولهما63 مترا. وهو تقريبا نفس طول الطائرة نفسها( طول عمارة20 طابقا). ويماثل هذا الطول طول الطائرة الإيرباص340 لكن وزن هذه الطائرة الشمسية لا يتجاوز وزن سيارة متوسطة الحجم إذ يبلغ وزنها1600 كيلومتر ولا تتسع حتي الآن سوي لراكب وحيد. وهي كما تري طائرة تبدو مضحكة بالنسبة للطائرات الضخمة التي وصلت إلي حمل800 راكب. ولكن التاريخ علمنا أن كل المخترعات تبدو مضحكة ثم تتطور. الطائرة التي كان أول ظهورها علي يد الأخوين أورفيل وويلبر رايت في أكتوبر1905 كانت سرعتها48 كم وإستمرت12 ثانية فقط!. وفي أول ظهور للسيارة في شوارع بريطانيا عام1865 فقد أثارت حالة شديدة من الذعر بين المارة مما إضطر المسؤلون إلي إصدار قانون عرف بإسم قانون الراية الحمراء يلزم كل صاحب سيارة أن يسير أمامها رجل يحمل راية حمراء لتحذير االمشاة في الشارع! الجيل القادم سيركب الشمس والهواء وسيرحم من الوقوف في طوابير البنزين والسولار يابخته! المزيد من أعمدة صلاح منتصر