جاء الأمر الإلهي بغض البصر فى آيات قرآنية عدة، حيث قال تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ. وحفظ الإسلام حق الطريق فجاء توجيه النبى صلى الله عليه وسلم: (إياكم والجلوس بالطرقات)، فقالوا: يا رسول الله، ما لنا من مجالسنا بدٌّ نتحدث فيها، فقال: (إذ أبيتم إلا المجلس، فأعطوا الطريق حقه)، قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله؟ قال: (غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر). وتناسى كثير من الشباب تلك القيم الإسلامية النبيلة، والأهداف التى تسعى إلى الرقى بالمجتمع المسلم وسمو الأخلاق، وتنأى بأفراده عن كل خلق سيئ أو عمل مشين، وأصبح التحرش الجنسى ظاهرة تتكرر فى الاحتفالات والمناسبات والمظاهرات والتجمعات البشرية فى مختلف المحافظات. وتمثل تلك الحوادث الفردية التي تشهدها بعض التجمعات وأماكن التنزه والمولات التجارية في أيام العيد، ظاهرة مشينة أفسدت على البعض فرحتهم بعيد الفطر، وتنتشر وتنهش في المجتمع المصري تزداد يوما بعد يوم. علماء الدين يطالبون بتغليظ العقوبة وتضافر جهود جميع المؤسسات الدينية والتربوية والثقافية والإعلامية فى نشر منظومة القيم والأخلاق. وأكد علماء الدين أن تزايد الظاهرة سببه نقص الوازع الدينى وغياب دور الأسرة باعتبارها المسئول الأول عن التربية والنشء وإذا نشأ الطفل على الأخلاق السليمة والقيم ابتعد عن هذه الأفعال الشاذة والخاطئة، والمدرسة ووسائل الإعلام يقع عليهما عبئ كبير في الحفاظ على الأجيال وحمايتهم من هذه الأخطار. مسئولية مشتركة ويقول الشيخ محمود عاشور، وكيل الأزهر الأسبق، ان حل ظاهرة التحرش الجنسي التي انتشرت في المجتمع له عدة محاور، أولا : الأسرة هي المسئول الأول عن التربية وغرس القيم والأخلاق لدى أبنائها إنما للأسف الشديد الأبناء لا يجدون مربيا والأولاد يربيهم أصدقاؤهم والانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، والآن لا توجد أسرة تجتمع أبدا فكل فرد يعيش مع وسائل التواصل الاجتماعي والانترنت ولم تعد هناك منظومة ينتمى إليها الإنسان توجهه وتربيه، ونحن ينقصنا القدوة والنصيحة، والشباب الآن لا يجدون هذا ولا ذاك، فنحن نقول الشعب المصري متدين بطبعه فكيف يكون ذلك مع انتشار ظاهرة التحرش في مصر، فلا توجد تربية حقيقية ولا يوجد مرب حقيقي يعطى قيمة أو أخلاقا. ثانيا : المدرسة للأسف الشديد المدرسون أنفسهم يحتاجون إلى توجيه وتوعية لتربية النشء، أما الجامعات ليس بها توجيه ديني على الإطلاق إلا كليات دار العلوم وكليات جامعة الأزهر، أما عن مادة التربية الدينية في المدارس فهي تفتح في ليلة الامتحان فقط .وأضاف: إننا بحاجة لتربية دينية حقيقية في المدارس ونحتاج لمدرس متخصص لدي أخلاق ومثل وقيم يزرعها ويغرسها في الأطفال كما يجب ألا ننكر دور وسائل الإعلام والتليفزيون فالإعلاميون الآن يسب بعضهم بعضا بأسوأ العبارات على سمع وبصر الأطفال، والشباب ومراكز الشباب موجودة ومنتشرة لكن ليس لها دور حقيقي في التربية والتوجيه والتعليم وأيضا وزارة الثقافة لها دور كبير فأين القوافل الثقافية التي كانت تعرض في القرى بالريف أفلاما هادفة فلا يوجد ذلك الآن. من جانبه، أشار الدكتور مختار مرزوق عبد الرحيم، العميد السابق لكلية أصول الدين بأسيوط، إلى أن مشكلة التحرش الجنسي التي انتشرت أخيرا لها أسباب يجب علينا أن نعالجها حتى نتمكن من القضاء على هذه الظاهرة السيئة، ومن من هذه الأسباب الأفلام الهابطة والمسلسلات المسفة التي دخلت على الناس بيوتهم وهم لها كارهون لدرجة أن الأب أحيانا يبتعد عن القناة حتى ينتهى المشهد الذي لا يليق بعادات المصريين فضلا عن مخالفتها للإسلام. وعدم العقاب السريع لهؤلاء الذين يتحرشون فلو كان هناك عقاب فوري ما أقدم احد على ارتكاب هذا المنكر الفظيع. والميوعة عند بعض الفتيات فبعض الفتيات تخرج بثياب أو بملابس تكشف أكثر مما تستر مع الميوعة أحيانا بالنظرات وغيرها وأحيانا تكون الشابة والشاب يتكلمون أمام الناس بكلام فاضح أو بحركات لا تليق بالمرأة المصرية، ويحدث هذا أحيانا في المواصلات العامة كالمترو وغير ذلك وكل من يستعمل هذه المواصلات يعرف ذلك جيدا، كذلك نريد أن يتم معاقبة الولد المتحرش كما يجب أن يكون هناك عقاب لتلك الفتاة أو لولى أمرها حتى يلتزم الجميع بالأخلاق التي نشأنا عليها قديما ونحن حينما كنا ندرس منذ عدة عقود وكان الأولاد والبنات والشباب والبنات عندهم نوع من الحياء ما كان التحرش ظاهرة عامة كما يوجد الآن فيما نراه. وكذلك يجب أن تفتح المدارس والنوادي وما إلى ذلك للمحاضرات العامة لعلماء الأزهر حتى ينيروا العقول ولكن مع الأسف الشديد رغم أننا طالبنا المسئولين في وزارة التربية والتعليم مرارا و تكرارا إلا أن الاستجابة ضعيفة جدا الوازع الديني وفي سياق متصل، يقول الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، ان جريمة التحرش الجنسي موجودة قدم الزمان لكن تتفاوت ازديادا أو انحسارا تبعا لمقدار الوازع الديني في الأفراد والمجتمعات، فالمدينة الفاضلة هذه في الخيال ولكن المجتمعات البشرية بها غرائز وجموح وجنوح، والشريعة الإسلامية وضعت تدابير وقائية وأخرى زجرية للتحرش الجنسي فالله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم يقول: (يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكي منكم من احد أبدا ولكن الله يزكى من يشاء والله سميع عليم). ومن الهدى النبوي المحمدي تحريم الخلوة بين الأجانب وتحريم النظرة الخائنة، وكل هذه الأمور وأشباهها وأمثالها تدابير وقائية للحيلولة دون وقوع الجريمة وهذا التفرد للشريعة الإسلامية يضاف إلى ذلك إعلاء الإجلال والإعظام لأحكام الله تعالى بحرمة ما يؤدى إلى الزنا، قال تعالى: ( ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب). أما التدابير الزجرية فعقوبة (التعزير) وهى عقوبة غير مقدرة يوقعها القاضي على المنتهك لحرمات الناس وحدود الله عز وجل حسب قدر الجريمة إما بالتوبيخ أو الحبس أو الضرب غير المهلك أو النفي وبهذا يعالج الإسلام جريمة التحرش الجنسي مع التوعية الدعوية بالترغيب والترهيب لتوعية المجترئين والمنفلتين والمستهينين وهذه المنظومة المتكاملة من التدابير الوقائية والزجرية صمام أمان وعلاج لظاهرة التحرش الجنسي سواء كان بالقول أو بالفعل أو حتى بالإشارة وهذا يدل على أن شرع الله تعالى لإشاعة الطهر والرخاء والحفاظ على آدمية وكرامة الإنسان يستوى في ذلك المسلم وغير المسلم.