ما مشروعية الجهر بالتكبير فى العيد فى المساجد بعد الصلوات المكتوبة، حيث تعارف الناس على أن الجهر بالتكبيرات ثلاثا أو أكثر وترًا بصيغة جماعية، ويريد بعض أئمة المساجد إلغاء التكبير جهرًا وجماعة ليكون سرًّا وفرادي؟ أجابت دار الإفتاء المصرية، قائلة: إن التكبير الجماعى عقب الصلوات المكتوبات مستحب شرعًا، بل هو من إظهار شعائر الله تعالي، وهو داخل فى عمومات النصوص القرآنية والأحاديث النبوية، وقد مضى عليه المسلمون سلفًا وخلفًا من غير نكير. ولا شك أن التكبير فى الجَمْعِ أظهرُ لشعائر الله تعالى وأرجى للقبول وأيقظُ للقلب وأجمعُ للهمة وأَدعى لاستشعار معناه؛ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “يَدُ اللهِ مع الجَماعةِ” رواه الترمذى وحسَّنه والنسائى عن ابن عباس رضى الله عنهما. وقد مضى عمل المسلمين سلفًا وخلفًا على الجهر بالتكبير فى عيد الأضحى من غير نكير، والطعن فى مشروعية ذلك اتهامٌ لعلماء الأمة بالجهل والضلال وهو أمر ينأى عنه كل عاقل. بل جاء عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم ما يدل على مطلَق الجهر بالتكبير فى العيدين؛ فعن الحسن بن على رضى الله عنهما قال: “أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن نلبس أجود ما نجد، وأن نتطيب بأجود ما نجد، وأن نضحى بأسمن ما نجد، والبقرة عن سبعة والجزور عن سبعة، وأن نُظهِرَ التكبير وعلينا السكينة والوقار” رواه البخاري. ما صيغة التكبير فى العيدين المشروعة؟ وما حكم زيادة الصلاة على النبى فى التكبير؟ أجابت دار الإفتاء: لم يرد فى صيغة التكبير شيء بخصوصه فى السنة المطهرة، ولكن درج بعض الصحابة منهم عبد الله بن مسعود رضى الله عنه على التكبير بصيغة:”الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد “ رواه ابن أبى شيبة فى المصنف بسند جيد، والأمر فيه على السعة، لأن النص الوارد فى ذلك مطلق وهو قوله تعالي: “وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ” [البقرة: 185 ]، والمطلق يؤخذ على إطلاقه حتى يأتى ما يقيده فى الشرع، ودرج المصريون من قديم الزمان على الصيغة المشهورة وهي: “الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر كبيرًا والحمد لله كثيرًا وسبحان الله بكرة وأصيلاً، لا إله إلا الله وحده صدق وعده ونصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد وعلى أصحاب سيدنا محمد وعلى أنصار سيدنا محمد وعلى أزواج سيدنا محمد وعلى ذرية سيدنا محمد وسلم تسليمًا كثيرًا”، وهى صيغة شرعية صحيحة قال عنها الإمام الشافعى رحمه الله تعالى فى كتابه الأم: “وإن كبر على ما يكبر عليه الناس اليوم فحسن، وإن زاد تكبيرًا فحسن، وما زاد مع هذا من ذكر الله أحببتُه”. وكما أن الصلاة والسلام على النبى صلى الله عليه وآله وسلم تَفْتَحُ للعمل بَابَ القَبُول فإنها مَقْبُولَةٌ أَبَدًا حتى من المنافق، لأنها مُتَعَلِّقَةٌ بالجناب الأجلِّ صلى الله عليه وآله وسلم. وعليه فصيغة التكبير التى جرت عليها عادة المصريين قديمًا وحديثًا صيغة مشروعة، ولا شك فى موافقتها للشرع الشريف، بل إن إدراج الصلاة على النبى صلى الله عليه وآله وسلم فيها يجعلها أفضل من غيرها من الصيغ، ونهيُ من نهى عنها غير صحيح لا يلتفت إليه ولا يعول عليه.