فى شارع 26 يوليو بمنطقة أبوالعلا، ووسط وكالة البلح وبالقرب من ميدان «الإسعاف»، كانت حتى وقت قريب تخطف أنظار المارة وقائدى السيارات بألوان «افيشاتها» الصارخة المرسومة «يدويا».. «سينما على بابا» من أقدم السينمات.. «الكورسال» أو سينما «الترسو» كما يطلق عليها. واليوم مع التطور الذى يطول منطقة وسط البلد، ومد خطوط مترو الأنفاق، صدرت قرارات بنزع الملكية الخاصة بهذه الأماكن للمنفعة العامة، وهدم مجموعة من المحلات التجارية وأيضا سينما «على بابا»، التى بناها مجموعة من رجال الأعمال فى أربعينات القرن الماضى. وفى المنطقة الشعبية تمثل «على بابا» معلماً مكانياً وتاريخياً مهماً لأهلها، وجذبت الفقراء من مختلف الأعمار على مدى عقود طويلة.. فهى تعرض ثلاث حفلات «فيلم عربى، هندى وآخر أجنبى»، بسعر زهيد لا يتعدى 15 جنيهًا، لذا كانت سينما درجة ثالثة تعرض أفلاما من مواسم سابقة فكانت «فسحة» ومصدر ثقافة فنية للبسطاء والعمال والحرفيين. رسم افيشاتها أسبوعيا له موظف مسئول، حسب ما قاله مصطفى شديد صاحب أحد المحلات الأقدم المجاورة لها، ولا يعرف مصطفى من أين أتى اسم «على بابا» إلا أن عددا من الروايات يشير إلى أن الجمهور هو من أطلقه عليها نظرا لكثرة مداخلها ودهاليزها وتشبه مغارة «على بابا». من جانبه، قال الناقد السينمائى طارق الشناوي: سينما «الكورسال» أحد المعالم التاريخية للسينما المصرية وكان ينبغى على الدولة أن تتدخل لمحاولة عدم هدمها من خلال وزارة الثقافة لانها تعد أثرا سينمائيا ينبغى الحفاظ عليه، فهى تنتمى لأربعينات القرن الماضى أى مواكبة للتطوير العمرانى لمنطقة وسط البلد «القاهرة الخديوية»، مما جعل طرازها المعمارى قريب الشبه إلى عمارات وسط البلد، إلا أن التدهور نال منها أخيرا ولم تطلها يد أى تطوير خلال السنوات الماضية. ولفت إلى أنها قديما كانت تعرض أفلاما عرض أول ولها جمهورها المميز، الا أن الطابع الشعبى للحى الذى تقع داخله فرض عليها نوعية جمهورها، وكانت «على بابا» وأقرانها صاحبة الفضل فى إطلاق لقب نجم «الترسو» على الفنان الراحل الكبير فريد شوقى فى مطلع الخمسينيات فكانت أفلامه لا تحقق إيرادات فى سينمات الدرجة الأولى لكنها تحصد نجاحا كبيرا حينما كانت تعرض بتلك السينما، لذلك أصبح شوقى نجم «الترسو» قبل أن يحصل على «البريمو«. وأوضح الشناوى: أن اختفاء سينمات الدرجة الثالثة بسبب ارتفاع أسعار الاراضى المقامة عليها، فيتم هدمها لاقامة عقارات وأبراج ومشاريع أخرى، كذلك تغيير الظروف الاقتصادية، بمعنى ان العمال الذين كانوا هم جمهور الدرجة الثالثة أصبحوا أصحاب القوة الشرائية الحقيقية فى السبعينيات والثمانينيات مع الانفتاح الاقتصادى وأصبح جمهور سينمات «ديانا» و«مترو» وغيرهما من أصحاب المهن «الصنايعية» وأصبح الموظف الذى كان يمثل جمهور الدرجة الأولى غير قادر على الذهاب إليها، ولكنه يحجم ايضا عن سينما الدرجة الثالثة، فبدأت فى الاندثار. واليوم ودع حى بولاق أبو العلا أحد معالمه التاريخية وأحد أماكن البهجة لسكانه وهى سينما «على بابا» التى ربما كل ما كانت تحتاجه هو قدر من الاهتمام والتطوير لتظل بقعة ضوء ثقافية وفنية فى المنطقة.