كانت أحد أهم أسباب قيامنا بالثورة هو رغبتنا فى القضاء على الواسطة والمحسوبية التي جعلت أرباع المواهب وليس أنصافها تتربع على مقاعد الصفوف الأمامية فى كل مجالات العمل بينما توارى الأكفاء إحباطا وعجزا. وبكل أسف أصيب بلاط صاحبة الجلالة بداء الواسطة.. وكلنا يعلم كيف كان هناك صحفيون يدخلون المؤسسات الصحفية القومية بالبراشوت أى بواسطة دون أن يكون لديهم أى معرفة بالعمل الصحفي ودون أن يمتلكون الموهبة التي تجعل الواحد منهم صاحب قلم ولعل أقسام الديسك والتصحيح فى المؤسسات القومية أكثر من يعاني من أمثال هؤلاء الذين ينصبون الفاعل ويرفعون المفعول به ويرتكبون أخطاء إملائية بالجملة والأبشع أن من بين هؤلاء من لا يعرف الفارق بين الشيعة والشيوعية بل قد يعتبرنى البعض مغاليه فى القول إذا قلت إن صحفيا سألنى يوما ما تعليقا على موضوع قمت بكتابته: هل محمد نجيب تولى الحكم بعد الملك فاروق أم قبله. لذلك لا أفهم سر غضب بعض الزملاء من معايير اختيار رؤساء التحرير التى جاءت بلا شك فى صالح المهنة ..أعرف أن رأيي لن يرضي البعض الذين قرروا مهاجمة المعايير انطلاقا من رغبتهم فى الهجوم على مجلس الشورى والإخوان واسأل هؤلاء هل كانت ترضيهم طريقة تعيين رؤساء التحرير فى السابق عندما كان المعيار الوحيد للاختيار مدى قربهم من النظام واستعداد معظمهم لتقبيل الأيادى وكتابة ما يرضي النظام وهؤلاء ليسوا بخافين على أحد. كما أنني غير مقتنعة بأن إقدام الزملاء على تقديم أوراق ترشحهم لشغل منصب رئيس التحرير تسىء إليهم، فالمفروض أن تقديم الأرشيف الصحفى هو الوسيلة الأكيدة لإثبات الكفاءات خصوصا وأن هناك طابور ممن حلموا بمنصب رؤساء التحرير أغضبهم هذا الشرط لأنهم لا يمتلكون هذا الأرشيف وإن كان لديهم فهو أرشيف فى التطبيل لنظام مبارك وفساده ولأن منهم من تفرغ للعمل خارج مؤسساتهم كنجوم إعلاميين فى مختلف القنوات الفضائية ولأن منهم من كان يكتفي بالتجسس على زملائه لحساب أمن الدولة وثل هؤلاء سيكون ارشيفهم شاهدا على فسادهم.
وفى يقيني أن شرط عدم عمل الصحفي المرشح كمستشار إعلامى فى أى مؤسسة حكومية هو شرط لا غبار عليه ويتفق وقانون نقابة الصحفيين الذى يحظر عمل الصحفي كمستشار إعلامى وإلا فكيف يمكن للصحفي أن ينشر الحقائق إذا كانت ستتعارض مع الوزير أو الجهة التى يعمل مندوبا لها ويتساوى مع هذا الشرط فى الأهمية شرط عدم خلط الإعلان بالخبر وهو ما نص عليه صراحة فى قانون الصحافة وتحديدا فى المادة 32 ونحن فى مجال العمل الصحفي نعلم جيدا كم أن هذا الخلط مستشريا للأسف مما أضاع الموضوعية والمصداقية وأصبح الصحفي مرادفا فى بعض الجهات لمندوب الإعلان إلا أن الأخير يؤدى وظيفته فى العلن والنور أما الصحفي الذي يطوع قلمه لمن يدفع فهو يعمل فى الظلام فهل يصلح مثل هذا النموذج لتولى منصب قيادي.
أما المطالبة بأن تقوم مجالس الإدارات باختيار رؤساء التحرير داخل إصداراتها فنحن نعلم أن هذا يفتح الباب لأن يتم الاختيار بناء على أسس غير موضوعية كما أن محكمة القضاء الإدارى أكدت أن الجمعيات العمومية للمؤسسات الصحفية لا دخل لها فى اختيار رؤساء التحرير وفقا للمادة 63 من قانون الصحافة.
وفى النهاية فإن الكثيرين يريدون فقط صب جام غضبهم على الإخوان الذين يريدون حسب قولهم السيطرة على المؤسسات الصحفية والانتقام من الصحفيين وأرى أن علينا كممارسين لمهنة تقوم على احترام الرأى والرأى الآخر أن نتناقش حول المعايير بعيدا عن التكييف السياسي لها.
المؤسف فى الاختلاف حول معايير الشورى هو إطلاق البعض لشائعة خصم 50% من أرباح العاملين فى المؤسسات القومية وتجييش أعداد من الزملاء للتظاهر ضد مجلس الشورى الذين نزلوا للتظاهر رافعين شعار عض قلبي ولا تعض رغيفي وهم لا يدركون أنه يتم استغلالهم لهدف آخر هو مهاجمة المعايير التي ستقضي على نموذج إعلام صفوت الشريف ومن جلس على مقعده. المزيد من مقالات سهير عبد الحميد