رئيس جامعة جنوب الوادي يستقبل نقيب المحامين ووفد النقابة العامة    مسابقة لشغل 9354 وظيفة معلم مساعد مادة «اللغة الإنجليزية»    المنطقة الغربية العسكرية تنظم لقاءً مع شيوخ وعواقل محافظة مطروح    مواعيد عمل المجمعات الاستهلاكية خلال العيد.. وأسعار الأضاحي    تكريم موظفة بديوان عام أسيوط من ذوي الهمم لتكريمها من رئيس الجمهورية    قفزة تاريخية في تحويلات المصريين بالخارج سجلت 26.4 مليار دولار    MIDBANK يجدد التزامه بالاستدامة والتحول الأخضر تزامنًا مع يوم البيئة العالمي    محافظ أسيوط يفتتح معرض اليوم الواحد لتوفير السلع الأساسية بأسعار مخفضة    الحكومة للمواطنين: جميع السلع متوفرة بالأسواق ولدينا مخزون استراتيجي كاف    وكيل «عربية النواب»: زيارة الرئيس السيسي للإمارات تجسد خصوصية العلاقة بين البلدين    عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وسط حراسة شرطة الاحتلال    يديعوت أحرنوت: حماس تعيد صياغة ردها على مقترح ويتكوف.. وأمريكا تتوقع إعلانا بحلول عيد الأضحى    زيمبابوي تقرر ذبح الفيلة وتوزع لحومها للاستهلاك البشري    تفاصيل العرض المالي الضخم ل إنزاجي في الهلال السعودي    «مباشرة لا عن طريق الملحق».. حسابات تأهل العراق ل كأس العالم 2026    خبر في الجول - أحمد رمضان يحصل على تأشيرة أمريكا.. وموقفه من السفر مع بعثة الأهلي    ختام امتحانات الشهادة الإعدادية بمحافظة البحيرة    أخبار الطقس في الكويت.. ارتفاع درجات الحرارة ورياح معتدلة السرعة    تحرير 911 مخالفة للممتنعين عن تركيب الملصق الإلكتروني    شركة مياه القليوبية ترفع درجة الاستعداد القصوى لاستقبال عيد الأضحى المبارك    تامر عاشور ضيف إسعاد يونس.. ثالث ورابع أيام العيد    في ذكرى ميلاده.. محمود عبد العزيز من بائع صحف إلى أحد عمالقة التمثيل    القومي لثقافة الطفل يحتفل بعيد الأضحى المبارك    أفضل الأدعية في يوم التروية    الصحة: 58 مركزًا لإجراء فحوصات المقبلين على الزواج خلال إجازة عيد الأضحى    محافظ أسيوط يشارك أطفال معهد الأورام فرحتهم بقرب حلول عيد الأضحى    مباحثات تركية أوروبية لتعزيز التعاون التجاري    أنشطة ثقافية ومسرح وسينما فعاليات مجانية لوزارة الثقافة فى العيد    خالد سليم يشارك جمهوره صورًا تجمعه بعمرو دياب وعدد من النجوم    «الداخلية»: مصرع 3 عناصر شديدة الخطورة في تبادل لإطلاق النار مع الشرطة بأسيوط    جبران: حريصون على استقلالية النقابات وترسيخ ثقافة الحقوق والحريات    الجباس: بيراميدز بطل الدوري هذا الموسم.. ومواجهة الزمالك أصعب من صن داونز    الرعاية الصحية: نتطلع من خلال التعاون مع شركة انطلاق إلى تعزيز مكانة مصر كمركز إقليمي للتميز الطبي والسياحة العلاجية    رئيس جامعة مطروح يهنئ السيسي بعيد الأضحى المبارك    رئيس جامعة القاهرة يتفقد الامتحانات بكليات الاقتصاد والعلوم السياسية والآداب والإعلام    تذاكر مجانية ومقاعد مخصصة.. تعرف على تسهيلات السكة الحديد لكبار السن 2025    «الطفل 14 عاما والطفلة 17 عاما».. «الطفولة والأمومة» يبلغ النيابة العامة في واقعة خطوبة طفلين بالغربية    أيام الرحمة والمغفرة.. ننشر نص خطبة الجمعة المقبلة    «اللهم املأ أَيامنا فرحًا ونصرًا وعزة».. نص خطبة عيد الأَضحى المبارك 1446 ه    تكبيرات عيد الأضحى 2025.. تعرف على حكم التكبير فى العيدين بصيغة الصلاة على النبى    نقيب المحامين يوجّه بمتابعة التحقيقات في واقعة مقتل محامي كفر الشيخ    مليون شخص يتوافدون إلى مكة في أول أيام مناسك الحج (صور)    اليوم.. توقف عمل آلية المساعدات الإنسانية في غزة والمدعومة من واشنطن    زلزال بقوة 5.3 درجة يضرب جزيرة سيرام الإندونيسية    سعر الدولار اليوم الأربعاء 4 يونيو 2025    جلسة بين زد ومحمد شوقي لتولي تدريب الفريق خلفًا لحمادة صدقي    مصرع شخص وإصابة 13 آخرين إثر انقلاب ميكروباص بالصحراوي الغربي في أسيوط    موعد إعلان نتيجة الصف الثالث الإعدادي 2025 في الجيزة ترم ثاني    طريقة عمل الكول سلو، أشهر سلطة أمريكية وبأقل التكاليف    حظك اليوم الأربعاء 4 يونيو وتوقعات الأبراج    كامل الوزير: انتقال زيزو للأهلي احتراف .. وهذا ما يحتاجه الزمالك في الوقت الحالي    وزير خارجية إيران: تخصيب اليورانيوم داخل أراضينا هو خطنا الأحمر    رشوان توفيق عن الراحلة سميحة أيوب: «مسابتنيش في حلوة ولا مرة»    ظهور وزير الرياضة في عزاء والدة عمرو الجنايني عضو لجنة التخطيط بالزمالك (صور)    أبرزهم شغل عيال وعالم تانى.. أفلام ينتظر أحمد حاتم عرضها    «الإفتاء» تنشر صيغة دعاء الخروج من مكة والتوجه إلى منى    "چبتو فارما" تستقبل وزير خارجية بنين لتعزيز التعاون الدوائي الإفريقي    ماهر فرغلي: تنظيم الإخوان في مصر انهار بشكل كبير والدولة قضت على مكاتبهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شهادة براءة عبد الناصر

التاريخ نعمة تفوق في قيمتها كنوز الدنيا للجادين الذين يُحسنون تدبره واستخلاص عبره وتعاليمه، ونقمة، بل لعنة، لمَن يسيئون معاملته ولا يُجيدون النظر فيه، ويتلاعبون به باستهانة تثير الأعصاب، وعندما يُستدعى التاريخ في واقعة من الوقائع لاستغلاله كأداة هجومية أو دفاعية فنحن مدعوون للانتباه إلى أن الاستدعاء له شروطه ومحاذيره ومخاطره، وإلا سيكون البديل إحداث فتن لا قبل لنا بها وستنزل على رءوسنا كالصاعقة، خاصة لدى مرور الأوطان بمفترق طرق يلزم معه الاتزان والابتعاد قدر الاستطاعة عما يُفرق ويُشتت الأذهان ويحدث ارتباكا وانقسامات اجتماعية لا لزوم لها ولا عائد يرجى من ورائها.
القاعدة السابقة لها شواهدها الحاضرة في المشهد العام خلال الأيام الماضية، وتابعنا جميعا فصولها عن قرب، ومنها ذلك الجدل العقيم المتصاعد، حول ما ورد ضمن أحداث الجزء الثانى من مسلسل الجماعة للمؤلف وحيد حامد، إذ أن الأنظار كلها تركزت على الإجابة عن السؤال الصعب، هل كان الزعيم جمال عبد الناصر اخوانيا؟!
بلغت الاختلافات مبلغها بين الفريقين المؤيد والمعارض لما ذكره وحيد حامد، وعلى عجل تم الرجوع لمذكرات فلان ومقولات علان المؤكدة والداحضة لصلة عبد الناصر الرمز الوطنى الشامخ بجماعة متطرفة تأسست على العنف والتطرف والرغبة في بناء دولة على مقاسها، ولا تؤمن بفكرة الوطن من الأصل، ووسط المعمعة والتراشق المتبادل لم أر تحاورا بين الفرقاء، وإنما مبالغة لا وصف لها في التطاحن والتنابذ، وانتقائية بائسة من صفحات التاريخ دعما وتدليلا على صحة موقف الرافضين والمؤيدين الذين تفرغوا لإظهار الآخر في صورة الحاقد وغير المنصف والمتطاول على قامة من قامات الوطن الكبرى المشهود لها بالوطنية والنزاهة والتجرد.
الغريب أننا وجهنا تركيزنا الكامل باتجاه جزئية عابرة في المسلسل ولم نتنبه لكارثة ماثلة أمام عيوننا فيه، هي أنه حسبما فهمت فان الهدف من العمل الدرامى هو تعرية الأفكار الشاذة والأنانية للجماعة الإرهابية وادمانها العنف والقتل والترهيب، لكن الآية انقلبت وخرج المسلسل في شكل يبدو معه وكأنه عمل دعائى للإخوان الذين أضحوا المحرك لمجريات الأمور في مصر قبل وبعد ثورة 1952، وبدون دراية وربما بحسن نية جرى عرض تفصيلى لأفكار سيد قطب بما فيها من تكفير للمجتمع، وجواز استخدام العنف لحماية الجماعة من الملاحقة والتفكك، واغتيال المخالفين للجماعة لأنهم من الطواغيت الجبارين وهو المسلك نفسه الذى يسيرون عليه حتى الآن، ويبدو في عملياتهم القذرة الدنيئة ضد أفراد وضباط القوات المسلحة والشرطة المدنية، وأحدثها وقع أمس بمقتل ضابط شرطة في هجوم على سيارة تابعة للأمن المركزى وقت تناول السحور.
كنت آمل، عوضا عن الترويج للإخوان بهذه الصورة المستفزة، أن يستعرض العمل تاريخهم العريض في التلاعب وتزييف التاريخ لخدمة أغراضهم في الوثوب للسلطة والتنعم بمزاياها العينية وغير العينية، فهم من أكثر المتلاعبين بالتاريخ، ومصابون بداء عضال لا شفاء منه اسمه الانكار، فهم مظلومون ومضطهدون ومسالمون وبعيدون كل البعد عن اشعال الفتن والقلاقل في المجتمعات العربية والغربية، ويبغون الصلاح والإصلاح، وأنهم وللعجب الترياق المضمونة فعاليته لعلاج لدغات أفاعي التطرف.
حالة الانكار التاريخى تلك كانت حاضرة أيضا وبقوة في الأزمة الناشبة أخيرا مع قطر، ودفعت عدة دول عربية وغير عربية لقطع علاقاتها الدبلوماسية مع الدوحة، وفرض عزلة عليها، بعد استنفاد كل السبل معها لجعلها تتوقف عن دعم الإرهاب والمحرضين عليه، ومعظمهم من قيادات الجماعة الإرهابية، فالقطريون أنكروا أى صلة لهم بالإرهاب مع أن الوثائق والقرائن تكشف دورهم الطليعى في دعمه وتمويله، ومحاولة اغتيال قادة عرب، مثل العاهل السعودى الراحل الملك عبد الله، والرئيس الأسبق حسنى مبارك في أديس أبابا في 1995، وأنها تُحارب لأن الاخرين يغارون منها ومن نجاحاتها، وواصلت السير على طريق العناد وادعاء المظلومية عبر معول الهدم والتخريب المسمى قناة الجزيرة التي استخدمت كمخلب قط لتأجيج الأوضاع الداخلية في مصر وبقية البلدان العربية كسوريا والعراق واليمن.
ومن الملاحظات الجديرة بالتوقف عندها والتمعن بها في قضية استدعاء التاريخ أننا لا نحسن التعاطى مع النص التاريخى ولا نقدره التقدير المستحق، بسبب التحيز الشديد والأعمى لشخصية ما، أو تيار ما على حساب الحقيقة، فخلال السجالات التي لم تكتب نهايتها بعد بشأن تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية «تيران وصنافير» عقدت جلسات في البرلمان لمناقشة الموضوع وإقرار الاتفاقية المبرمة بين القاهرة والرياض، وفى احدى هذه المناقشات قالت نائبة إن عبد الناصر اعترف بتبعية الجزيرتين للسعودية وانهما وديعة لدى مصر، فما كان من احد النواب إلا أن رد عليها ردا عنيفا ملخصه أن عبد الناصر لا يمكن أن يقول مثل هذا الكلام، وتدخل بعض النواب لمنعه من الاقتراب من النائبة في لحظة انفعاله خشية حدوث ما لا تحمد عقباه, فالنائب لم يكن يبحث سوى عن شهادة براءة عبد الناصر مما نسب إليه ويشتم منه التفريط في تراب الوطن الغالى.
وفى أثناء المناقشات البرلمانية لم يبد كل طرف الاحترام الواجب والمتوقع للأسانيد التاريخية المطروحة في سياق مقارعة الحجة بالحجة، والرأى بالرأى، لكن ما لمسناه كان استهانة بالنص التاريخى دون التدقيق فيه، والصياح والبكاء والعويل، وزاد من حدة تلك الخاصية أن الحكومة لم تطرح ما لديها من وثائق ومستندات بشكل جيد، بينما طغت وباستفزاز حوارات التخوين والعمالة على المشهد، وحار المواطن البسيط بين المعسكرين لا يدرى أيهما على صواب أو على خطأ. للمرة المليون نثبت عدم اجادتنا قراءة التاريخ وتقديره حق تقدير، وإن تصادف وقرأناه فإننا لا نفهمه ولا نستفيد منه فإلى متى سوف يستمر هذا الحال ؟
[email protected]
لمزيد من مقالات محمد إبراهيم الدسوقي;


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.