واشنطن عزت إبراهيم: بعد ساعات يستقبل الرئيس محمد مرسي وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون في أول زيارة لمسئول رفيع- علي هذا المستوي - من إدارة الرئيس باراك أوباما للقاهرة بعد انتخابات الرئاسة المصرية. الزيارة تحمل أهمية أبعد من مجرد التهنئة والتعارف إلي بحث قضايا عاجلة وملحة تتعلق بدعم مصر اقتصاديا ووجهة النظر الأمريكية في الوضع الداخلي المصري, والسياسة الخارجية للحكم الجديد وموقفه من المصالح الأمريكية المباشرة, والعلاقات المصرية-الإسرائيلية والموقف من الحرب علي الإرهاب في ظل خلافات داخلية حول مساحة التقارب مع مصر في المرحلة المقبلة, وهو ما كشفت عنه زيارة نائب كلينتون في مطلع الأسبوع الحالي تلك الزيارة التي أكدت, أيضا, التوجه الأمريكي بالانفتاح علي حكومة جديدة مدنية يسيطر عليها التيار الإسلامي في مصر رغم تحفظات تيارات سياسية في الداخل الأمريكي. تصريحات المسئولين الأمريكيين في اليومين الماضيين كشفت عن فجوة كبيرة إزاء التعامل مع رئيس أو حكومة ينتميان لجماعة الإخوان المسلمين في مصر فيما يتعلق بدرجة الثقة التي يمكن أن توليها مؤسسات أمريكية- خاصة الكونجرس- لبناء علاقة إستراتيجية مع مؤسسة الرئاسة المصرية الجديدة. واقع الحال, جاءت تصريحات المتحدث باسم البيت الأبيض يوم الإثنين حول قيام وليام بيرنز نائب هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية بتوجيه الدعوة للرئيس محمد مرسي لزيارة الولاياتالمتحدة, وتقليله من تصريح المتحدث باسم الرئاسة المصرية بشأن دعوة زيارة واشنطن في سبتمبر المقبل- علي هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة- بمثابة المؤشر الواضح علي أجواء مرتبكة في الحكومة الأمريكية رغم حضور بيرنز إلي القاهرة بشبه توافق علي الرسائل التي يمكن توجيهها للرئيس الجديد لتهدئة المخاوف وفتح صفحة جديدة مع الرئاسة المصرية تراعي الأبعاد الداخلية والإقليمية المتصلة بالأمن القومي الأمريكي. وتشير مصادر أمريكية إلي وجود صراع حول بناء رؤية موحدة للتعامل مع الرئيس المصري الجديد نتيجة الاختلاف بين أطراف سياسية مختلفة, حيث مازال الجناح الشاب في مجلس الأمن القومي الأمريكي ينحاز إلي موقفه المبدئي في أيام الثورة المصرية في العام الماضي من حيث الوقوف إلي جانب ظهور مؤسسات مدنية منتخبة مع تبني علاقة عملية مع الحكم الجديد في مصر تقوم علي تحقيق مصالح الأمن القومي الأمريكي بوضوح شديد من خلال شراكة إستراتيجية جديدة. والتيار السابق هو من حسم موقف الإدارة الأمريكية في قضية التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني ويري أن بناء علاقة مع القاهرة تقوم علي الاحترام المتبادل والمساعدة في بناء مؤسسات الحكم المدنية أهم من الدخول في مواجهة سياسية غير مجدية في قضية بها ثغرات كثيرة. كما أن هناك تيارا غالبا في وزارة الخارجية الأمريكية يري في تطمينات جماعة الإخوان المسلمين ثم النهج المعتدل للرئيس مرسي في حملته الانتخابية وحرصه علي التأكيد علي صيانة المعاهدات الدولية التي وقعتها مصر هو الضمانة وأن الحكم يكون علي الأفعال لا الأقوال وهو التعبير الذي استخدمه المتحدثون الأمريكيون مرارا وتكرارا في الآونة الأخيرة في الإجابة علي إتجاهات التعامل مع الرئيس الجديد في مصر. في المقابل, تقول تمارا ويتس مدير مركز سابان في معهد بروكنجز للأبحاث, ونائب مساعد وزير الخارجية الأمريكية السابقة, ل الأهرام إن الولاياتالمتحدة تجد صعوبة في الدخول في علاقة ارتباط مع الرئيس الجديد... ولا أستطيع أن أقول إن هناك إنقساما داخليا بشأن العلاقة الجديدة ولكن هناك حالة من عدم اليقين إزاء السياسات التي سوف يتبعها الرئيس مرسي. وتشير ويتس إلي أن الرسائل التي يمكن أن تحملها هيلاري كلينتون للرئيس مرسي تتمثل في ثلاثة تعهدات رئيسية وهي: اتباع سياسة توحد كل القوي السياسية في مصر وراءه, واحترام حقوق المرأة والأقليات وإظهار الاحترام للمعاهدات الدولية التي وقعتها مصر في الماضي. وقد أجرت الخارجية الأمريكية في الأيام الأخيرة مشاورات مع الكونجرس من أجل إتمام صفقة مبادلة الديون والتي تقدر بمليار دولار والتي سيتم توجيهها لصندوق استثماري خاص في مصر, وهو ما سبق ان وعدت به الولاياتالمتحدة في حال تولي حكومة منتخبة للسلطة. وتأتي خطوة تحريك ملف مبادلة الديون ضمن حزمة من الإجراءات الأمريكية لمساعدة الحكم الجديد في مصر ومن بينها دعم موقف مصر أمام صندوق النقد الدولي للحصول علي قرض يصل إلي3.5 مليار دولار.