كتب محمد يوسف تهامي وهبة سعيد: أكد فقهاء دستوريون أن قرار المحكمة الدستورية العليا بوقف قرار رئيس الجمهورية بعودة البرلمان, تأكيد لتنفيذ حكمها السابق ببطلان انتخابات مجلس الشعب , لأنها قاضي تنفيذ وهو حكم بات ونهائي وعنوان الحقيقة, ولا يجوز الطعن عليه بأي صورة ولا يجوز ردها أو إحالة الموضوع للنقض, أو استشكال في تنفيذه, فلا مفر أمام الدكتور مرسي ولا مناص أمامه سوي تنفيذ حكم الدستورية العليا. وقال الدكتور رأفت فودة رئيس قسم القانون العام بحقوق القاهرة, إن المحكمة انعقدت بصفتها قاضي تنفيذ في منازعة تنفيذ رفعت إليها طبقا لقانون المحكمة الدستورية العليا والحكم الصادر من المحكمة هو في موضوع يدخل في اختصاصها ولا يدخل في اختصاص سواها طبقا للمادة05 من قانون المحكمة الدستورية العليا والمعروف طبقا لقانون المرافعات المدنية والتجارية, كذلك طبقا لقانون المحكمة الدستورية, أن أي منازعة في تنفيذ حكم يكون مقبولا شكلا أو موضوعا إلا أمام المحكمة نفسها التي أصدرت الحكم, وعليه جاء انعقاد المحكمة صحيحا قانونا ولا شأن لها بموضوع التفسير هنا, فالتفسير له قواعده الخاصة الإجرائية كما أن جهات معينة علي رأسها وزير العدل هي التي تطلب التفسير من المحكمة, ويري فودة أنه ليس أمام رئيس الدولة وهو موظف عام ورأس السلطة التنفيذية إلا تطبيق حكم الدستورية بحسن نية طبقا لمنطوق حيثيات هذا الحكم, ولا يجوز الالتفاف حوله مرة ثانية, كما فعل بالنسبة لحكم بطلان مجلس الشعب وإلا تأكد للشعب الذي اختاره أنه لا يحترم أحكام القضاء ذروة سنام الدولة القانونية ويقع بذلك تحت طائلة القانون, وأوضح فودة أن منازعة التنفيذ تكون بنص القانون لنفس الهيئة التي أصدرت الحكم ولا يجوز بناء علي ذلك ردها لأننا بصدد منازعة تنفيذ وليست منازعة أصلية ومع ذلك حتي لو قيل بجواز ردها فللمحكمة السلطة الكاملة في قبول الرد من عدمه, وهي وإن حكمت أول أمس برفض قرار رئيس الجمهورية بعودة البرلمان فهذا يعني أنها رفضت طلب الرد واحكام المحكمة الدستورية ملزمة للكافة وليس بها إشكالات تنفيذ حسب نص قانون المحكمة الدستورية ولذلك لم يستشكل في حكمها الأول, بل رفعت دعوي تشكل منازعة في تنفيذ هذا الحكم وانتهت بحكم نهائي في الشق العاجل بوقف القرار برمته. من جانبه, شدد المستشار الدكتور أحمد حامد البدري نائب رئيس محكمة النقض, أن المحكمة الدستورية العليا تختص دون غيرها بالفصل في مدي دستورية القوانين واللوائح وتفسيرها, وأن ما صدر عنها بوقف قرار رئيس الجمهورية بعودة مجلس الشعب هو من اختصاصها الأصيل, إذ أن ما عرض عليها من طعون علي قرار رئيس الجمهورية بوقف قرار حل مجلس الشعب يدخل في اختصاصها بحسبان أنها المختصة بكل ما يتعلق من منازعات في شأن الأحكام الصادرة عنها ومن ثم فهو من اختصاصها. وأكد البدري أنه أصبح من المحتم تنفيذ هذا الحكم المتضمن بطلان انتخابات مجلس الشعب والذي أصبح منعدما منذ تاريخ نشره في الجريدة الرسمية, ويري البدري أنه يتعين إجراء انتخابات تشريعية جديدة وسيكون ذلك فور الانتهاء من الاستفتاء علي الدستور الجديد, وأضاف البدري أنه عموما الحكم الصادر من المحكمة الدستورية نهائي وبات ولا يجوز الطعن عليه بأي صورة ولا يجوز الاستشكال فيه ولا وقف تنفيذه وانما هو حكم أصبح عنوان الحقيقة وبات ملزما لكل السلطات في الدولة, وفيما يتعلق بإرسال مجلس الشعب لحكم الدستورية الي محكمة النقض للفصل في صحة عضوية اعضاء مجلس الشعب, يري نائب رئيس محكمة النقض أن هذه الحالة تخرج عن اختصاص محكمة النقض بحسبان أن الأخيرة تختص بالفصل في صحة عضوية أعضاء مجلس الشعب, أما ما صدر عن الدستورية فهو حكم ببطلان انتخابات مجلس الشعب استنادا الي عدم دستورية بعض نصوص قانون مجلس الشعب التي جرت الانتخابات في ظلها, وهو ما يعد اختصاصا أصيلا منعقدا للمحكمة الدستورية دون غيرها للفصل فيه, خاصة أن محكمة النقض قضت بسقوط العديد من الطعون الانتخابية التي رفعت طعنا علي نتيجة انتخابات مجلس الشعب الأخيرة استنادا الي ما قضت به المحكمة الدستورية العليا من عدم دستورية مواد قانون مجلس الشعب التي جرت الانتخابات التشريعية الأخيرة في ظلها, وعليه فلن يكن هناك صدام بين محكمة النقض والمحكمة الدستورية العليا. من جانبه, أشار الدكتور سيد طه بدوي أستاذ القانون بحقوق القاهرة, الي أن المحكمة الدستورية تفصل في الدعاوي الدستورية المرفوعة أمامها ببيان مدي دستورية القوانين من عدمها, كما أنها يكون لها الحق في تفسير أي حكم صادر عنها بناء علي طلب يقدم اليها بالتفسير فضلا عن أن اختصاصها بالنظر في العقبات التي تعترض تنفيذ أحكامها بناء علي المادة05 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بإنشائها عام9791 وبالتالي فإن انعقادها للنظر في القرار الجمهوري الصادر بعودة البرلمان يعتبر عقبة في سبيل تنفيذ حكمها الصادر سابقا بحل البرلمان, فقرارها الصادر بعدم تنفيذ قرار رئيس الجمهورية يعتبر حكما ولا معقب عليه من أحد حتي لو كانت محكمة النقض, وأوضح بدوي أن محكمة النقض تختص فقط بصحة عضوية أعضاء البرلمان ويجب أن يقدم هذا الطلب اليها بصحة العضوية خلال03 يوما من تاريخ إعلان النتائج النهائية للانتخابات البرلمانية, وبذلك يكون الميعاد علي فرض اختصاص محكمة النقض قد فات أيضا, وأكد بدوي أن المتاح أمام الدكتور مرسي تجاه قرار الدستورية بوقف قراره بعودة البرلمان لا يكون إلا خيارا واحدا فقط, هو تنفيذ القرار الأخير من المحكمة الدستورية العليا حتي تعود للدولة سيادة القانون, وحتي تستقر الأمور وتحترم أحكام القضاء لأن الدولة المصرية بعد الثورة تعاني من انهيار شديد من حيث احترام القوانين واحكام القضاء حتي يعود للنظام السياسي المصري قوته القانونية التي تدعمه وتحميه في المستقبل وحتي لا نفتح المجال علي مصراعيه للتنصل من تنفيذ أحكام القضاء أيا كانت المنازعة المرفوعة, سواء كانت دستورية أم مدنية أم جنائية أم إدارية. من جهته وصف الفقيه الدستوري ثروت بدوي قرار المحكمة الدستورية بوقف تنفيذ قرار الرئيس بعودة مجلس الشعب بالانهيار الدستوري الكامل للقضاء المصري وانهيار دولة القانون. علي جانب آخر قال الدكتور محمود كبيش عميد كلية الحقوق جامعة القاهرة إن حكم المحكمة الدستورية واجب التنفيذ فيما يخص بطلان تشكيل مجلس الشعب ويعتبر قرار الرئيس محمد مرسي منعدم حتي لا نشعر أننا في دولة الاستبداد التي لا تخضع لقواعد وقوانين, بل إننا في دولة القانون التي لابد أن تحترم قواعد الدولة المدنية التي تتسم بالديمقراطية.