الحكاية الشعبية كما تقول الدكتورة «نبيلة إبراهيم» فى كتابها «الدراسة الشعبية بين النظرية والتطبيق» هى الوسيلة الجذابة، الطريفة، التى يعبر بها الإنسان عن أفكاره الفلسفية. وهذه الحكايات تنتقل من جيل إلى جيل عبر المستوى الشفاهى أو المكتوب، وتعتبر جزءاً من الثقافة الإنسانية. وقارة أفريقيا غنية بالحكايات الشعبية، خاصة لدى قبائل الهوسا، فمن هم الهوسا؟ وما معنى هذا الإسم؟ وما أهم حكاياتهم الشعبية؟ كلمة هوسا «hausa»تتكون من مقطعين كل منها مستقل بذاته،«hau» ويعنى يركب أو يصعد، و«سا sa» أى ثور البقر، ومعنى الكلمة كاملا «راكب ثور البقر»، ويرمز للشجاعة، فلم تكن ظاهرة «ركوب ثور البقر » معروفة للسكان الأصليين، لكنه جاء إلى بلادهم من بلاد الشرق مع «أبو يزيد» وهو يركب ثور البقر ومن هنا نشأ الإسم. واختلف الباحثون منذ القدم حول أصل سلالة الهوسا، فتارة ينسبهم البعض للمصريين القدماء، وتارة لقبائل عربية مهاجرة من اليمن، وتارة يرجعونهم لأصول زنجية، وتارة يكون أصلهم الأرض المسماة حاليا بلاد الهوسا. وكما ورد فى كتاب «أخبار الهوسا وجيرانهم» الجزء الأول، ينسبون أنفسهم فى رواياتهم الحديثة إلى رجل اسمه «بيازيد» ابن أمير بغداد. وكلمة الهوسا تطلق على الشعوب والقبائل الواقعة بين «مملكة برنو» والمنطقة الواقعة فى الضفة الغربية لنهر نيجيريا غربا، ومن حدود «مملكة أهير » شمالا إلى حدود نهر بينوى جنوبا، وهى قبائل تنتشر فى «كانو» و«سوكوتو» و«زاريا» و«باوتشي» و«كاتسينا» و«برنو» و«زمفرا» و«جومبي»، والهوسا من أكبر قبائل نيجيريا، وعرفوا الإسلام على يد «عثمان ابن فوديو» بداية القرن التاسع عشر 1804م، وعلى الرغم من دخولهم الإسلام، إلا أن بعضهم مازال يعتقد بعادات وشعائر وثنية مثل إيمانهم بقدرة الكاهن على معالجتهم، وتغيير مسار الطبيعة، وتحويل الإنسان لحيوان، ومن أغرب عاداتهم فى يوم السبوع حلق شعر رأس الطفل وقطع جزء من «لسان المزمار » اعتقادا منهم أنه قد يطول فيتسبب فى إعاقة دخول الطعام إلى الجوف. لكن كثيرا من المعتقدات الشاذة والغرائبية بدأت تتوارى فى الآونة الأخيرة بسبب التقدم وزيادة الوعى الدينى والمعرفى لدى الهوساويين. حول هذه القبائل وحكاياتها قدمت الدكتورة «نادية عبد الفتاح الباجوري» كتابها «الحكايات الشعبية عند الهوسا فى نيجيريا» الصادر عن الهيئة العامة للكتاب فى 2015، وهو دراسة فى الأنثروبولوجيا الثقافية، وعبر ستة فصول عرضت «نادية الباجوري» لعلاقة الأنثربولوجيا الثقافية بالأدب الشعبى والحكاية الشعبية، والعادات والطقوس عند الهوسا فى الزواج والمسكن والولادة والتسمية والطلاق والوفاة والميراث والمعتقدات والأعياد، ووظائف هذه الحكايات سواء السياسية أوالدينية من خلال أكثر من خمسين حكاية شعبية. ولأن التراث الإنسانى يتشابه رغم التنوع الجغرافى نجد الكثير من حكايات الهوسا الشعبية يشابه حكايات من التراث الشعبى المصرى أو العربى وحتى الأوروبى والآسيوي، فحكاية سندريلا أو قصة الحذاء الزجاجية الصغيرة، تلك الحكاية الخرافية للأطفال التى لم تخل ثقافة منها كانت عند الهوسا باسم «الزرع الذى يحبه الله سوف ينبت ولو بدون ماء»، أو حكاية «النبى والشيطان»، لكننا نجد أيضا حكايات خاصة جدا للهوسا مثل «ماء الشفاء» وهى تتحدث عن رجل متزوج بامرأتين له من كل واحدة بنتا. وكذلك نجد الحيوانات والجن فى أغلب القصص الشعبية، وعالم ما بعد الموت والأساطير، والأماكن كالغابة، متسعا للحكى كانت كذلك حكايات الهوسا الشعبية التى جاءت فى القصص والروايات وحكايات السمر والحدوتة. وحكايات الهوسا لم تخل من الرمزية ، وراوى الحكايات الشعبية فى الغالب عندهم هن عجائز النساء. وشغلت الحكايات الشعبية اهتمام الباحثين وحفزت فكر العلماء وأثارت خيال الأدباء خاصة فى مجال المأثورات الشعبية والفلولكلور بصفة عامة، لما تحمله من خصائص فنية ولذة ثقافية تفردت بها عن غيرها من ألوان الأدب الشعبى.