من أجمل البلاد التى يمكن أن تزورها فى حياتك هى دولة «المدينة»سنغافورة، التى تتكون من مدينة واحدة مقسمة إلى أحياء، تماما مثل الكويت التى هى عبارة عن مدينة مقسمة إلى أحياء يطلقون عليها تجاوزا «محافظات». وتبلغ مساحة سنغافورة نحو 710 كيلو مترات مربعة، وعدد سكانها حاليا نحو 5.5 مليون نسمة نحو 15% منهم من المسلمين ويتوقع أن تصل النسبة إلى 27 فى عام 2050 فى حين تشكل البوذية نحو 33% من السكان والمسيحية 18% والتاوية نحو 11% والهندوسية نحو 5%. وأغلب مسلمى سنغافورة من السنة، ويوجد أقلية من الشيعة والطائفة الأحمدية، وقد سمحت لى الظروف بأن أزور «الحى العربي» فى سنغافورة الواقع فى قلب المدينة ويتميز بطراز معمارى جميل يحمل الطابع العربى والشرقي، وفى قلب هذا الحى يقع أكبر مساجد سنغافورة وهو مسجد «السلطان» وهو أيضا واحد من أقدم المساجد فى البلاد، وتم إعادة بنائه فى عام 1928، وحول المسجد توجد محال تجارية تبيع الأطعمة الحلال ومقاه على الطراز العربي. وقد عرف الإسلام طريقه إلى سنغافورة من خلال التجار المسلمين الذين وصلوا إلى ماليزيا، حيث كانت سنغافورة جزءا منها قبل عام 1959، والتجار المسلمون الذين وصلوا إلى أندونيسيا فى أثناء رحلاتهم التجارية إلى الشرق الأقصى والصين، حيث توقفت سفنهم فى ميناء سنغافورة التى كانت منذ القدم ميناء تجاريا عالميا مهما تمر من خلاله السفن التجارية من وإلى دول آسيا، وقد استقلت سنغافورة عن الاتحاد الماليزى فى عام 1965، وأصبحت دولة مستقلة تقوم على التعدد الدينى والعرقى وأجمل ما تلمسه حاليا فى شعب سنغافورة هو التسامح والتفاهم وقدرته الراقية على التعايش السلمى بين كل الأعراق والأديان التى تتشكل منها الدولة. وعندما دعانا وزير الدولة المتجول لدى الدول العربية السفير زين العابدين إلى الغداء والنقاش حول أوضاع المسلمين فى هذا البلد المتقدم سألته عن أهم أسرار تقدم سنغافورة، قال على الفور وبلا تردد، إن أحد أهم تلك الأسرار هو قدرة شعب سنغافورة على التعايش السلمى معا، بالرغم من اختلاف الأديان والأعراق، مشيرا إلى أن ذلك لم يكن سهلا فى البداية، وكما تعرف فقد وقعت صدامات بين المسلمين وغيرهم فى بداية عقد الستينيات من القرن ال 20، ووقع ضحايا، ولكن مؤسس دولة سنغافورة «لى خوان يو» كان رجل دولة بارعا وضع أسس المساواة والتسامح، والعيش المشترك، وهكذا نجحت سنغافورة ليس فقط فى احتواء الاختلافات الدينية والعرقية، ولكن فى إحراز تقدم أبهر العالم بعد ذلك بعقود قليلة.