رمضان هو شهر الانتصارات للأمة الإسلامية، وكانت غزوة بدر من أعظم هذه الانتصارات، وتعد غزوة بدر الكبرى أول معركة في الإسلام قامت بين الحق والباطل؛ لذلك سميت يوم الفرقان، وستظل مَعلَمًا عريقًا، ودستورا منيرا، والدرس الأكبر في انتصار الفئة القليلة على الفئة الكثيرة بإذن الله والله مع الصابرين، قال الله تعالى: «وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ» [سورة آل عمران آية 123 وقعت غزوة بدر يوم السابع عشر من رمضان في العام الأول الهجري، ولولا أن الله سبحانه وتعالي كتب للمسلمين النصر في هذا اليوم، ما قامت للإسلام قائمة، وهذا بنص كلام الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم» إن تهلك هذه العصابة لن تعبد في الأرض بعد اليوم»، وكان انتصار المسلمين في هذا اليوم من عند الله عز وجل، فكان عدد المسلمين 314 مجاهدا، وكان عدد الكفار ما يقرب من 950 مقاتلا، لكن الله عز وجل كتب النصر للمسلمين، لتمكين الإسلام في قلوب هؤلاء الرجال، الذين تعرضوا للمحن والشدائد، فقد ترك المهاجرون مكة، بعد أن تعرضوا للظلم والطغيان، فكان انتصار بدر، نقطة البداية لفتح مكة . ويقول الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، إن بدر هو يوم فرقان من الله عز وجل للمسلمين، الذين ظلوا يتحملون العنت والظلم والطغيان، وهو إعلاء لقيمة الجهاد المشروع في سبيل الله عز وجل، فبعد أزمة واضطهاد جاء الفرج من الله تعالي، ومن هنا كانت بدر هي وقود الجهاد المشروع، للذود عن الأرض والعرض والمال، فهي الإلهام لقادة التحرير الوطني في كل زمان ومكان . وجعل الله عز وجل أهل بدر في مكانة لا تضارع، وقال عنهم الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم «إن الله اطلع علي أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم»، وكان من هدي النبي الكريم صلي الله عليه وسلم، في دفن موتي الصحابة وآل البيت رضي الله عنهم، أنه كان يقدم الذي شهد بدرا كرامة له، وتضم مصر وتحديدا في البهنسا بمركز بني مزار بمحافظة المنيا، بعض الذين شهدوا بدرا وحضروا فتح مصر . ويشير الدكتور عبد المقصود باشا، أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية بجامعة الأزهر، أنه عندما هاجر الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم، من مكةالمكرمة إلي المدينةالمنورة، وأقام الدولة في المدينة، أدركت قريش أن المسلمين أصبحوا قوة في الجزيرة العربية، وعندما علم المسلمون بعودة قافلة قريش من الشام، تحرك جيش المسلمين، وأثناء سير جيش المسلمين، علم أبو سفيان الذي كان علي رأس قافلة قريش بذلك، فغير اتجاه العودة إلي مكة، وخرجت قريش برجالها لملاقاة المسلمين . موضحا أنه عندما علم الرسول صلي الله عليه وسلم، بأن قريشا خرجت للقتال، استشار أصحابه، وأطاعوه فيما أمره الله سبحانه تعالي، فقال لهم الرسول الكريم «سيروا علي بركة الله فإن الله وعدني احدي الطائفتين والله لكأنى أنظر إلي مصارع القوم»، وأراد الله عز وجل أن يجمع المسلمين بقريش في بدر، وهذا قول الله تعالي» إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ» الآية (42) سورة الأنفال. وهجم المشركون علي صفوف المسلمين، وصاح الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم قائلا» والذي نفس محمد بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر إلا أدخله الله الجنة»، فهجم المسلمون علي المشركين، وكان الرسول صلي الله عليه وسلم يحث المؤمنين علي القتال ويناجي ربه قائلا» اللهم نصرك الذي وعدتني»، وقد أتم الله النصر للمسلمين، وانتهت المعركة بسبعين قتيلا وسبعين أسيرا من المشركين، واستشهد 14 شهيدا من المسلمين، وأمر الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم، بدفن الشهداء من المسلمين، ووقف أمام قتلي المشركين، وقال لهم» هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا»، فقال له الصحابة، أتكلم قوما موتي يا رسول الله، فقال لهم الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم « لقد علموا أن ما وعدهم ربهم حقا»، وبذلك كانت بدر هي أعظم انتصارات المسلمين، ومهدت الطريق لينتشر الإسلام، وتتحقق الفتوحات العظيمة، بل كانت بدر هي بداية الطريق لفتح مكة.