لم يستمر غموض الموقف الأمريكي ومحاولات تغطية التواطؤ مع إسرائيل لشن عدوان يونيو 1967 وقتا طويلا والدليل علي ذلك أنه بدلا من أن توجه واشنطن اللوم لتل أبيب حول مسئولياتها عن شن عدوانها الواسع ضد مصر وسوريا والأردن في 5 يونيو عام 1967 خاصة وأن دين راسك وزير الخارجية كان قد أكد مرارا- قبل 5 يونيو- أن المسئولية ستقع علي من يبدأ الحرب, فإن الرئيس جونسون عمد إلي الإدلاء بتصريحات عقب تأكده من تفوق إسرائيل, بأنه لا يشاطر دين راسك هذا الرأي.. وبقي الرئيس الفرنسي شارل ديجول هو الزعيم الوحيد في العالم الذي استمسك بكلمته في هذا المجال وحدد سياسة فرنسا علي أساسها! وهكذا بدأت تخفت لغة الالتزام الأمريكي الذي كان يتردد كل ساعة, وكل لحظة عشية الحرب بأن واشنطن تؤكد وحدة وسلامة جميع أراضي دول المنطقة, لكي لا تجبر إسرائيل- بعد نجاح عدوانها- علي التخلي عن الأراضي التي استولت عليها... ولم يعد يصدر عن واشنطن أي إشارة لضرورة احترام اتفاقيات الهدنة لعام 1949, وما يترتب عليها من أوضاع ينبغي الحفاظ عليها إلي حين التوصل إلي تسوية سياسية شاملة. وإذا كانت بعض سحب الدخان من مخلفات حرب يونيو 1967 مازالت تغطي بعض سماواتنا العربية حيث مازالت هضبة الجولان السورية والضفة الغربية تحت الاحتلال فإن ذلك لا ينبغي أن يدفع بنا باتجاه خنادق اليأس, وإنما يحتم علينا أن ننطلق نحو شواطئ الأمل مسلحين بفكر جديد يساعد علي إزالة سحب الدخان واستعادة كل ما ضاع منا في يونيو.1967 ونقطة البداية تكون بإدراك عاجل, وصحيح أن أخطاءنا وحدها لم تكن سبب الهزيمة وإنما كانت هناك قوة الخصوم الذين تحالفوا بشراسة ضدنا! وظني أن المهمة بالغة الصعوبة وشديدة التعقيد.. ولكنها أبدا ليست مستحيلة! وغدا نواصل الحديث..