فيما يبدو فإن تسريب الرسالة آلتي بعث بها الرئيس الأمريكي الأسبق ليندون جينسون إلي رئيس وزراء إسرائيل ليفي أشكول في شهر مايو عام1967 ووصولها إلي موسكو لكي يتولي الاتحاد السوفيتي- تلقائيا- إبلاغها إلي مصر كانت لعبة خبيثة مرتبة بذكاء لإيهام القاهرةوموسكو علي حد سواء من خلال إيهامهما بأن الحل العسكري للنزاع القائم ليس واردا حيث تضمنت الرسالة- المسربة- أمرين أساسيين هما: إن الولاياتالمتحدةالأمريكية لن تساند أي عمل عسكري عدواني يمكن أن تقوم به إسرائيل ردا علي الخطوة المصرية المفاجئة بسحب قوات الطوارئ الدولية من سيناء وبما يعني أن ملف الأزمة يمكن أن يبقي مفتوحا لفترة طويلة تتمكن خلالها الدبلوماسية الأمريكية من احتواء الأزمة ومنع نشوب الحرب. إن الولاياتالمتحدةالأمريكية لديها شك في قدرة إسرائيل علي حسم هذا الصراع لصالحها بالوسائل العسكرية وأنها لذلك تبرئ ذمتها مقدما من أي نتائج قد تترتب علي المقامرة الإسرائيلية ردا علي المقامرة المصرية التي كانت قد بدأت بالفعل! كانت الفقرة الخادعة في خطاب جونسون إلي أشكول والتي تولي السوفيت إبلاغها لمصر في الحال تقول بالحرف الواحد: ولاشك أنك تدرك بأنه لا يسعني أن أتحمل أية مسئوليات باسم الولاياتالمتحدة عن مواقف تنشأ نتيجة لأعمال لم نستشر فيها. وقد ظل الأمريكيون يرددون هذه الفقرة الخادعة في تبرير موقفهم السلبي من استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية بدعوي أن مصر لم تستشرهم قبل طلب سحب القوات الدولية الذي اتبعته بخطوة إغلاق الخليج, وكذلك لم تستشرهم إسرائيل قبل شن الحرب.. مع أن كل الشواهد, تؤكد أن واشنطن وتل أبيب خططتا ببراعة لهذا العدوان عبر القنوات السرية بين المخابرات المركزية الأمريكية وجهاز الموساد الإسرائيلي. وعلينا أن نتذكر دائما أنه في ظل هذه الأجواء المضطربة بلعت مصر الطعم دون أن تدري! وذلك درس بالغ الأهمية ينبغي أن نضعه نصب أعيننا ونحن نتحسب خطواتنا لكي تبقي أفعالنا وردود أفعالنا رهن إرادتنا وحدنا! وغدا نواصل الحديث خير الكلام: من يرتفع علي سواعد غيره يسقط عندما تتخلي عنه السواعد التي تحمله! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله