مع بداية القرن العشرين كانت تقاليد المآتم تقضى إقامة ثلاثة أيام للرجال ومثلها للنساء ، وكان لابد لإحياء ليالى المأتم من قارئات نساء ، ثم توسعن فى القراءة خارج المآتم ،ففى عهد محمد على باشا، أحيت الشيخة » أم محمد« ليالى فى قصور مسئولى الدولة ، وفى النصف الأول من القرن العشرين عرفت قارئات أمثال الشيخة كريمة العدلية ونبوية النحاس ومنيرة عبده، وسكينة حسن التى لها تسجيل نادر تقرأ فيه سورة طه بصوتها الجميل، و الشيخة مبروكة التى لها تسجيل عمره مائة عام ترتل فيه أول آيات سورة الإسراء. يقول إبراهيم عنانى -عضو إتحاد المؤرخين العرب- تم اعتماد 30 قارئة فى الاذاعة المصرية عام 1934 بعد الإعلان عن مسابقة لقبول قارئات جديدات. وتقدمت كثيرات للاختبار من مختلف المناطق والمؤهلات الدراسية، حتى إن كثيرات منهن لسن أزهريات ونجحن بتفوق، والغريب أن يتم هذا فى وقت كان محرماً على المرأة التعليم والعمل، وبرزت من الأصوات النسائية الطيبة الشيخة منيرة عبده التى بدأت القراءة وعمرها 18 عاماً، وكانت لها جماهيرية فى العالم العربى ، وكان أجرها قريباً من أجر مشاهير القراء آنذاك. من أشهر القارئات أيضا كريمة العدلية وزوجها الشيخ على محمود الذى كان أستاذاً للموسيقى العربية، وكلاهما كفيفان، وحرصت كريمة على أداء صلاة الفجر فى مسجد الحسين لتتمكن من الإستماع إلى محمود وهو يرفع الأذان، وكان هو يفضل صوت كريمة على كثير من القراء الرجال. أيضا سكينة حسن التى كانت ممن سجلن القرآن الكريم على أسطوانات ، ويبدو أنه صدرت فتوى تحرم هذه التسجيلات ،فانتقلت من تلاوة القرآن الكريم إلى غناء القصائد . يتابع عناني:«مع بدء الإذاعة المصرية عام 1934، كانت منيرة عبده فى طليعة الذين رتلوا القرآن بأجر قدره 5 جنيهات، فى وقت كان الشيخ محمد رفعت يتقاضى 10 جنيهات، لكنها اصطدمت بفتوى ظهرت مع دقات طبول الحرب العالمية الثانية، مفادها أن» «صوت المرأة عورة». ولم تكن النساء يقرأن القران فى الإذاعة فقط، بل يذكر المعاصرون إن قارئات القرآن فى ربوع مصر كن بالمئات وأخذن حظاً طيباً من الشهرة، وفى عام 1939 ظهرت قارئة جديدة هى الشيخة منيرة أحمد المصرى التى قدمتها الإذاعة فى منتصف 1940، ومن المفارقة أن الإذاعة كانت فى رمضان تحجب تلاوات القارئات المعتمدات من قبل الإذاعة ! استمرت تلاوة المرأة للقرآن فى حفلات وتجمعات عامة وخاصة حتى عام 1973 إلى أن توفيت آخر سيدة رتلت القرآن الكريم وهى الشيخة نبوية النحاس .