المعروف يمثل العرف السليم والقواعد الاجتماعية التفصيلية فى التعامل بين الزوجين والتعامل داخل الأسرة عموما, ويمثل أيضا دستورا عائليا واجتماعيا غير مكتوب, ولذلك يصبح ضروريا فى التعامل بين الزوجين بما يشكله من حدود ومعايير للسلوك والعلاقة. ويوضح الدكتور محمد المهدى، أستاذ الطب النفسى بجامعة الأزهر، أن المعروف هو المتوسط الحسابى الذى يستبعد التطرف والمبالغة فى سلوكيات الزوج أو الزوجة ويجعل كلا منهما يعرف إذا كان قد تجاوز الحدود ودخل فى المنطقة الحمراء المرفوضة أو المستهجنة اجتماعيا أم أنه مازال فى المنطقة الخضراء الآمنة. وهو يشكل حكما فى الخلافات أو النزاعات بين الزوجين, أو هو المسطرة التى نقيس بها الأقوال والأفعال حتى نردها إلى وضعها الطبيعى فى الدستور الأخلاقى والاجتماعي. ولذلك ورد فى القرآن الكريم قاعدة مهمة فى العلاقة الزوجية وهى “فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان”, والمعروف فى الاصطلاح الاجتماعى يكاد يكون مرادفا لكل ما هو خير وإيجابى وحسن, وهذا هو الحد الأدنى المطلوب لاستمرار العلاقة الزوجية, فقد لا يجد الزوجان الحب أو السعادة فى حياتهما لسبب أو لآخر ولكن مع ذلك قد تستمر الحياة بينهما بالمعروف. أما إذا انفلت أحد الزوجين أو كلاهما من قاعدة ومعايير المعروف, فإن الحياة بينهما بالتأكيد ستضطرب حيث يلجأ كل منهما إلى ميوله وأهوائه, وهنا يصعب ضبط إيقاع العلاقة بين الزوجين لأنهما فقدا قواعد التعامل بالمعروف وانهار دستور الحياة بينهما. فالأصل فى العلاقة بين الزوجين المودة والحب والتفاهم، وحينها يكون العطاء بلا حدود وتتدفق المشاعر دون توقف ويتم غض الطرف عن جميع النقائص والعيوب، ولكن ماذا لو غاب الحب وتسلل الفتور والكراهية من قبل طرف تجاه الآخر، خاصة إذا كانا فى منتصف العمر أو بعد طول عشرة ووجود أولاد، ماذا يبقى بينهما، إنها الرحمة التى عبر عنها القرآن الكريم فى قوله تعالى “وجعلنا بينكم مودة ورحمة”، لذا قال بعض العلماء إنه حتى إذا غابت المودة بين الزوجين فلا ينبغى أن تغيب الرحمة. وبالإجمال فقد أوصى الله عز وجل الأزواج بحسن معاشرة الزوجات، فقال تعالى “وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا” فالزوجة وإن غاب الحب نحوها من قبل الزوج، ليس معنى ذلك أن تنتهى الحياة بينهما، فليس بالحب وحده تقوم البيوت، والمعاشرة بالمعروف يتسع فيها العطاء والصبر وتحمل الطرف الآخر.