خلال زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى الى واشنطن أخيرا ظهرت استراتيجية التنمية المستدامة- رؤية مصر 2030 باعتبارها «وثيقة» مهمة سوف يحاسبنا العالم على ما تم إنجازه منها أولا بأول لانها تشكل خريطة الطريق التى تستهدف تعظيم الاستفادة من المقومات والمزايا التنافسية، وهى اول استراتيجية يتم صياغتها وفقا لمنهجية التخطيط الاستراتيجى بعيد المدى والتخطيط بالمشاركة، وتتضمن أهدافا شاملة لكافة قطاعات الدولة فى مصر .. سأل المسئولون الأمريكيون أقرانهم المصريين عن الاستراتيجية وهناك دول كثيرة ستحكم علينا من نجاحنا أو فشلنا فى التطبيق! مجموعة البنك الدولى تقوم على سبيل المثال بعملية مراجعة دورية بشكل شهرى فى الدول التى تنفذ استراتيجيات التنمية المستدامة. وحسب الدكتور محمود محيى الدين نائب رئيس البنك الدولي، فى حوار أخير، من المهم أن يحدث تطور شهرى ويومى فى تنفيذ تلك الاستراتيجية.. وبالفعل الحكومات التى تنفذها تهتم بالأمر، ومصر كانت ضمن 22 دولة عرضت نواياها فى البنك الدولى، وفى الأممالمتحدة بشأن تلك الاستراتيجية فى منتصف العام الماضى. ومن المفترض أن تتم مراجعة دورية فى مصر لمدى التقدم فى تنفيذ بنود وأهداف تلك الاستراتيجة.. وهذه المراجعة يجب أن يتم عرضها على الحكومة وعلى مجلس النواب بشكل سنوى. والبنك الدولى أعد أطلسا خاصا لكل الدول المنفذة لهذه الاستراتيجية. من حيث التعامل بجدية، ستتم عملية مراجعة لاستراتيجية 2030 فى مؤتمر الشباب فى يوليو المقبل- حسب مصادر متعددة. فى قاعة اتسعت لعدد محدود من كبار الشخصيات العامة والصحفيين بدعوة من الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط ،قدم أحد مسئولى الوزارة عرضا لكيفية تدفق المعلومات من قطاعات متعددة وطرق تصنيفها، فعلى سبيل المثال تتدفق بيانات المواليد مع اسمائهم والمناطق التابعين لها فى نفس اللحظة التى يتم فيها تسجيل المولود الجديد فى مكتب الصحة وتقوم برامج الكمبيوتر على مدى الساعة بعملية تحليل هائلة للبيانات المتوافرة من أجل الاستفادة بها فى قطاعات حيوية مثل التعليم والصحة ورأينا أيضا كيف تتدفق بيانات مخزونات الأدوية على قاعدة معلومات الوزارة من أجل الاستفادة بها فى تحديد ما تحتاجه السوق المصرية بدقة.. قاعدة البيانات مذهلة وتمثل نقلة نوعية هائلة فى كيفية التعاطى مع المعلومات فى مصر وتمنح طمأنينة أن هناك مدخلات جيدة لاتخاذ قرارات صائبة فى الوقت المناسب . لكن التخطيط فى مصر، رغم ما سبق، مازال غريبا لأسباب كثيرة أهمها غياب الإصلاح الإدارى لعقود طويلة. ما تحاول وزارة التخطيط تحقيقه اليوم هو نفسه ما شكونا منه سنوات طوالا.. بمعنى أن الدولة كانت تفتقر إلى ترتيب الأولويات، واعتمادا على البيانات المتكاملة من كل الوزارات يمكن اليوم الوصول الى خطة سليمة.. خذ على سبيل المثال مسألة »ميكنة التعداد السكاني« فهى تستهدف امتلاك الدولة منظومة حديثة لكل ما هو موجود على الأرض بما ينعكس على تطوير التخطيط وتدبير الاحتياجات على أسس علنية ومثلما قالت هالة السعيد منح أولوية للقطاعات الأكثر أهمية. الوصول الى هدف النمو الموضوع فى الاستراتيجية الوطنية، وهو يبلغ 8 % فى مقابل أقل من 4% الآن والهدف الاكبر هو أن نصل إلى المرتبة ال 30 بين الاقتصاديات الدولية، وفى هذا الصدد قال الدكتور عبد المنعم سعيد إن تحقيق تلك النقلة النوعية وتوظيف الكم غير المسبوق من المعلومات يحتاج الى »تصنيف« و«تحليل« .. فكيف نصل إلى 8 % مسألة مفصلية ضمن قضايا مفصلية أخرى مثل كيف تختار الدولة القيادات وكيف نعالج التضخم الذى وصل إلى 32 % منوها إلى أن المجتمع الدولى بدأ يثق فى معلوماتنا، وهو أمر عظيم لكننا فى حاجة لأن نكسب »معركة الوعي« فى مصر عن طريق التوصيل الجيد للمعلومات إلى الرأى العام الداخلي. دور متابعة تنفيذ الاستراتيجية يقع على عاتق أجهزة الدولة والمثقفين فلابد من دق ناقوس الخطر مبكرا حتى لا يتوه الهدف ونجلس بعد عام أو عامين نحدث أنفسنا: هل استراتيجية 2030 تصلح أم لا تصلح ؟! وهل هى واقعية أم غير واقعية؟! بصراحة، فكرت فى هذا الامر كثيرا وصارحت به وزيرة التخطيط والحضور فى اللقاء الثرى ضاربا المثل بما جرى فى مداولات قانون الاستثمار الجديد حيث افتقر الأمر إلى التنسيق وتحديد الأولويات بين خمس وزارات دفعة واحدة، ولم تتفق فى مجلس الوزراء فخرج مشروع القانون إلى مجلس النواب ليكون عرضة لتغييرات كثيرة لم يرض عنها البعض بينما فى الأصل كان لابد من رؤية مخططة لأهداف الخطة الاستثمارية للدولة، ولم أعثر فيما قيل تعقيبا على ما طرحته ما يطمئن إلى التعامل الرشيد مع مقتضيات التنسيق بين الوزارات، مثلما نتمنى جميعاً، وصولا الى تطبيق شبه كامل لاستراتيجية 2030 التى ولدت على يد فريق محترف يمتلك كل أدوات العلم والتفوق بشهادة كل من أطلع على الاستراتيجية فى المحافل الدولية.. .... القالب القديم فى التفكير والتخطيط لابد من كسره فالزمن لا يرحم .. ونحن فى سباق ضد الزمن! [email protected] لمزيد من مقالات عزت ابراهيم;