الجريمة التي ارتكبها مستشار « بدرجة رئيس محكمة» في مدينة نصر بقتله مجندا عقب مشادة مع خطيبته ، تجسد بوضوح أمراضنا الاجتماعية التي استشرت في السنوات الاخيرة، من الشك القاتل بعضنا فى بعض، بسبب أنعدام الثقة، والتي خلقت سلوكا عدوانيا عنيفا ، لمجرد عدم وضوح الهوية وغموض الشخصية وتوقع الايذاء من الاخرين طوال الوقت ، ليس لسبب سوي وجود أعداء وكارهين للوطن والمواطنين يعيشون بيننا، يتحركون وسطنا، قد يكون أحدهم انتحاريا أو من الذئاب المنفردة، أو فتاة ضمن خلية انتحارية تنقل التكليفات وتتستر علي الارهابيين، كما حدث في جريمة تفجير الكنيسة البطرسية بالعباسية، فما حدث ويحدث جعل الشك يفترس الكثيرين، ويزيد من انتشاره كم الشائعات التي تبثها الكتائب الالكترونية للجماعة علي وسائل التواصل الاجتماعي، والتي أصبحت مصدرا للفوضي والارتباك، ناهيك عن الضغوط الحياتية والارتفاع الجنوني للأسعار مما جعل هناك حالة من التوتر والعصبية التي تقود للعنف الدامي ، ومن ثم جاءت جريمة قاضى مدينة نصر في هذا السياق ، ليس تبريرا أو دفاعا ولكن توضيحا لصورة أصبحت «قاتمة» اختلطت فيها الرؤية ما بين الحقيقة والضلال، فاذا كان قاضي المنصة «المتهم» بالقتل يشك في وجود شقة «مشبوهة» بالعقار يتردد عليها عناصر إخوانية منذ اعتصام رابعة العدوية، فكان يجب علي سيادته أبلاغ الاجهزة المعنية فورا ، وليس الانتظار طيلة هذا الوقت للتحقق بنفسه والتورط في جريمة قد تكلفه مستقبله الوظيفي وسنوات من عمره خلف القضبان، كما كان علي خطيبة المجند القتيل أن تكشف للقاضي عن هويتها بدلا من ردها «وأنت مالك» الذي زاد من شكوكه ؛؛ نعم مطلوب من الجميع أن يكون ايجابيا في الابلاغ الفوري عن أي مشبوه خاصة لو كان إرهابيا، دون أن نفقد الثقة في جميع من حولنا ، ولكن ليس معني ذلك اغتصاب سلطات الاخرين، كما يجب علي المصادر الامنية توفير معلومات سريعة ومؤكدة عن بعض الاحداث التي يمكن تأويلها، بدلا من خروج روايات متضاربة تثير الشكوك أكثر من توضيح الحقيقة، حفاظا علي مصداقية الشرطة وحيادها، وكسب ثقة المواطن وهي مهمة تستحق كثيرا من الجهد والاهتمام. [email protected] لمزيد من مقالات مريد صبحى