أردوغان فوق بركان لأن قرابة نصف الشعب يغلى من الغضب والرفض والاستنكار لمسرحية تمرير التعديلات الدستورية التى ألمح الاتحاد الأوروبى إلى وجود عمليات تزوير واسعة فى عملية التصويت ورغم ذلك فإن أردوغان يبدى فرحا بما يعتبره إنجازا تاريخيا يمكنه من البقاء فى الحكم بسلطات منفردة ومطلقة حتى عام 2029. ومن يطالع المشهد التركى بعيون محايدة لن يستعصى عليه رؤية الدوامة التى تعيشها تركيا حيث تشعر النخب السياسية بالألم والتمزق المشوب بالحسرة على محاولة إعادة عقارب الساعة إلى الوراء إلى ما قبل ثورة الزعيم التركى المؤسس للجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك قبل نحو 100 عام مضت. ومعنى ذلك أن الهدوء الظاهرى على سطح المشهد التركى أشبه بالهدوء الذى يسبق العاصفة خصوصا على جبهة النزاع مع الأكراد حيث الأوضاع مهددة بنشوب اشتباكات مسلحة فى مناطق التماس التى يعتبرها كل منهما مواقع ضرورية لأمنه وهى مواقع لم تعد مقصورة على الداخل التركى فقط وإنما امتد بها أردوغان بحماقاته إلى مواقع الأكراد فى سوريا والعراق. ولعل ما يزيد من تعقيدات الوضع التركى واحتمالية تفجر الحمم السياسية من بركان الغضب الشعبى أن أردوغان مازال متعاميا عن قراءة الواقع الدولى الراهن حيث لا يمكن لأى بلد أن يحجب أوضاعه الداخلية وأوضاعه الجغرافية عن مستجدات ومتغيرات فى المعادلة الدولية تفرض عليه التزامات تقيد حركته بعد الذى استحدثه دونالد ترامب من توجهات جديدة فى السياسة الخارجية الأمريكية. أتحدث عن بركان سياسى حقيقى تنتظره تركيا بين لحظة وأخرى ومن السذاجة أن يسعى أردوغان وحزبه والقوى المشايعة له إلى تصوير المشهد الراهن بأنه مجرد تكرار للمعادلة المعتادة بين الأحزاب بهدف إخفاء ما بدأ يتسرب من دخان الفوران الشعبى ومحاولة محاصرة هذا الدخان حتى يتبدد الحماس وتفتر الهمم اعتمادا على سياسة تكثيف الضباب الفكرى وتعمية الناس عن رؤية الحقيقة! خير الكلام: ليس العاقل من يعرف الخير من الشر.. وإنما العاقل من يعرف خير الشرين ! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله;